عرس سنوي ينتظره عشاق الكتاب كل عام لممارسة طقوسهم المحببة وهواياتهم المفضلة فهم لا يكتفون بملامسة الكتب المعروضة على أرفف دور النشر المختلفة في معرض الكتاب وإنما يغالبهم الشغف والحنين، فترى أحدهم وقد احتضن الكتاب وكأنه يحتضن ابنه الصغير الذي غاب عنه فترة طويلة، يقلب صفحاته، يشتم رائحة الورق، أما عيناه فتكاد أن تلتهم الكتاب فهي تحدق في حروفه بنهم، فيما أصابعه تقبض على الغلاف باشتهاء عجيب. وفي حين أن معرض الكتاب لم يعد مهرجاناً للكتب فقط بل أصبح عنواناً لثقافة الفكر وشهوة التسوق فإنه لايزال يخالطه بين الحين والآخر شيء من صلف المأزومين وضجيج المزايدين الذين قد لا يعلمون أن زمن المنع قد ولى إلى غير رجعة وأنه لم يعد يجدي نفعاً في عصر الفضاء المفتوح، وازدهار وسائل الإعلام الالكتروني، ولكن معرض الكتاب ورغم كل ذلك يظل مهوى لأفئدة العاشقين ممن لا يزالون يعشقون أنفاس الورق وحبر المطابع. ولا شيء قد يعكر صفو هذه العلاقة الأزلية بين عشاق الكتاب ومحبي المعرض إلا تلك المقولة الماكرة التي لا يزال يستخدمها بعض المؤلفين عندما يريد أن يسوق لكتابه في المعرض فهو يروج بين الفينة والأخرى أن كتابه قد تم منعه ولن يكون موجوداً في معرض الكتاب، مما يؤدي إلى زيادة سعر الكتاب وزيادة الطلب على شرائه والغريب أن هذا التصرف لا نراه يحدث إلا في معرض الرياض للكتاب وهي في حقيقة الأمر ليست سوى حيلة تسويقية مكشوفة. لا أدري ما الذي يخبئه المستقبل للكتاب ولعشاق الكتاب وخصوصاً أن البعض لا يكاد يعرف الكتاب إلا في هذا المعرض السنوي في ظل التنافسية الحادة التي فرضها وجود الأجهزة الكفية ووسائل التواصل الاجتماعي التي استحوذت على مساحات واسعة من حياتنا وأغرقت أوقات فراغنا بكل ما هو مدهش وجديد.
مشاركة :