خالد الكمدة يحكى أن رجلاً في قريب الزمان أصيب بداء مقيت، فلم يطلب عوناً من قريب أو بعيد بل ارتأى أن يعانق داءه، أن يألفَ ما قَبُحَ من أعراضه وأن يفخر بما ظهر عليه من مآلاته، ويسعى لنقلها لأصحاء قومه وبث عدوى آفة أصابته أو أصابها. بلا رحمة أو مسؤولية... غاب عن ذهنه أنه بذلك إنما يؤصل علته، ويبدد أملاً بشفائه وأن الخبثَ مهما انتشر، فلن يصير دستوراً وإن تحول لظاهرة. تحدثنا ويتحدث كثيرون، من منابر مختلفة وبطروحات متنوعة عما أصاب الشباب في المجتمعات الكونية ومجتمعنا جزء منها، من اختلال في الهوية، ضياع غير محدد الأسباب والدوافع ومختلفِ الأعراض والنتائج، يبدو للبعض حرية ولآخرين تمرداً، وهو في واقع الأمر علة... مرض خطر تزينت لهم صفاته واستسلموا طواعية لتياره الذي يتنافى قلباً وقالباً مع تعاليمنا وشيمنا وما عُرِفَ عنا من شرف ونخوة وسمعة. اختلال الهوية الجنسية مرض، هكذا تم تعريفه، هو إذاً داء يجب العلاج منه، لا التعايش معه، ولا التفاخر به ونقل عدواه، وبحسب منشأه وتشخيصه، تكون مداواته جسدية أو نفسيه، وليس في كتب الطب باب لعلاج المرض بنشره، أو بجمع مئات المعجبين به والتابعين لحامله. أن يضيف لاسمه تاء تأنيث ولوجهه بعض المساحيق، فهذا ضعف وانهزام، وقبول حضوره بيننا ناصحاً للمجتمع، أو مدافعاً عن ثلته أو صديقاً لأبنائنا في منصات التواصل، انتحار مجتمعي، وإنذار بخطر عظيم قد ينخر جذور المجتمع تحت ستار التعايش مع الآفات. قضية المضطربين لم تعد سراً يتمتم به خلف جدران مغلقة، ولكن نشرها للأسف جاء بصيغة التباهي وبدل أن نحاصرها ونعالجها صارت تبحث عن اعتراف وشرعية وقبول مجتمعي. لكل علة دواء، مهما استفحلت، والعودة للأصل والفطرة هو الطريق الأقصر للراحة والسعادة والاستقرار، بل والطريق الأفضل، واستحضار ذرائع طبية وشرعية منفصلة لتبرير الانغماس في الضلال واستجلاب تعاطف الآخرين مع غريب التصرفات وقبيح السلوكيات لا يورد للمجتمع ولا لهؤلاء إلا البؤس. إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا، والستر مبدأ ذهبي لكل من يعمل في الطب أو التأهيل النفسي، فعلامَ تصبح الصحف ومنصات التواصل نافذة مشرعة لجمع التعاطف مع الانحراف وحشد التأييد لضياع لا تعرف جدواه؟
مشاركة :