أقفلت مكاتب التصويت في المغرب أبوابها بعد يوم كامل قضاه المغاربة في التصويت لاختيار 395 نائباً في انتخابات تشريعية ستنبثق عنها حكومة جديدة يأمل إسلاميو «العدالة والتنمية» الذين يقودون التحالف الحكومي الحالي في ترؤسها مجدداً وسط منافسة حادة مع خصومهم المطالبين بـ «الحداثة». وقال بيان صادر من وزارة الداخلية عند إقفال المكاتب في السابعة مساءً بالتوقيت المحلي إنه حتى الساعة الخامسة مساءً، فإنّ نسبة المشاركة تتباين حسب الجهات، حيث تراوحت بين 25 في المئة و38 في المئة. وأصدرت وزارة الداخلية المغربية طيلة اليوم بيانات صحافية بخصوص حوادث انتخابية «معزولة»، كتكسير أحد المواطنين لصندوق انتخابي أو محاولة بعض رجال السلطة المحليين التأثير على أصوات الناخبين عبر دعوتهم للتصويت لحزب ضد آخر. وينتظر أن يعلن وزير الداخلية المغربي عن النتائج، فيما تعقد الأحزاب الكبرى سهرات انتخابية في مقراتها لتلقي النتائج والإعلان عبر مراقبيها الحزبيين، عن النتائج الأولية. وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل استقطاب قوي بين حزبين أساسيين، هما حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وحزب الأصالة والمعاصرة.المغاربة يصوتون لاختيار نوابهم واستقطاب حاد بين حزبين رئيسيين الرباط - أ ف ب أدلى المغاربة أمس الجمعة (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) بأصواتهم لاختيار 395 نائباً في انتخابات تشريعية ستنبثق عنها حكومة جديدة، يأمل إسلاميو حزب العدالة والتنمية الذين يقودون التحالف الحكومي الحالي في ترؤسها مجدداً، وسط منافسة حادة مع خصومهم المطالبين بـ «الحداثة». وأعلنت وزارة الداخلية المغربية أن نسبة التصويت حتى ظهر أمس بلغت 10 في المئة، مشيرة في بيان إلى أن العملية الانتخابية تجري «في ظروف عادية». وكانت الداخلية أعلنت انطلاق عملية التصويت لاختيار أعضاء مجلس النواب الساعة الثامنة صباحاً. وأدلى رئيس الحكومة عبدالاله بن كيران بصوته في المدرسة الثانوية معاذ بن جبل بحي الليمون في العاصمة الرباط. وعبر بعد التصويت ردا على اسئلة وكالة «فرانس برس»، عن أمله في أن يفوز حزبه بـ «المرتبة الأولى إن شاء الله». وقال: «أسير الحكومة منذ 5 سنوات، والمغاربة كانوا ينظرون بأعينهم لعملي، وقمنا بحملة انتخابية ناجحة هي الأولى في المغرب، والآن ننتظر النتائج الطبيعية المتمثلة في الفوز». وتابع «إذا كانت هناك ديمقراطية، فالشخص الذي ترأس حزباً سياسياً وقاده للفوز، وترأس الحكومة بطريقة إيجابية بينت إقبال الشعب عليه في الانتخابات الماضية وفي هذه الحملة، إذا هزم في هذه المرة يجب أن يستخلص الدروس، وأن يغادر الحياة السياسية إن لم تكن الحياة الحزبية كلها». وتوافد إلى المدرسة ذاتها منذ الصباح عدد كبير من الناخبين، بينهم زوجة ابن كيران، وابنته برفقة زوجها، وابنه أسامة بن كيران الذي يشارك في مراقبة عملية التصويت في المدرسة. وقال اسامة بن كيران لوكالة «فرانس برس»: «انطلاقاً من المعيطات المتوافرة حتى الآن تبدو المشاركة جيدة والناس تأتي بكثافة للتعبير عن صوتها ونتمنى أن تزداد الأعداد في فترة ما بعد الظهيرة». وقال محمد الرغاي (72 عاماً): «الديمقراطية حقوق وواجبات، وبالتالي تجب المشاركة في هذا المسلسل لتنمية بلادنا، والأحزاب كانت في المستوى وقدمت برامجها، ولنا حرية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب». أما مريم بلكلوش (30 عاماً) التي تعمل موثقة فقالت: «المغرب في حاجة إلى ديمقراطية سليمة وأتمنى أن تفرز الصناديق النتائج التي نتمناها»، معتبرة أن «الأحزاب كانت جدية ومحترمة خلال الحملة الانتخابية ومررت رسائلها بطريقة جيدة». الجرار ضد المصباح وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل استقطاب قوي بين حزبين أساسيين، هما حزب العدالة والتنمية الإسلامي (رمزه المصباح)، وحزب الأصالة والمعاصرة (رمزه الجرار) الذي تأسس في العام 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد. وفاز حزب العدالة والتنمية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 في أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد بعد تبني دستور جديد صيف السنة نفسها، عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية التي مثلت النسخة المغربية لـ «الربيع العربي». ويتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الحزب بالولاء للتنظيم العالمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، كما يتم تشبيهه بحركة الداعية الاسلامي التركي فتح الله غولن، وهي تهم ينفيها الحزب. ولم يكن من السهل على حزب العدالة والتنمية تكوين تحالف حكومي باعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح لأي حزب بالفوز بغالبية المقاعد، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من 4 أحزاب (محافظة وليبرالية وشيوعية) وصف بالهجين وغير المتجانس، ولم يمكنه من تطبيق وعوده الانتخابية، وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية. ويبقى الملك محمد السادس الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الاستراتيجية والحيوية، وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى، وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا. وربط ابن كيران بقاءه في العمل السياسي بالفوز في الانتخابات، فيما رفع حزبه شعار «صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح»، وفق برنامج انتخابي مبني على «المنهجية الإسلامية». وركز الأصالة والمعاصرة على ترشيح الكثير من النساء ضمن لوائحه الوطنية والمحلية. وهو يدافع عن تقنين الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي الذي يعتبر المغرب من أكبر منتجيه ومصدريه، ويتهم حزب العدالة والتنمية بالتمييز ضد المرأة و»أسلمة المجتمع». الأحزاب الأخرى وتبنى المغرب منذ الاستقلال خيار التعددية الحزبية. وشارك قرابة 30 حزباً في انتخابات أمس، لكن 8 منها فقط تملك القدرة عل تكوين فريق برلماني وفق الشروط التي يحددها القانون. وتقدم فدرالية اليسار الديمقراطي التي تأسست في العام 2007 من 3 أحزاب يسارية، نفسها على أنها «طريق ثالث» وسط الاستقطاب، وهي تلاقي تعاطفاً كبيراً على شبكات التواصل الاجتماعي. ويشكل حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه إلى قبل الاستقلال وقاد حكومات عدة في الماضي، قوة انتخابية متجذرة في المشهد السياسي المغربي، ويتوقع أن يحتل مرتبة متقدمة في الانتخابات وأن يشكل طرفاً أساسياً في التحالف المقبل. وتشهد هذه الانتخابات عودة السلفيين المغاربة للترشح والمشاركة القوية تحت لواء أحزاب متفرقة. ودعي قرابة 16 مليون مغربي مسجل في اللوائح الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 92 دائرة انتخابية وفق نظام الاقتراع اللائحي النسبي. وبحسب وزارة الداخلية، بلغ عدد لوائح الترشيح المقدمة 1410 لوائح تضم 6992 مرشحاً. وتشارك 37 هيئة وطنية ودولية في المراقبة المستقلة للانتخابات، أي ما يزيد عن 4000 مراقب بينهم 92 مراقباً دولياً، فيما عينت بعض الأحزاب مراقبين لها في مختلف الدوائر الانتخابية. في العام 2011، بلغت نسبة التصويت من أصل 13.6 مليون ناخب مسجلين في اللوائح 45 في المئة، فيما قاطع 55 في المئة العملية الانتخابية.
مشاركة :