أكدت أوساط الرئاسة الفرنسية لـ «الحياة» أمس أن «من أهداف اجتماع «مجموعة الدعم الدولية» للبنان في باريس اليوم الإتاحة للحكومة اللبنانية أن تعمل في ظروف جيدة عندما يتم إقرار بيانها الوزاري والسماح للبنان أن يحمي نفسه من الأزمة السورية، خصوصاً أن مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية يعرض لبنان للمخاطر». (للمزيد) وفيما ساد الجمود على صعيد مساعي تذليل الخلافات بين قوى «14 آذار» وقوى «8 آذار» حول فقرة المقاومة ودور الدولة ومرجعيتها في البيان الوزاري، بدأ الوفد اللبناني برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لقاءاته في العاصمة الفرنسية التي وصلها بعد ظهر أمس، فاجتمع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى نظيره اللبناني جبران باسيل. وقال باسيل لـ «الحياة» بعد اللقاء: «شعرنا أن هناك اتفاقاً كاملاً على المواضيع التي بحثناها، وهم مهتمون باستقرار لبنان. وشرحنا له ببساطة ما وصلنا إليه بالنسبة الى الوضع الداخلي والحكومة». أضاف: «قلت لفابيوس إن مسؤوليتنا في لبنان هي أن نتوصل الى خطة واضحة في الحكومة من أجل مصلحة كل اللبنانيين». وتابع: «طلبت أيضاً من فابيوس تحييد لبنان عن أزمة أوكرانيا». وقال باسيل لـ «الحياة» إنه على قناعة أن الفرقاء اللبنانيين سيتوصلون الى اتفاق حول البيان الوزاري و»أن الأمور ستتقدم في لبنان». وقال مصدر فرنسي مطلع إن فابيوس أبدى اهتماماً كبيراً بأن تصل الحكومة الى اتفاق على البيان الوزاري، لأن هذا البيان سيعكس وحدة اللبنانيين في الحكومة. وشدد فابيوس على ضرورة احترام موعد انتخاب رئيس الجمهورية. وتناول مع باسيل مسألة اللاجئين السوريين في لبنان ومساهمة فرنسا بهذا الموضوع عبر المفوضية العليا للاجئين، وزيادة مساهمتها في الصندوق الائتماني الدولي في قطاعي التربية ومكافحة الفقر، وأيضاً للمناطق اللبنانية المضيفة لهؤلاء النازحين. وتناول اللقاء الثنائي أيضاً موضوع دعم الجيش اللبناني. وقالت أوساط الرئاسة الفرنسية إن «المجموعة الدولية بحاجة الى روسيا وإلى التوافق الدولي حول لبنان. ومن المهم التأكيد على أن موضوع الخلاف مع روسيا موضوع مختلف عن لبنان». إلا أن الأوساط الرئاسية الفرنسية التي أشارت الى أنه سيتم رصد مبالغ في الصندوق الائتماني الذي أنشئ لمساعدة لبنان على مواجهة عبء النازحين السوريين وآثاره على الاقتصاد، قالت إنه «في غياب خطة حكومية لمواجهة هذا العبء فإن أي مبلغ يتم إقراره لن يساعد على التعامل مع المشكلة». وإذ ذكّرت بالجهود التي بذلتها فرنسا من أجل الدفع لتشكيل الحكومة الجديدة عبر تعبئة الشركاء الإقليميين لحث اللبنانيين على تفعيل المؤسسات اللبنانية، فإنها شددت على أن «الحض على التوافق لا يعني أنه ينبغي أن يكون بأي كلفة...». وأشارت الأوساط نفسها الى انتقال أعمال اجتماع مجموعة الدعم الدولية من مقر وزارة الخارجية الفرنسية الى القصر الرئاسي في الإليزيه حيث سيلقي الرئيسان فرنسوا هولاند وسليمان كلمتين عوضاً عن مؤتمر صحافي مشترك. ويشارك في المؤتمر وزراء خارجية أميركا، بريطانيا، روسيا، ألمانيا، إيطاليا، النروج، فنلندا والمملكة العربية السعودية، باعتبار الدول الثلاث الأخيرة بادرت الى التبرع بأموال دعماً للبنان، إن عبر الصندوق الائتماني أو لتجهيز جيشه وتسليحه كما فعلت السعودية. وفي وقت تراجع السجال بين «حزب الله» وهجومه على الرئيس سليمان ومواقفه الأخيرة من المعادلات الخشبية التي قصد فيها تمسك الحزب بمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة» في البيان الوزاري، وبين المدافعين عن رئيس الجمهورية، خصوصاً في قوى «14 آذار»، نقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام عنه تفاؤله بإمكان التوصل الى تفاهم حول البيان الوزاري ضمن المهلة الدستورية لإنجازه في 15 الشهر الجاري. إلا أن «حزب الله» واصل أمس دفاعه عن ذكر حق المقاومة في البيان الوزاري. وبعد أن كان الحزب ربط في السابق تحقيق الاستحقاق الرئاسي بتشكيل الحكومة، عاد ليربط الاستحقاق بإنجاز البيان الوزاري، واعتبر نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أنه «لن تنفع عرقلة البيان في القفز فوق ثابتة المقاومة ولنكسب الوقت لمصلحة الاستحقاق الرئاسي»، كما قال النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله إن إنجاز البيان الوزاري وقيام الحكومة بمسؤولياتها يفتحان الباب أمام الانتخابات الرئاسية. واعتبر رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون أمس أن مهمة الحكومة إنجاز الاستحقاق الرئاسي ودعا الجميع الى «التعقل وعدم إضاعة الوقت في نقاشات عقيمة فالمقاومة تستمد شرعيتها من الاحتلال...». وانتقد الحرب الكلامية على البيان الوزاري. وعلى الصعيد الأمني، استمر مسلسل سقوط القذائف على مناطق بقاعية جراء الحرب الدائرة في منطقة يبرود السورية، وأخذ قصف الطيران السوري لمواقع أخرى لبنانية أبعاداً خطيرة. وتعرض البقاع الشمالي لليوم الثاني على التوالي لقصف صاروخي من الجانب السوري، وسقطت عصراً 3 صواريخ من نوع «غراد» بين المنازل في بلدة اللبوة اقتصرت أضرارها على الماديات. وتبنى تنظيم «داعش» إطلاق الصواريخ على اللبوة «رداً على مشاركة «حزب الله» في معارك يبرود»، عبر موقعه على «تويتر». وكان 4 أشخاص جرحوا أول من أمس بعد سقوط ثمانية صواريخ أطلقت من الجانب السوري في البقاع الشمالي، وأعلنت «جبهة النصرة في لبنان» مسؤوليتها عنها. وأدى القصف على اللبوة الى نزول بعض الأهالي الى الشارع فأقفلوا الطريق بين البلدة وعرسال بالسواتر الترابية. وقال تلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله» إن القذائف انطلقت من جرود عرسال وسقطت في اللبوة وليس من الأراضي السورية ومنطقة القلمون. وأعاد الجيش فتح الطريق مساء بعد تدخله لدى أهالي اللبوة، وبعد أن حطم بعض الأهالي بالعصي السيارات التي حاولت عبور اللبوة وهي قادمة من عرسال، بحراسة بعض المسلحين. وفي المقابل، أطلقت مروحية سورية 5 صواريخ على وادي الأرنب ووادي الرعيان في عرسال من دون وقوع إصابات.
مشاركة :