هيلاري كلينتون فازت بالمناظرة التلفزيونية الثانية مع دونالد ترامب كما فازت بالمناظرة الأولى. استطلاعات الرأي العام وتعليقات خبراء الميديا تقول هذا، إلا أن المناظرات التلفزيونية لا تحسم انتخابات الرئاسة الأميركية، وإنما ما يرجح فوز كلينتون أن استطلاعات عن آراء الناخبين تُظهِر أنها تتقدم منافسها الجمهوري بفارق خمس إلى سبع نقاط. مرة أخرى، قاطع ترامب منافسته مرة بعد مرة، واتهمها بالكذب وهدد بمحاكمتها، وعندما أثيرت تعليقاته البذيئة عن النساء المسجلة في شريط، هاجم بيل كلينتون وعلاقاته النسائية، كأن هيلاري شريكة في تجاوزات زوجها. ترامب حاول أن يضع في ركن أسرته نساء اتهمنَ بيل كلينتون بإقامة علاقات جنسية معهن. إلا أن منظمي المناظرة رفضوا ذلك. هو رد بأنه يواجه ثلاثة يناظرونه لا هيلاري وحدها، مضيفاً مقدمَي البرنامج مارثا راداتز وأندرسون كوبر، وهذا مع العلم أن أكثر الأسئلة إحراجاً لترامب كان من المشاهدين الذين سُمِح لهم بمناقشة كلينتون وترامب. لو حاولت أن أسجل أسماء الجمهوريين من أعضاء الكونغرس ومسؤولين حاليين وسابقين الذين أعلنوا معارضتهم فوز ترامب بالرئاسة الأميركية لضاق عدد «الحياة» اليوم كله بهم. ولو حاولت أن أزيد عليهم أسماء الديموقراطيين والمستقلين وغيرهم الذين يعارضون ترامب لاحتجنا أن نكتب في الصفحة الأخيرة من «الحياة»، أي هذه الصفحة، «البقية في العدد القادم». بين الذين يعارضون ترامب للرئاسة 150 عضواً في مجلسي النواب أو الشيوخ، أو حكام ولايات، وهؤلاء بعضهم قال أنه لن يصوّت لترامب، وبعض آخر قال أنه سحب ترشيحه ترامب، وهناك الذين يطالبونه بالانسحاب من حملة الانتخابات. لا أعتقد أن ترامب قال شيئاً منذ الصيف الماضي لم يسحبه بعد ذلك أو يصححه أو ينكره. وكان حديثه الجنسي الفاضح البذيء سنة 2005 الذي نشرت «واشنطن بوست» تفاصيله ما يُسمّى بلغتنا الفصحى «ثالثة الأثافي» أو قاصمة الظهر. حتى مرشحه المختار لمنصب نائب الرئيس مايك بينس انتقد ذلك الكلام وقال أنه يدينه. الممثلون والممثلات في هوليوود هاجموا ترامب مع أن لا أحد بينهم «الأم تيريزا». قبل ذلك قال ترامب أنه سيبني سوراً بين بلاده والمكسيك لأن المهاجرين منها يهربون مخدرات ويغتصبون ويرتكبون جرائم أخرى. هو قال أنه يعرف عن «الدولة الإسلامية» المزعومة أكثر من الجنرالات، وأن هيلاري كلينتون ساهمت في تأسيسها، ودعا إلى منع كامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة ثم تراجع، وتعهد بإعادة استعمال التهديد بالغرق مع السجناء وبأن يسمح بما هو أسوأ كثيراً. هو هاجم قاضياً لأنه من أصل مكسيكي، ورأى أن أماً مسلمة قُتِلَ ابنها في العراق لم تتكلم لأنها مُنِعَت من الكلام. بعض ما قال عن النساء فاضح قبيح ولا أستطيع ترجمته مخففاً لأن الإهانات فيه ستضيع، وترامب شرح ما فعل أو يريد أن يفعل. حتى ابنته لم تسلم من لسانه ولاحظت أنها لم تعانقه بعد المناظرة. كل ما قال ترامب رداً على الحملة عليه، وهي غير مسبوقة في تاريخ انتخابات الرئاسة الأميركية: أنا قلت هذا الكلام، أخطأت وأعتذر. وهو عندما سمع طلبات انسحابه من التنافس على الرئاسة قال: أنا لا أنسحب أبداً. لم أنسحب في حياتي. على سبيل تذكير هذا المنحرف، هو انسحب من مشاريع كثيرة بدأها، ودفع الثمن المساهمون، أما هو فزعم سنة 1995 أنه خسر 916 مليون دولار، ولم يدفع أي ضرائب فيديرالية في السنوات التالية. وأنصاره مثل رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، وهو يماثل ترامب حقارة، اعتبر أن نجاحه في التهرّب من الضرائب شيء عبقري. قدّرتُ أن المناظرة ستكون حامية عندما لم يصافح المتنافسان على الرئاسة الأميركية أحدهما الآخر في البداية، وهي كانت كما توقعت.
مشاركة :