المعلم ركيزة أساسية لتطوير الذات ومواكبة متطلبات التعليم

  • 10/9/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: أحمد راغب يعتبر المعلم اللبنة الأساسية الأولى في العملية التعليمية، لما له من دور كبير في تشكيل الطلبة منذ نعومة أظفارهم، وما يتعلمونه في المدارس، حتى أن المعلم أصبح حلقة وصل بين الطلبة والمستقبل، وهذا يتطلب جهداً كبيراً من قبل المعلم الذي يعتبر مربياً للأجيال. صحيح أن الأسرة هي المكان الذي يتكون فيه الفرد، وإذا صلحت صلح كل أفرادها، ولكن الدور الذي يقوم به الوالدان لا يعتبر كافياً، ما لم تضع المدرسة لمستها في تكوين شخصية الأبناء وتعليمهم، ولا شك أن توفير المعلمين القادرين على إعطاء أقصى ما لديهم، هو الضرورة الملحة وما يجب على المدارس توفيره هو كادر تعليمي قادر على خوض التحديات ملماً بادق التفاصيل، ومعاصراً للتكنولوجيا التي أخذت حيزاً كبيراً في المجال التعليمي، وبدأ معها اندثار الوسائل التقليدية القديمة في التعليم. لا شك أن المعلم حتى وإن تعلم وتخرج وبدأ يمارس مهنته، يبقى بحاجة إلى مزيد من التعليم والتدريب، فالعمل الميداني يختلف عن التعليم خلال المرحلة الجامعية وما أخذه من دورات تدريبية خلالها، ولعل تعليم المعلم ووضع نماذج خارجية يمكن الاستفادة منها تعتبر ضرورة من ضرورات التعليم في الوقت الحالي، لما له من انعكاس إيجابي على الطالب. وكانت الجامعة القاسمية في الشارقة قد عقدت منتدى تعليم المعلم، بتنظيم المركز الإقليمي للتخطيط التربوي، لرسم سياسات إعداد المعلم في الإمارات ومنطقة الخليج ككل، التقى خلاله نخبة من أهم خبراء التربية والتعليم حول العالم، وسلط الضوء على التجارب الدولية الناجحة في مجال إعداد المعلم ومساره المهني. إعداد المعلم أوصى المتحدثون خلال المنتدى في ما يخص إعداد المعلم بكليات التربية، بمنح الطالب حافزاً مالياً أثناء الدراسة حيال عزوف وإحجام خريجي الثانوية العامة عن الالتحاق بكليات التربية وعدم رغبتهم في ممارسة المهنة، كما يقوم الطلاب بتوقيع عقود وشروط خدمة تلزمهم بالعمل بوزارات التربية لمدة 6 سنوات، كما يتم الاتفاق بين الوزارات والمؤسسات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص على عدم تعيين خريجي كليات التربية في حال عدم استيفائهم شروط العمل بمهنة التعليم، بالإضافة إلى ضرورة بناء شراكة وجسور تعاون بين الجامعات وكليات التربية تهدف إلى تحقيق تحديد معايير ومستويات المعارف والمهارات والكفايات للطلاب بحيث يساعد ذلك الكليات في تصميم برامج ملبية لما ينبغي أن يعرفه الطالب وما يمكن أن يقوم به ويمارسه، وتشجيع الطلاب لا سيما الطلاب في مجال العلوم والرياضيات للالتحاق بمهنة التدريس من خلال عمليات الارشاد والتوجيه لمساعدة الطلاب في اختيار المهن المستقبلية، وأن تعمل الجامعات على تعزيز الفرص والنظرة المتساوية لجميع التخصصات، والتأكيد على أن طلاب التخصصات الطبية أو الهندسية لا يتميزون عن طلاب التخصصات التربوية، وهذا ما يحدث في جامعة هلسنكي ومؤسسات التعليم في سنغافورة، والنظر في امكانية إضافة سنة خامسة في كليات التربية لمنح الطلاب المتميزين درجة الماجستير. ابتعاث المتميزين وأوصى المتحدثون بأن تعمل وزارات التربية والتعليم على ابتعاث منسوبي الوزارة المتميزين لنيل درجة الماجستير والدكتوراه وتحسين شروط الخدمة لضمان بقائهم واستمرارهم، الأمر الذي من شأنه تشجيع الطلاب للالتحاق بكليات التربية، وأن تعمل كليات التربية على وضع منهجية في التدريب العملي الميداني بحيث تكون شاملة لعمليات التدريس في المدارس إضافة إلى زيادة جرعات البحث العلمي والتفكير التأملي والناقد والابتكاري، وبما يعزز الخبرات النظرية التي يتلقاها الطالب والمعلم، وضرورة أن تضع وزارة التربية استراتيجية شاملة وعملية لإعادة اعتبار المعلم مادياً واجتماعياً واعادة هيبة المعلم ، وذلك في ضوء العنف الطلابي الذي أصبح يطال المعلم، وأن تعمل وزارات التربية على تأهيل واعداد القيادات التربوية في المدارس لتهيئة البيئة التعليمية التعلمية الجاذبة لدعم المعلمين، لا سيما المعلمين الجدد، فالقيادات في الدول الأوروبية أصبحت تمارس عمليات الحث والتدريب والدعم، ما دعا إلى أن تلغي بعض الدول مثل فنلندا وظيفة الموجه أو المفتش التربوي، وأن تستمر الجامعات والكليات في رصد وتقييم برامجها بصورة دورية بالتنسيق مع وزارات التربية والتعليم والعمل بحسبانها المُخدم الرئيسي لتأتي متسقة ومتطلبات سوق العمل الحكومي والخاص. وأوصى المنتدى توصيات عدة في مجالات مختلفة، ففي مجال الاستقطاب أوصى المنتدى بالعمل على إنجاز دراسة اكتوارية تصل إلى السقف الزمني للخطة الاستراتيجية للدولة بالتنسيق والتعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات من جهة، والقطاع الخاص ومجال العمل من جهة أخرى، لتحديد التخصصات المطلوبة ومتطلباتها بغرض الأخذ بها من قبل الجامعات وتضمين محتويات المساقات والمعارف والمهارات المطلوبة مع التحديث المستمر، وتركيز الاستقطاب الخارجي للمعلمين على النوعية والتميز وفقاً لرؤى الدولة ومتطلبات الاكتساب من قبل الطلاب، وصياغة شروط واجراءات لضمان ذلك مثل: الاختبارات والمقابلات، وسجل المعلم المهني المتضمن نقاط التميز والابتكار في دولة المصدر، وفترة تجريب لا تقل عن ثلاثة أشهر أو فصل دراسي، بالإضافة إلى تحقيق المعلم متطلبات منحه رخصة مزاولة المهنة قبل المزاولة في الدولة. بيئات الاستقرار وفي ما يخص الاحتفاظ بالمعلمين أوصى المتحدثون بتوفير بيئات الاستقرار اللازمة من مُناخ وتأمينات وسكن، وتحفيز المتميزين مادياً ومعنوياً، وربط تقدمهم الوظيفي بسرعة تكيفهم، وتطور أدائهم وإنجازهم المهام، وقدرتهم على العمل تحت الضغط، والتواصل الإيجابي مع أطراف العمل، إضافة إلى التزامهم بالانضباط المدرسي، ورعاية الأبناء بالدراسة والصحة والقبول الجامعي، وابتعاث المتميزين للدراسات العليا مجاناً داخلياً وخارجياً. وأما في مجال ما بعد الخدمة في الوظيفة وهي خاصة بالمواطنين، فقد أوصى المنتدى بتحسين الرواتب التقاعدية، ورعاية الأبناء خاصة في الدراسة الجامعية والتأمين الصحي، والاستمتاع بأندية وأماكن ترفيه خاصة بهم. وفي مجال التدريب قبل مزاولة المهنة، تمت التوصية بتوفير برامج خاصة مكثفة للتوعية بخصائص بيئات مجتمع العمل وظروفه وشروطه، والاطلاع على المناهج والكتب المطلوب تدريسها من المعلم وأفضل الأساليب لتدريسها، والأنشطة والمبادرات التطبيقية لها، وشرط حصول المعلم من الدولة على رخصة مزاولة المهنة مسبقاً، كما تمت التوصية في مجال التدريب والاكتساب أثناء العمل بصياغة برامج تدريب نوعية تقوم على الحاجات الحقيقية للمعلم من جهة، ومتطلبات التطوير في الدولة من جهة أخرى، والتركيز المستمر على النتاجات المتوقعة من الطلاب وربط مستوى تحقيقها بتقارير أداء المعلم واستمراره وامتيازاته، والالتزام بقيم المؤسسة والمجتمع والعمل على المحافظة عليها وترسيخها، والحرفية المهنية في مهارات إدارة تكنولوجيا التعليم ومصادره، وتوظيفها في التدريس، إضافة إلى إشاعة أجواء التعليم المريحة في المدرسة، والرعاية الخاصة المكثفة للمعلمين الجدد. تنمية المعلم اما في مجال تنمية المعلم المهنية، فأكد المشاركون أنه يجب تحديد مواد خاصة تخصصية وتربوية وتجارب عالمية، يلزم المعلم بفهمها واستيعاب مضامينها بأشكال مناسبة قبل نهاية كل عام دراسي، والتأكد من ذلك، ومنح المعلم تفرغا علميا وبحثيا لسنوات مناسبة تحت الاشراف والمتابعة المنظمة، والتأكد من متطلبات تجديد رخصة مزاولة المهنة سنوياً وبحسب متطلبات الرخصة، واما في مجال العبء التدريسي، فيجب التخفيف من العبء التدريسي الأسبوعي بحيث لا يتجاوز 20 حصة وأن تكون في مجال التخصص الدقيق، مع الربط بمهام متصلة بالدور التعليمي ذات سمات ابداعية وابتكارية، ورعاية غرف حواضن الابتكار في المدرسة والمنطقة التعليمية، والحكم بها على النتائج. اختيار المعلمين وأكد الدكتور سعيد مصبح الكعبي، رئيس مجلس الشارقة للتعليم، على ضرورة اختيار المعلمين من قبل الوزارة بعناية فائقة، ومواصفات خاصة، كما يجب إعداده جيداً أثناء فترة الدراسة بالتوازي بين العملي والنظري، وزيادة ساعات العملي، فالتدريب مهم جداً أثناء الدراسة، وكذلك الأمر أثناء الخدمة، نظراً لتطور وسائل التعليم وتغيرها باستمرار، وبالتالي فإن التدريب يساهم في جعل المعلم مواكباً لكل التطورات والتغيرات التي تطرأ، كما يجب تدريبهم على الأساليب الحديثة في التعليم التي تطبقها الدولة بشكل مستمر. دورات تدريبية من جانبه أشار الدكتور خالد صقر المري رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في الشارقة، إلى ضرورة عمل دورات تدريبية للمعلمين ووضع استراتيجيات لرفع كفاءتهم، وحتى تتوافق قدراته مع الميدان ونوعية المراحل التي يدرسها ونوعية الطلبة والبيئة ومجال التعليم بشكل عام، مؤكداً على ان التطورات التكنولوجية بحاجة إلى مواكبة والمام من قبل المعلم الذي من الممكن انه يتعامل معها للمرة الأولى، وهذا يتطلب جهداً ودورات تدريبية تساعده في نيل المعرفة وزيادة قدراته في هذا الجانب، حتى لا تكون قدرات الطالب أعلى من قدرات المعلم، خصوصاً أن الطلاب يتوقون لمعرفة كل ما هو جديد في التكنولوجيا واستخدام الاجهزة الالكترونية. تطوير المعلم إلى ذلك أكدت بدرية المعيني نائب رئيس مجلس اولياء أمور الطلبة والطالبات في الشارقة، على ضرورة تطوير المعلم، بما يتماشى مع كل ما هو جديد على الساحة التعليمية، لتحقيق الاستفادة الكبيرة لدى الطلبة في المدارس، فهناك معلمون يحاولون محاربة التطور الحاصل في هذا المجال والبقاء على الأساليب القديمة، كما أنهم يحاولون تعقيد المناهج لدى الطلاب بوصفها صعبة أو معقدة وما إلى ذلك، وهو ما ينعكس سلباً على الطلاب، لذلك وجب على المعلم تطوير نفسه وأن يتماشى مع التطور في المجال التعليمي وتبسيط المواد والمناهج للطلاب وترغيبهم فيها.

مشاركة :