يكاد يكون من المؤكد أن توافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في وقت لاحق من هذا الشهر على أول "دفعة" من صادرات السكر خارج الحصص المفروضة عليها من منظمة التجارة العالمية. وإذا ما تمت الموافقة، ستكون دفعة الصادرات الأولى بحجم 650 ألف طن للسنة التسويقية 2017 من أول تشرين الأول (أكتوبر) إلى نهاية أيلول (سبتمبر). و 2016 / 2017، هي السنة التسويقية النهائية التي يتم فيها تقييد الاتحاد الأوروبي بحد سنوي من صادرات السُكَّر بحجم 1.374 مليون طن في العام (تم توزيع الحصص على 19 دولة عضوا في الاتحاد)، الذي فرضه حكم لمنظمة التجارة العالمية عمره الآن 10 سنوات ، وسينتهي نظام حصص إنتاج السكر للكتلة اعتبارًا من 30 أيلول (سبتمبر) 2017. وعلمت "الاقتصادية" من البعثة التجارية الأوروبية في جنيف أن لجنة الإدارة في مفوضية الزراعة اقترحت تصدير "دفعة" تمهيدية أولى بحجم 650 ألف طن من السكر خارج حصص صادرات الاتحاد الأوروبي، وأنه سيتم التصويت على المقترح من قبل ممثلي الحكومات في الاجتماع المقبل للجنة في 25 تشرين الأول (أكتوبر). وتم وضع حصة الـ 1.374 مليون طن متري (من مجموع إنتاج الأتحاد الأوروبي البالغ 13.5 مليون طن) بعد أن أصدرت منظمة التجارة حكمًا في عام 2005 يقول إن قطاع إنتاج التكتل تلقى "معونات متقاطعة"، وهي ممارسة تحرمها قوانين منظمة التجارة. ويشير المصطلح إلى ممارسة تجارية يتم خلالها فرض أسعار أعلى على مجموعة واحدة من المستهلكين (المستهلكون هنا هي الدول) لدعم أسعار أقل لمجموعة أخرى من الدول. بمعنى آخر أن يقوم الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، ببيع السُكِّر بأسعار منخفضة للدول الإفريقية والفقيرة بداعي مساعدتها، غير أنه يفرض أسعارًا عالية على صادراته من السكر لدول أخرى ليكون بذلك قد غطى الفرق من بيعه السكر الرخيص عن طريق دول أخرى. لكن الأمر يختلف مع المؤسسات التجارية التابعة للدولة التي تتمتع بسيطرة احتكارية على تسويق الصادرات الزراعية، إذ إن الافتقار إلى الشفافية يجعل من الصعب، إن لم يكن مستحيلا، تحديد ما إذا كانت فعلا تقوم بهذه الممارسة. ومنذ ذلك الحين (2005)، أخذت لجنة الإدارة في مفوضية الزراعة في الاتحاد الأوروبي تُصدر " إجازات للتصدير" متاحة لـ 650 ألف طن من السُكَّر في بداية كل سنة تسويقية، وبحدود 70 ألف طن خارج حصة صادرات عصير السُكَّر. وسمح هذا لبروكسل أن تقترح منحها دفعة ثانية في وقت لاحق من السنة، إذا بقيت الأسعار عالية وكان بجانبها طلب، وقد وافقت منظمة التجارة على ذلك للسنة التسويقية 2015 / 2016. وحالما ينتهي مفعول حصص الإنتاج بعد السنة التسويقية 2016 / 2017، أو ابتداءً من الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2017، لن يتم بعد ذلك تطبيق حدود حصص صادرات الاتحاد الأوروبي الواردة في حكم منظمة التجارة لأن عنصر "المعونة المتقاطعة" سيكون قد اختفى. وقال لـ "الاقتصادية"، والاس هارلاند، عضو البعثة التجارية الأوروبية في جنيف، إنه بانتهاء نظام الحصص، سيعود الاتحاد الأوروبي مُصدِّرًا صافيًا للسُكَّر، مثلما كان في السابق. وعمَّا يعنيه ذلك، أشار هارلاند، إلى أننا سنعود للتصدير من دون قيود، وأن نهاية الحصص ستفرض على قطاع السكر أن يكون أكثر تنافسيًا مع الأسواق المنتجة الأخرى، مضيفا أن هناك أيضًا "مجموعة صادرات السكر" التى تتولى مراقبة السوق لمساعدة الدول الأعضاء ورجال الأعمال على التهيؤ للصادارات. ولكن كيف سيكون شكل السوق العالمية للسكر بعد رفع الحصص، وما هي مكانة الاتحاد الأوروبي في السوق العالمية بعد 2017، يجيب عن هذا التساؤل لـ "الاقتصادية" المسؤول التجاري الأوروبي،: إنها أمور من الصعب التكهن بها في هذه المرحلة، وحتى تقدير الأثر الفوري أو متوسط المدى في الأسعار، صعب هو الآخر، لكنه أضاف أنه في كل الأحوال فإن أسعار السكر الأوروبي ستكون متماشية مع أسعار السوق العالمية. وستبحث لجنة الإدارة في مفوضية الزراعة بعد نحو أسبوعين من الآن المقترحات التشريعية بشأن متطلبات الأخطار في عصر ما بعد انتهاء الحصص، وفتح مناقشات أولية حول الأسعار، والمناطق المزروعة، والإنتاج، والمخزون. غير أن هارلاند أشار إلى أنه بسبب التغيير الهيكلي الكبير الذي شهده قطاع السكر خلال السنوات العشر الماضية، فإن صناع القرار في الاتحاد الأوروبي اتفقوا على إبقاء القرارات المتخذة في القضايا الجوهرية، كالأسعار، وعقود التسليم، وحصص القطاع الخاص في خزن للسكر الأبيض، مفتوحة للتعديل حتى نهاية السنة التسويقية الحالية، لضمان توازن عادل للحقوق والواجبات بين مؤسسات التصدير ومزارعي السكر وبنجر السكر. والاتحاد الأوروبي هو أكبر منتج في العالم لسكر البنجر، أو ما يعادل نحو 50 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي، لكن بنجر السكر يمثل 20 في المائة فقط من إنتاج السكر في العالم؛ ويتم إنتاج الـ 80 في المائة الأخرى من قصب السكر. ويزرع معظم بنجر السكر في الاتحاد الأوروبي في النصف الشمالي من أوروبا، حيث المناخ أكثر ملاءمة لزراعة البنجر، والمناطق المنتجة الأكثر قدرة على المنافسة هي في شمال فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وبولندا. كما يضم الاتحاد الأوروبي صناعة تكرير مهمة تتولى عمليات تكرير سكر القصب الخام المستورد، وهو في الوقت ذاته المستورد الرئيس في العالم لسكر القصب الخام لأغراض التكرير.
مشاركة :