فرنسا تشكك في جدوى استقبال بوتين.. وتلوح بورقة المحكمة الجنائية الدولية

  • 10/11/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد الفشل الفرنسي في تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي عن سوريا، بسبب لجوء روسيا إلى استخدام حق النقض (الفيتو) للمرة الخامسة، مساء الجمعة الماضي، تبحث باريس عن «وسيلة» لاستمرار ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية على موسكو، بانتظار أن تحسم واشنطن خيارات الرد على مواصلة الطيران الروسي عملياته الجوية في حلب وتوفير الدعم والحماية للنظام السوري. وقد عثرت باريس على ما يبدو على وسيلتين «جديدتين». تتمحور الوسيلة الأولى في مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق حول ارتكاب جرائم حرب «محتملة» في سوريا. والثانية، زرع الشكوك بالنسبة لاستعداد الرئيس فرنسوا هولاند لاستقبال نظيره الروسي فلاديمير بوتين عند زيارته باريس، بمناسبة تدشين الكاتدرائية الروسية ومؤسسات ثقافية أخرى في العاصمة الفرنسية. ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الغربيون عن ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سوريا. ولكن بعد فترة من اتهاماتهم لروسيا، كونها تغض الطرف أو أنها «شريك»، أصبحت اليوم اتهاماتهم «مباشرة» لها، وهو ما برز بقوة في اجتماع مجلس الأمن الأخير. وأول من أمس، قال الرئيس فرنسوا هولاند إن النظام السوري يرتكب جرائم بدعم من الطيران الروسي. وبحسب باريس، فإن هذا الأمر «واضح تمامًا». والخلاصة المنطقية التي توصل إليها وزير الخارجية جان مارك أيرولت، هي أنه «علينا أن نحدد المسؤوليات». لذا، فإنه سيقوم بالتواصل مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، «لنرى الطريقة التي نستطيع معها البدء في التحقيقات». بيد أن رغبة باريس ليست سهلة التحقيق بسبب القواعد الخاصة لعمل المحكمة الجنائية الدولية. وهناك عقبتان رئيسيتان؛ الأولى أن سوريا لم تصادق على «وثيقة روما» التي أنشئت بموجبها المحكمة المذكورة، وبالتالي تعتبر نفسها غير معنية بها. والثانية أن تخطي العقبة الأولى يفترض قرارًا من مجلس اﻷمن الدولي. والحال أن «الفيتو» الروسي «جاهز» لمنع صدور قرار كهذا، خصوصًا أن موسكو ستكون نفسها مستهدفة. وبحسب دبلوماسيين غربيين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه لو كان الوصول إلى المحكمة الجنائية الدولية سهلاً «لحصل ذلك منذ سنوات». غير أن لفرنسا بابًا آخر يتمثل في القرار «النهائي» المنتظر صدوره الأسبوع المقبل، حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا عامي 2014 و2015. وبيّن التقرير الأولي الذي أعده خبراء الأمم المتحدة ومنظمة منع استخدام الأسلحة الكيماوية ونشر في 24 أغسطس (آب) الماضي، أن النظام السوري وتنظيم داعش استخدما في العامين المذكورين الأسلحة الكيماوية، مما سيفتح الباب أمام فرض عقوبات دولية على الطرفين. وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا ستكون في وضع «حرج» في مجلس الأمن، لأنها صوتت على قرار السير بالتحقيق، وسيكون من الصعب عليها رفض نتائجه، وعندها يمكن الربط بين استخدام الكيماوي وبين ارتكاب جرائم حرب في سوريا. أما وسيلة الضغط الثانية، فهي امتناع الرئيس هولاند عن استقبال بوتين، وهو ما أشار إليه هولاند وأيرولت معًا، وهو سلاح ذو حدين. وبعد أن أعلن هولاند، أول من أمس، أنه «يتساءل» عما إذا كان سيستقبل بوتين أم لا، فإن وزير الخارجية ترك الباب مفتوحًا، إذ باستطاعة هولاند أن يستفيد من المناسبة ليتحدث إلى الرئيس الروسي بصراحة، وأن يقول له الأمور «كما هي»، بحيث لن يكون اللقاء «جلسة مجاملات»، بل «لإفهام الروس أنهم يسلكون مسلكًا خطرًا». إضافة إلى ذلك، يرى أيرولت أنه رغم الاختلاف العميق حول سوريا، فإن لقاء هولاند - بوتين، يمكن أن يكون مفيدًا بالنسبة للأزمة الأوكرانية، كما قد يفتح الباب أمام قمة أوسع، في إشارة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي يمكن أن تنضم إليه. أما من الجانب الروسي، فإن موسكو تتصرف كأن الزيارة المقررة منذ زمن طويل واللقاء مع هولاند قائمان بلا تغيير. ولكن إذا تبين في الأيام القليلة المقبلة أن مقاطعة هولاند لبوتين جدية، فإنها ستمثل «إهانة» للرئيس الروسي من طرف باريس، التي ما زالت تعتبر روسيا «شريكًا أساسيًا»، وبالتالي لا فائدة ترجى من توتير علاقاتها مع موسكو أكثر مما هي متوترة. في النهاية يطرح التساؤل: هل هذه الأمور يمكن أن تغير شيئًا في مسار الحرب في سوريا؟ الأرجح، كما تعتبر باريس، أن الجواب «سلبي». لكن فرنسا، رغم ذلك وكما أكد وزير خارجيتها، «ملتزمة أكثر من أي وقت مضى بإنقاذ سكان حلب»، وأنها «لن تتخلى» عن الشعب السوري. ولذا، فإنها تعتبر أنه لا يتعين التخلي عن أي جهود دبلوماسية أو غير دبلوماسية، أكان ذلك في إطار ثنائي أو جماعي بانتظار أن تتضح الصورة في واشنطن وأن «تحسم» الإدارة الأميركية أمر تعاطيها مع الحرب السورية. وسبق لمسؤول فرنسي رفيع أن أبلغ «الشرق الأوسط»، أن الإدارة الأميركية ستكون على الأرجح «طليقة اليدين» في اتباع سياسة «أكثر جرأة في سوريا» عقب إجراء الانتخابات الرئاسية بعد أقل من شهر.

مشاركة :