فاجأ الرئيس الفرنسي الاشتراكي الحالي فرانسوا هولاند شعبه في صور التقطت له على دراجة نارية مع قبعة على رأسه كالمراهقين وهو خارج من ليلة أمضاها مع عشيقته جولي غايي. أما اليوم، ودار نشر «غاليمار» الفرنسية تستعد لإصدار رسائل عشق من الرئيس الراحل فرانسوا ميتران لعشيقته آن بينجو التي أنجبت له ابنته مازارين، نرى فرقاً شاسعاً في أسلوب الرئيسين: هولاند الذي أصر على أن يظهر رئيساً عادياً، وميتران المميز في كل شيء. مع نشر دار غاليمار كتاباً يتضمن ١٢٠٠ رسالة عشق من ميتران يظهر كم تحملت آن بينجو (لا تزال على قيد الحياة) إبقاء سر وجود ابنتهما مازارين حتى آخر عهد ميتران وقبيل وفاته بقليل. مَن عايش عهد رئاسة ميتران كان يعرف حبه للنساء ومغامراته العديدة مع نساء أحطن به، إما من الإعلاميات أو المثقفات. وبقيت زوجته دانييل إلى جانبه حتى وفاته، وهي والدة أبنائه الثلاثة جيلبير وجان كريستوف وباسكال، الذي توفي صغيراً. كان الجميع يعرفون عن مغامرات ميتران مع صديقاته المختلفات، وكان الفرنسيون يعرفون عن قصة حبه لآن، التي كانت تدير القسم الثقافي في متحف باريسي عريق هو متحف أورسي. كان يتردد خبر وجود ابنة سرية لميتران، وأنه أمن لها ولوالدتها منزلاً في منطقة منازل مخصصة لكبار موظفي الرئاسة الفرنسية في منطقة قريبة من برج إيفل تعرف بمساكن quai branly. وكان مستشار ميتران مسؤولاً عن حمايتهما. تعرّف ميتران إلى عشيقته في بداية الستينات وهو في عامه الـ٤٦، عندما شغل مناصب وزارية عدة في حكومات اشتراكية، في حين كانت بينجو في سنها الـ١٩. ما جمعهما هو حب الأدب والكتابة، وكان عمله السياسي بعيداً منها. كانت صبية جميلة في أول شبابها، وهو كان متزوجاً من دانييل غوز مع ابنين في سن المراهقة. تبادل رسائل معها في البداية حول سقراط ومواضيع أدبية كان يثيرها معها عندما يلتقيها. لقد كانت بينجو حبه وعشق حياته، وهذا ما يقوله لها في إحدى رسائله وهو يعاني من مرض السرطان. ويعبر أيضاً عن أسفه لكونه أضاع ثلاثين سنة وهو يخفي عشقه لها، ويقول لها في الوقت ذاته إنها كانت محظوظة لكونها تجنبت قساوة البروتوكول وعبء المسؤولية الرئاسية. وينتهي تبادل الرسائل بينهما في ٢٢ أيلول (سبتمبر) ١٩٩٥ بقوله لها وهو يقترب من الموت إنها كانت فرصة حياته، وتساءل «كيف لا أحبك أكثر». ونقلت مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» عن وزير خارجية فرنسا السابق هوبير فيدرين الذي يرأس معهد ميتران، حيث تشاركه في مجلس إدارته مازارين ابنة العشق بين ميتران وبينجو، أنه اقترح عليها نشر هذه الرسائل، لأنها تكشف عن جانب من شخصية ميتران لم يكن أحد يعرفه، فعشقه في هذه الرسائل يُظهر عمقَ عاطفة رئيسٍ البعضُ كرهه وآخرون أحبوه، لكن الجميع احترم شخصية كبرى ومرموقة ورئيس دولة لعب دوراً كبيراً في فرنسا. بينجو عبّرت له من جهتها في بعض رسائلها، عن قساوة البقاء مختبئة تعيش حياة سرية معه، وكان يرد قائلاً بأنه أحبها من دون تقاسم عشقها مع أحد. ورغب ميتران في الكشف عن ابنته في نهاية عهده الرئاسي ونهاية حياته، عندما أضعفه المرض، قبل توديعه الدنيا في أسوان بمصر، عندما ذهب مع ابنته وبينجو في زيارته الأخيرة، حين أعد له الرئيس المصري السابق حسني مبارك الجولة الأخيرة إلى أسوان، التي تمنى أن ينهي حياته فيها. وكثرت الأسئلة الآن عن توقيت نشر هذه الرسائل، فأحد الأسباب أن زوجة ميتران الرسمية دانييل توفيت منذ سنوات قليلة ولم يعد هناك حرج في نشرها، ثم إن تاريخ ميتران في الحزب الاشتراكي مميز بالنسبة إلى كل الذين تبعوه من قادة الحزب، ومن بينهم الرئيس هولاند، الذي خسر الكثير في حزبه. والآن وقد اقترب السباق الرئاسي واستطلاعات الرأي في اليسار الفرنسي والشعب عموماً تظهر ضعف شعبية هولاند، يأتي نشر هذه الرسائل ليساهم ربما في إعطاء بعض الرونق للحزب الاشتراكي، من خلال التذكير بميتران وإظهار قلمه اللامع وأدبه وثقافته الواسعة، إضافة إلى ناحية إنسانية جاذبة، عبر تصوير هذا العشق الرئاسي.
مشاركة :