عواصم - وكالات - استمر التصعيد الكلامي الأميركي - الروسي، على خلفية النزاع السوري، حيث أكدت واشنطن، أمس، أنها لن تُسقط الخيار العسكري، كاحتمال تدرسه لمواجهة الانزلاق الكامل للعملية السياسية، بعد أن لوّحت موسكو بوضوح، بأن أي ضربة أميركية للنظام السوري، ستعترضها أنظمة الصواريخ الروسية، وستجعل قوات موسكو على الأرض في نطاق العملية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي: «نحن مستمرون في حوار نشط في الحكومة الأميركية حول الخيارات المتاحة أمامنا في خصوص سورية، وليس كل هذه الخيارات تدور حول الديبلوماسية، وقد تابعتُ التصريحات الصادرة عن موسكو، لكن رغم تلك التصريحات ستستمر الحكومة الأميركية في نقاشاتها». البيت الأبيض بدوره، لوّح بإمكان فرض عقوبات على روسيا والنظام السوري وحلفائهما، خارج مجلس الأمن، بسبب عقبة الفيتو الروسي، الذي قد يمنع أي مبادرة من هذا النوع داخل الأمم المتحدة. وذكر الناطق باسمه جوش إرنست، أن «البيت الأبيض لن يستبعد جهودا متعددة الأطراف خارج الأمم المتحدة لفرض تكلفة على روسيا وسورية، وغيرهما بالنسبة للوضع في حلب»، مذكّراً بأن الولايات المتحدة قامت بذلك في الماضي «ولن ترفع ذلك من على الطاولة مستقبلا». وأكمل إرنست، أن «الولايات المتحدة أصيبت بخيبة أمل لكيفية استخدام روسيا، وفي بعض الحالات الصين، لحق (النقض) الفيتو في مجلس الأمن، بهدف تقليل المساعي الدولية الرامية إلى تخفيض العنف في سورية. وأحزننا لأنهما استخدما حق النقض دفاعا عن (الرئيس بشار) الأسد»، لافتاً إلى ان هناك نقاشات واسعة حول إصلاح مجلس الأمن وتوسيعه، وأن بلاده تؤيد الخطوات التي ستجعل الأمم المتحدة أكثر فعالية وتمثيلية. يذكر أن روسيا استخدمت «الفيتو» 4 مرات، خلال السنوات القليلة الماضية، لمنع تمرير قرارات معينة حول سورية، وللمرة الأخيرة، في مايو 2014 حيث رفضت إحالة القضية السورية إلى المحكمة الجنائية الدولية. في سياق مواز، طالب وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، أمس، بتحقيق حول «جرائم حرب» يستهدف النظام السوري وحليفته روسيا، بعد ضربة جديدة على مستشفى في مدينة حلب. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي، جان مارك إيرولت، في مقر الخارجية الاميركية، قال كيري: «الليلة الماضية (أول من أمس) هاجم النظام مجددا مستشفى، حيث قتل 20 شخصا، واصيب مئة. على روسيا والنظام ان يقدما للعالم اكثر من تفسير لاسباب عدم وقفهما ضرب مستشفيات وبنى تحتية طبية الى جانب اطفال ونساء. تلك أعمال تستدعي تحقيقا مناسبا في شأن جرائم حرب، ويجب محاسبة مرتكبي هذه الأعمال». وتابع: «من يرتبكون (ذلك) ينبغي تحميلهم مسؤولية أفعالهم. هذا الامر ليس مجرد حادث. انه إستراتيجية محددة الهدف لترهيب المدنيين وجميع من يقف في وجه (تحقيق) أغراضهم العسكرية». من جانبه، اعتبر إيرولت ان تصويت مجلس الامن المقرر اليوم، على مشروع قرار فرنسي حول سورية، سيمثّل «لحظة الحقيقة» بالنسبة الى روسيا، مضيفاً: «»غدا (اليوم) ستكون لحظة الحقيقة، لحظة الحقيقة بالنسبة الى جميع اعضاء مجلس الامن: هل تريدون، نعم ام لا، وقفا للنار في حلب؟ والسؤال يطرح خصوصا على شركائنا الروس». بدوره، وفي مؤتمر صحافي مشترك مع إيرولت، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده تدرس مشروع قرار قدمته فرنسا إلى مجلس الأمن التابع في شأن الصراع في سورية، مضيفاً: «ندرس هذا المشروع، ونأمل أن تتم دراسة الأفكار والتعديلات التي سنسلمها إلى زملائنا الفرنسيين بعناية، وتؤخذ في الاعتبار». وأمس، نسبت وكالة «إنترفاكس» للأنباء إلى لافروف، القول إن موسكو على استعداد لدعوة الحكومة السورية إلى السماح بخروج مقاتلي جبهة «فتح الشام» من حلب، وأسلحتهم في أيديهم، مردفاً أن «مقاتلي المعارضة في حلب ينبغي أن يقدموا ضمانات مكتوبة بأنهم انفصلوا عن جماعات إرهابية، وعندئذ يمكن إلحاقهم بأجهزة مشتركة لفرض القانون والنظام مع السلطات». على صعيد متصل، أكد المنسق العام لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» التابعة للمعارضة، رياض حجاب، أن «الهيئة تعمل على صياغة آليات جديدة لوقف العمليات العدائية ضد الشعب السوري، وفك الحصار عن كل المناطق وإيصال المساعدات للمحتاجين». وخلال اتصال هاتفي أجراه مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، طالب حجاب بضرورة «تبنّي المجتمع الدولي رؤى جديدة للتعامل مع القضية السورية، مؤكداً «توجه الهيئة إلى القضاء الدولي لوقف العدوان على الشعب السوري وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب». من ناحيتها، ناشدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، روسيا «إنهاء العنف الوحشي» في حلب، قائلة إن «موسكو لها نفوذ كبير على الحكومة السورية» و«لا يوجد أساس في القانون الدولي لقصف المستشفيات». ميدانياً، تمكنت المعارضة من استعادة مواقع خسرتها في حي الشيخ سعيد في حلب، عقب هجوم معاكس شنّته على قوات النظام وحلفائها، حيث قتل العشرات من عناصر قوات النظام والميليشيات المساندة لها، ونشر النشطاء فيديوات وصوراً لأسرى من «حركة النجباء» العراقية وميليشيا «فاطميون» الأفغانية. لكن «المرصد السوري لحقوق الانسان» تحدث عن سيطرة قوات النظام على تلة في الشيخ سعيد وأبنية سكنية في حي صلاح الدين، موضحاً أن «تتقدم قوات النظام في شكل بطيء، بسبب المقاومة الشرسة من المعارضة».
مشاركة :