محمد فريد خميس يحمل الحكومة المصرية ورجال الأعمال مسؤولية «هجرة الموت»

  • 10/8/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تناول المستثمر ورجل الأعمال المصري الشهير، محمد فريد خميس، الأسباب الرئيسية التي تدفع الشباب إلى هجرة الموت غير الشرعية، مؤكدأ أن الحكومة ورجال الأعمال يتحمّلون المسؤلية الكبرى، حين يطرح السؤال ما الذى يدفع إنساناً إلى المغامرة بحياته نفسِها؟  فالدافع الأصيل لهذه المغامرة البائسة هو الحاجة والفقر وفقدان الأمل في فرصة العمل، مما جعلهم يفرون من ضيق العيش وقدر الفقر، إلى ضيق اللحود وقدر الموت! وقال رجل الأعمال المصري، في مقاله المنشور اليوم السبت بصحيفة الأهرام: لقد نادينا كثيراً بإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، تستهدف في النهاية خلق المزيد من فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، وتحسين مستويات الدخول، بما يكفل حياة كريمة للمواطن، وطالبنا بالأخذ بنظام الضرائب التصاعدية، والقضاء على التهريب الكلى والجزئي، وتحصيل المتأخرات الضريبية، مع إصدار قانون حازم لمكافحة التهرب الضريبي، وترشيد الإنفاق الحكومي، بالامتناع عن شراء أية أصول لمدة ثلاث سنوات. ويؤكد محمد فريد خميس، أن مأساة الموت غرقا، تقرض ضرورة  القضاء على الفساد والمحسوبية والبيروقراطية، وجعل العدالة الاجتماعية واقعاً ملموساً يستشعر به كل أبناء المجتمع..وهي مقترحات قابلة للتنفيذ، تحوى دواءً مراً، لكنه يصنع علاجاً ناجزاً. وقال : إن من الأمانة والمسئولية أن يتحمل كلٌ مسئولياته، وأُحَمِّلُ نفسى ورجالَ الأعمال والحكومة القدر الأكبر من هذه المسئولية، رحمةً بأبنائنا، حتى لا ينتهى بهم الأمر إلى الفرار من الأرض، ليموتوا في عرض البحر، وهم يبحثون عن الحياة. نص المقال : ما الذى يدفع إنساناً إلى المغامرة بحياته نفسِها؟ بل ما الذى يدفع هذا الإنسانَ نفسَه إلى المغامرة كذلك بحياة أقرب الناس إليه؟ مركب هجرة يوصف دوماً بأنه غير شرعي، يضم مئات من أبنائنا وإخواننا، بل وأطفالنا، خرجوا جميعاً باحثين عن حياة أفضل ، فى مكان غير المكان. لكن الحياة الأفضل لم تأتِ بعد، بل إن الحياة نفسَها لم تبقَ بعد، إذ خرجوا بفقرهم ، وعادوا سريعاً إلى قبورهم . آلام وحسرات تعتصر عقل الإنسان وقلبه، على هذا المشهد المهيب، الذى يجب أن يدفع كل ذى بصيرة إلى التفكير والسؤال: لماذا ؟ ومن المسئول ؟ لماذا ، فتش عن الفقر والحاجة وفقدان الأمل بفقدان العمل، حتى إن واحداً من أقارب الضحايا قال مقولة، شديدة الألم، بالغة الخطورة: لم يقتله البحر، إنما قتلته البطالة.. من المسئول ؟ هذا هو السؤال الأصعب. كثيرون أجابوا، منهم من قال إنما قتلهم من أرسلهم ، وزين لهم أمراً يخالف القانون والقاعدة. ومنهم من أضاف ، بل قتلهم طمعهم ، فمن يستطيع أن يجمع خمسين ألف جنيه ، يقدمها طواعية لتاجر هجرة غير شرعية، كان يستطيع أن يبدأ بها عملاً بسيطاً، يعصمه من ذل الحاجة، وعلى الأقل يحفظ له حياته. ومنهم من زاد وعدد وغضب وندد ونصب الميزان ونشر الديوان ، وقال فيهم ما قال مالك فى الخمر، ومنهم من زاد على ذلك كله، وقتلهم بأقواله مرة أخري، بعد أن ضمتهم القبور . وأقول، لو سلمنا بما سبق واكتفينا به، نكون قد عرضنا لصورة باهتة المعالم، ناقصة المعاني، ومن ثم نضع حلولاً لا تتناسب مع أصل المشكلة التى فشلنا أصلاً فى توصيفها بدقة. إن الصورة تكتمل ، لما يتحمل كل إنسان قدراً من مسئولياته. فالمسئولية يتحمل هؤلاء الضحايا المساكين قدراً منها، بالطمع وسوء التقدير وقلة الوعى وضعف الثقافة، كما يتحملها بلا شك تجار الموت، ضعاف النفوس، خاربو الذمم ، ويتحملها إلى جوار هؤلاء آخرون. إنهم رجال الأعمال والحكومة. فالدافع الأصيل لهذه المغامرة البائسة هو الحاجة والفقر وفقدان الأمل فى فرصة العمل، مما جعلهم يفرون من ضيق العيش وقدر الفقر، إلى ضيق اللحود وقدر الموت. لقد نادينا كثيراً بإجراء إصلاحات اقتصادية شاملة، تستهدف فى النهاية خلق المزيد من فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، وتحسين مستويات الدخول، بما يكفل حياة كريمة للمواطن. وأذكر فى هذا المقام أننا تقدمنا نحنُ الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين بدراسة متخصصة بعنوان (برنامج لإصلاح وتنمية الاقتصاد المصري) خلصت إلى المشكلتين الرئيسيتين اللتين تواجهان الاقتصاد المصري، وهما : عجز الموازنة العامة المتزايد، وعجز ميزان المدفوعات المتزايد، وطالبنا بالأخذ بنظام الضرائب التصاعدية، والقضاء على التهريب الكلى والجزئي، وتحصيل المتأخرات الضريبية، مع إصدار قانون حازم لمكافحة التهرب الضريبي، وترشيد الإنفاق الحكومي، بالامتناع عن شراء أية أصول لمدة ثلاث سنوات، وترشيد الدعم بأنواعه، دون المساس بمحدودى الدخل، وضمان وصوله لمستحقيه، وأهمية استحداث قانون للاستثمار، يتلافى العيوب الحالية، وتفعيل نظام الشباك الواحد، تيسيراً للإجراءات، ومنعاً للفساد، ووضع الصناعة المصرية على قدم المساواة مع منافسيها، من حيث تكلفة إنشاء المصنع ، وتكلفة التشغيل، لزيادة القدرة التنافسية للإنتاج المصري. وذلك من خلال رفع الأعباء المحملة على العملية الإنتاجية، التى لا يتحملها الإنتاج فى البلاد الأخري، والحد من الواردات، ووقف استيراد السلع غير الضرورية، وكذلك السلع التى لها مثيل من الإنتاج الوطني، واستيفاء جميع الاحتياجات الحكومية من الإنتاج الوطنى ، فيما عدا ما لا ينتج محلياً، وتحفيز الصادرات، باستمرار برنامج مساندة الصادرات، والاستخدام الكامل، لما شرعته لنا القواعد الدولية من فرض رسوم الإغراق والحماية، وتصحيح الفهم الخاطئ والمتعمد لسياسات السوق ، لأن حرية السوق لا تعنى بحال من الأحوال عدم رعاية الصناعة الوطنية ، وعدم التدخل فى السوق، لضبط الأسعار، حمايةً للمستهلك، ولا تعنى كذلك فتح الأسواق للمنتجات الواردة دون أية ضوابط، واستخدام قواعد منظمة التجارة العالمية، التى لا تحظر زيادة الرسوم الجمركية، عندما تتعرض الصناعة لمنافسة غير متكافئة، والالتفات أكثر إلى تنمية الصعيد وسيناء، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وإلى جوار ذلك كله نحن بحاجة إلى القضاء على الفساد والمحسوبية والبيروقراطية، والمزيد من الاهتمام بالتعليم والبحث العلمى المتميز، وجعل العدالة الاجتماعية واقعاً ملموساً يستشعر به كل أبناء المجتمع.. مقترحات كثيرة، قابلة للتنفيذ، تحوى دواءً مراً، لكنه يصنع علاجاً ناجزاً. لقد بذل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى جهداً كبيراً، لرفع قدرات مصر الاقتصادية، ومن ثم السياسية، هذه الجهود التى تنم عن رغبة صادقة، فى النهوض بمصرنا الغالية فى شتى المجالات، واتخذ العديد من القرارات الاقتصادية المهمة، كانت لها آثارها الإيجابية، وحققت قدراً مما يصبو إليه رجال الاستثمار والصناعة فى مصر، ومنها ترشيد الإنفاق الحكومي، وتشجيع المنتج المحلي، وخفض الاعتماد على الاستيراد العشوائي، وترشيد استخدام الطاقة، وتدبير الموارد المالية لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين. كما بدأت الحكومة فعلياً فى هذه الإجراءات، لكنها بحاجة إلى المواصلة والاستكمال. إن من الأمانة والمسئولية أن يتحمل كلٌ مسئولياته، وأُحَمِّلُ نفسى ورجالَ الأعمال والحكومة القدر الأكبر من هذه المسئولية، رحمةً بأبنائنا، حتى لا ينتهى بهم الأمر إلى الفرار من الأرض، ليموتوا فى عرض البحر، وهم يبحثون عن الحياة.

مشاركة :