نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله أمس الجمعة، إن موسكو على استعداد لدعوة الحكومة السورية للسماح لمقاتلي «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام) بالانسحاب من مدينة حلب وأسلحتهم في أيديهم، في تجاوب كما يبدو مع دعوة في هذا الخصوص وجّهها الوسيط الدولي في النزاع السوري ستيفان دي ميستورا أول من أمس. وفيما أعلنت «جبهة فتح الشام» رفضها دعوة دي ميستورا، شددت فرنسا وبريطانيا على ضرورة وقف قصف مدينة حلب المحاصرة من قبل الطيران الروسي والسوري، فيما عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً حول الأزمة في سورية. وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر للصحافيين قبل دخوله قاعة المجلس لبدء الجلسة المغلقة بعد ظهر أمس، إن «الأولوية هي لوقف حمام الدم في حلب». ومعلوم أن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قال صباح الجمعة إن مشروع القرار الفرنسي المقدم إلى مجلس الأمن بشأن سورية يحوي عدداً من النقاط غير المقبولة، وإنه سيّس قضية المساعدات الإنسانية. وأعلنت روسيا الخميس أنها تدرس مسودة القرار الفرنسي إثر محادثات في موسكو بين الوزير لافروف ونظيره الفرنسي جان مارك إرولت الذي انتقل إلى واشنطن وأجرى محادثات مع الوزير جون كيري أمس. وقال كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع إرولت في مقر الخارجية الأميركية: «الليلة الماضية هاجم النظام مجدداً مستشفى حيث قتل 20 شخصاً وأصيب مئة. على روسيا والنظام أن يقدما للعالم أكثر من تفسير لأسباب عدم كفهما عن ضرب مستشفيات وبنى تحتية طبية إلى جانب أطفال ونساء»، وطالب بـ «تحقيق ملائم في (حصول) جرائم حرب». لكن «فرانس برس» أشارت إلى أن لا «المرصد» السوري ولا مراسليها تحدثوا عن وقوع أي عملية قصف ضد مستشفى خلال الساعات الماضية في منطقة حلب. في غضون ذلك، قال «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» إن «عمليات التهجير القسري وإحداث التغيير الديموغرافي التي ينتهجها» النظام «الهدف منها تقسيم سورية على أساس عرقي وطائفي، وإيجاد مخرج لبقاء (الرئيس السوري) بشار الأسد في السلطة وتعويمه من جديد». وأوضح «الائتلاف» أنه «سيتشاور مع الفصائل العسكرية الثورية حول ما طرحه المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا»، مؤكداً «أن على الأمم المتحدة أن توفر ضمانات دولية بشكل فوري لوقف القصف واستهداف المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين وإجلاء الجرحى، وذلك من أجل أن يكون النقاش مع الفصائل مثمراً وناجحاً». وجاء هذا الموقف بعدما أعلن دي ميستورا أول من أمس في جنيف، أنه مستعد لمرافقة عناصر «جبهة النصرة» سابقاً إذا وافقوا على الخروج من أحياء حلب الشرقية. وردّت «جبهة فتح الشام» على لسان الناطق الرسمي باسمها حسام الشافعي، على دي ميستورا، مؤكدة أنها «قوة مجاهدة... وأحد أركان القوة العسكرية للثورة السورية، ولن تخذل شعباً مسلماً يُباد»، في رفض واضح للدعوة إلى إخلاء شرق حلب. وقال الشافعي بحسب ما أوردت شبكة «الدرر الشامية»: «لم يعد الدور الدولي في حاجة إلى تحليل أو تفسير؛ فالتقسيم والتهجير على قدم وساق، واليوم تفريق بين الفصائل المجاهدة وتسليم لأهل السنّة!!، تماشياً مع تصريحات بشار الأسد أخيرًا بإفراغ حلب من المسلحين، وتأتي عروض دي ميستورا لـ «فتح الشام» في هذا السياق، فهل يستطيع دي ميستورا أن يرافق أطفال مضايا المرضى لأقرب مستشفى، أو يتكفل بإيصال سلة إغاثية لمنطقة محاصرة واحدة؟!!». وأضاف الشافعي: «لم يستطع دي ميستورا أن يوقف القصف ساعة عن حلب، فضلاً عن قوافل المساعدات الدولية من الجهة التي يعمل لديها. لقد نجح دي ميستورا بتفريغ مناطق أهل السنّة ولعب دوراً بارزاً في التغيير الديموغرافي، وما زال يلعب دور الجعفري دوليّاً!»، في إشارة على ما يبدو إلى بشار الجعفري السفير السوري لدى الأمم المتحدة. المانيا وفي برلين (رويترز)، حضت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل روسيا على استخدام نفوذها على الحكومة السورية لإنهاء القصف المدمر لحلب، كما فتحت حكومتها الباب أمام إمكان فرض عقوبات على روسيا لدورها في الصراع. وفي واحد من أشد تصريحاتها حتى الآن، قالت ميركل إنه لا يوجد في القانون الدولي ما يبيح قصف المستشفيات، وإن موسكو يجب أن تستخدم نفوذها على الرئيس بشار الأسد لوقف قصف المدنيين. وقالت لحزبيين في مدينة مغدبورغ: «لروسيا الكثير من النفوذ على الأسد. لا بد أن نوقف هذه الجرائم الفظيعة». وأضافت من دون أن تتحدث مباشرة عن فرض عقوبات، أن على المجتمع الدولي أن يفعل كل ما في وسعه لوقف القتال وتسليم المساعدات للمدنيين. ورفض شتيفن زايبرت، كبير المتحدثين باسم ميركل، في مؤتمر صحافي استبعاد إمكان فرض عقوبات على روسيا لدورها في الصراع، لكنه قال إن الأولوية القصوى لألمانيا لا تزال وقف إطلاق النار وتسليم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين. وقال زايبرت إن مسؤولين غربيين ناقشوا الصراع السوري في برلين يوم الأربعاء، وإن المناقشات لا تزال مستمرة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية للصحافيين الأربعاء، إنه لا توجد مقترحات رسمية لفرض عقوبات على روسيا لدورها في سورية، لكن الاهتمام تزايد بالعقوبات في الأيام الماضية. ودعا نوربرت روتغين، وهو عضو في حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان أمس، إلى فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب دورها في القصف الجاري في سورية. وجاءت تصريحاته لصحيفة «زودويتشه تسايتونغ» بعد يومين من دعوة إلمار بروك وهو عضو آخر في حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي وعضو في البرلمان الأوروبي إلى فرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي على روسيا.
مشاركة :