أصبح عالم التكنولوجيا جزءاً لا يتجزء من حياتنا اليومية وعنصر مهم في مختلف مجالات العمل، وتخصص علمي واسع ومتنوع يقودنا إلى آفاق جديدة ومبتكرة تتطلب مواكبة لآخر التطورات التقنية والسعي لتطبيقها بما يعود على مجتمعاتنا بالتقدم والازدهار. الدكتورة عبير العميري نائب رئيس الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات، التقيناها لنتعرف على أهمية تقنية المعلومات وإيجابياتها وسلبياتها ودور الجمعية وأهدافها في هذا الحوار: تأسيس مبكر ,, ماذا عن الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات، نشأتها وأهدافها؟ - الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات هي إحدى جمعيات النفع العام الكويتية، تأسست في 7 مارس 1982، والهدف من إنشائها لخدمة المتخصصين في تقنية المعلومات ومتابعة مطالبهم الوظيفية والمهنية. وتبرز أهمية الجمعية في ظل المستجدات الحديثة في مجال التكنولوجيا والتقنية، حيث تتواصل الجهود لتطويرها وإحداث التغير نحو الأفضل، لذا تم تشكيل الكثير من اللجان في الجمعية مثل اللجنة الثقافية والتدريب، اللجنة الاجتماعية، لجنة الإعلام والعلاقات العامة، لجنة حقوق العاملين وتطوير العمل، لجنة الابتكار والتطور التقني، واللجنة الفنية. وللجمعية رسالة تتمثل في بناء منظومة من العلاقات مع المجتمع والجمعيات المحلية والعربية والعالمية لتبادل الخبرات والارتقاء ونشر وتعزيز قيم ومبادئ تقنية المعلوماتية في دولة الكويت. أما أهداف الجمعية فهي متعددة وأهمها اكتساب المعلومات والمعارف العلمية، وتقديم الندوات الخاصة بدراسة واقع تكنولوجيا المعلوماتية في القطاعات المختلفة، والسعي لتطوير وتحسين هذا الواقع على نحو مستمر بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، وإقامة المؤتمرات العلمية وورش العمل في مجالات المعلوماتية، وإجراء الدراسات التي يمكن أن تطلبها الجهات المختلفة من جمعية تقنية المعلومات بالتعاون مع لجان الجمعية الأخرى حسب الاختصاص. إضافة إلى متابعة تطور الشبكات المعلوماتية في القطاعات المختلفة والاتصال مع الجمعيات والهيئات المحلية والعربية والدولية والمنظمات الإقليمية والدولية المهتمة بشؤون المعلوماتية وتطبيقاتها. ,, ما البرامج والأنشطة التي تقدمها الجمعية؟ - بما أنها جمعية نفع عام تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فإننا نشارك في جميع أنشطة المجتمع، كما للجمعية أنشطة متعددة منها تقديم الندوات والمحاضرات الخاصة بالمستجدات التقنية، المشاركة في تحكيم جائزة المحتوى الإلكتروني، واستضافة الجمعية للجان التحكيم التابعة للجائزة، وعقد ندوات وورش عمل للتوعية بتدوير النفايات الإلكترونية وتشجيع فئة الشباب على ذلك، المشاركة في تحكيم وصياغة القوانين الدولية الخاصة بالتقنية في لجان مجلس الأمة. منافع ومحاذير ,, من خلال عملكم ما إيجابيات وسلبيات عالم التقنية؟ - لقد ساعد عالم التقنية على فتح آفاق المعرفة وكسر حواجز المسافة والزمن في الحصول على المعلومات بسهولة ويسر. كما ساعدت على رفع مستوى المعرفة والثقافة، والاطلاع على الثقافات الأخرى وتنوع المصادر والمراجع. ومن إيجابياتها أنها عملت على التطوير والابتكار في مجالات الحياة كافة مثل التعليم والصحة والصناعة، وفتحت مجالات مستحدثة مثل التجارة الإلكترونية، ووفرت فرص عمل ومهن جديدة في مجال التكنولوجيا. أما السلبيات تتمثل في هدر الوقت خاصة لمن يقضي وقتاً طويلاً أمام الأجهزة الإلكترونية، ما ينعكس على الصحة الجسدية والنفسية، وانتشار الغزو والإرهاب الفكري، والتهاون في النسخ والنقل والاقتباس وضياع المصداقية، الأمر الذي يقود لضياع حقوق الملكية الفكرية. ,, أصبحت اليوم وسائل التواصل الاجتماعي أداة إعلانية وأداة لنشر الآراء، كيف يمكن تنظيمها وتهذيب استخدامها؟ - مع ظهور تطبيقات التواصل الاجتماعي أصبح لكل منا وجهان، وجه واقعي ووجه افتراضي، الشخصية الواقعية تكون ملموسة واضحة الملامح نراها ونتعامل ونتقابل معها ويكون من السهل علينا التعرف على سماتها، أما الشخصية الافتراضية فيكون الشخص نفسه عند إنشاء حسابه وممكن أن تكون تطابق الشخصية الواقعية أو تناقضها بالأسلوب والانفعالات وغيرها. وللأسف تثبت الإحصاءات أن هناك 50 % من حسابات دول الخليج في شبكات التواصل الاجتماعي مخفية لا يصرح فيها الشخص عن اسمه أو صورته لتكون له كامل الحرية في التعليق أو النقد أو الاستهزاء؛ لذا ظهر مفهوم جديد في عالم التكنولوجيا يعرف ب (المواطنة الرقمية) ويقصد به الالتزام بالأخلاقيات عند استخدام الشخص لحسابات التواصل الاجتماعي، كما هو حال المواطن واحتفاظه بالأخلاقيات بحق وطنه... فعملية التهذيب المطلوبة تستلزم أولاً نشر وتوعية المواطنين بأخلاقيات استخدام التقنية ووضع القوانين اللازمة لضمان استخدام التقنية بالشكل الصحيح. الإعلام مسؤول ,, ما أهمية الإعلام في التوعية بضرورة الاستخدام الرشيد للتقنية؟ - الدور الإعلامي ضروري جداً، ويتطلب تضافر وتعاون جميع مؤسسات الدولة، الحكومية والأهلية والخاصة مع الإعلام في هذا الشأن. يتركز الدور الإعلامي في ثلاث نقاط، أولاً نشر ثقافة استخدام التقنية وتسليط الضوء على المواطنة الرقمية لتهذيب سلوكيات المستخدمين وتوضيح معنى المواطنة الرقمية، وأن استخدام التقنية لا يدخل ضمن إطار الحرية الشخصية التامة؛ باعتبار أن الشخص يمثل دينه ووطنه وأسرته ونفسه. وثانياً التوعية بالأضرار الصحية والنفسية التي تظهر بسبب الاستخدام الخاطئ للتقنية. وثالثاً إطلاق حملة توعية بأضرار النفايات الإلكترونية وطريقة التخلص منها. ,, ماذا عن الحكومة الإلكترونية؟ وهل وجودها يلعب دوراً في الحد من هدر الساعات والانتظار؟ - لا بد أولاً أن نعرف ما المقصود بالحكومة الإلكترونية؟... فهو «نظام افتراضي يمكن الأجهزة الحكومية من تأدية التزاماتها لجميع المستفيدين باستخدام التقنيات الإلكترونية المتطورة متجاهلة المكان والزمان مع تحقيق: الجودة – التميز – السرعة وأمن المعلومات»، فإذا توافرت جميع العناصر الثلاثة بالشكل المطلوب فإن وجود الحكومة الإلكترونية ضروري ويساعد في الارتقاء بمستوى المعاملات في الدوائر والمؤسسات وتوفير قواعد بيانات ضخمة تيسر الحصول على المعلومات بسهولة؛ وبذلك يتم توفير الجهد والوقت وكذلك تقليل الازدحام وكذلك حل أزمة المرور. الخصوصية في خطر ,, هل ستحل الشبكات الإلكترونية محل كل ما هو مكتوب من صحف ومجلات وبحوث؟ - لا ننكر بأن ظهور الصحف الإلكترونية والكتب الإلكترونية والمكتبات الرقمية واضح وجلي وأصبحت منافساً قوياً أثبت وجوده. ,, كيف ترين المستقبل في ظل التطور السريع للتقنيات في العالم؟ - أخشى أن أقول إننا بين شغف اقتناء أحدث ما توصلت إليه التقنية وبين الغفلة عن الآثار السلبية التي تخلفها ... لذا فإن رؤيتي للمستقبل تتلخص في أن التطور هائل وإيجابي ولكن السماح بالمشاركة في الموقع وتفعيل خاصيات التعقب والتخزين على السحابات الإلكترونية ستكون ضريبتها افتقاد الخصوصية. كما أن الجميع يحرص على اقتناء أحدث الموديل للأجهزة التقنية ويغفل عن الطريقة الصحيحة للتخلص من مخلفاتها التي ستشكل مشكلة بيئية خطيرة في الثلاثين سنة المقبلة. إن الإفراط في المعرفة أدى إلى انتشار العادات والسلوكيات غير المرغوب فيها، الأمر الذي سينعكس على التقافات والعادات والتقاليد التي تتميز فيها كل دولة ويشوه صورتها الحقيقية. ومع انتشار استخدام التقنية الحديثة وسهولة النقل سوف تزداد حالة ضياع المصداقية وحقوق الملكية الفكرية. ,, ماذا عن مستوى دول الخليج في مواكبة مستجدات التقنية وفق الدراسات والأبحاث والإحصاءات التي تقوم بها الجمعية؟ - بشكل عام ما زالت دول الخليج في وضع المستهلك غير الواعي للتقنية، ويحتاج إلى أن يكون مستهلكاً رقمياً مثقفاً. لا بد أن يتطور دور الدولة لتشجيع المواطنين على الانتقال إلى دور المُنتِج للتقنية.
مشاركة :