ملحوظة: التدوينة تحتوي على جمل بالعامية المصرية كنا -نحن المصريين- لا نخشى سوى مرض "البلهارسيا"، تلك الدودة التي تعيش متقوقعة بالترع والمصارف، وانتشرت في مياه النيل، عقب بناء "السد العالي"، الذي أوقف جريان الفيضان، ومنع معه تطهير النهر من كل أدرانه. بلهارسيا عبد الناصر، والسادات كانت "طيبة" يا صديقي، حيث إنها لم تكن تصيب إلا مَن اقترب منها، ومع ذلك فقد قتلت من المصريين الآلاف، ومن المشاهير المطرب "عبد الحليم حافظ"، ولكن إعلام "مبارك" نجح بإعلاناته الشهيرة للفنان "محمد رضا" في تقليص خطر البلهارسيا، ولكن العزيز الغالي مبارك جلب لنا بلهارسيا أخرى، وأمراضاً جديدة، وكوارث أكبر. فأن تذهب إلى مستشفى في مصر اليوم سيصدمك كل شيء يا صديقي، وهذا ليس موضوعنا، ولكن الصدمة الأكبر في أعداد أولئك الذين يعالجون من أمراض الكبد والكلى والسرطان. أتعرف السبب؟ ولكن أتعرف يا صديقي ما السبب في احتلال مصر المرتبة الأولى في قائمة مرضى الفيروس الكبدي "سي" على مستوى العالم، والدول العربية بنسبة تبلغ 22% من جملة المصريين (قرابة 24 مليوناً)؟ أتعرف يا صديقي لماذا تعد مصر الأولى عالمياً في انتشار فيروس "سي"، بإصابة أكثر من 200 ألف مصري سنوياً بأمراض الكبد أغلبهم دون سن الـ50 عاماً، حسب منظمة الصحة العالمية؟ أتعرف يا صديقي لماذا وصل عدد مرضى الفشل الكلوى في مصر إلى 2 مليون و600 ألف فقير؟ أتعرف لماذا يغسل الكلى نحو 60 ألف مريض، بينما يقبع على قوائم الانتظار حوالي 77 ألف مصري آخرين؟ أتعرف يا صديقي لماذا تتصدر مصر القائمة العالمية للوفاة بالمرض؛ حيث إن 30% من مرضى الفشل الكلوي في مصر يموتون سنوياً، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية 7%، حسب إحصائية للجمعية المصرية للكلي، ومنظمة الصحة العالمية؟ أتعرف يا صديقي لماذا يحمل 9 ملايين مصري عوامل خطورة ولديهم مرحلة من مراحل الفشل الكلوي؟ أتعرف يا صديقي لماذا يزيد انتشار السرطان في مصر بنسبة 34%، حسب وزير صحة الانقلاب أحمد عماد؟ أتعرف لماذا يتوقع ارتفاع معدلات انتشار السرطان في مصر 3 أضعاف العدد الحالي بحلول 2030، بحسب دراسة لجامعة عين شمس؟ أتعرف يا صديقي أن المعدل السنوي للإصابة بالسرطان في البلاد هو 14.5 حالة لكل 100 ألف شخص، وأنه في عام 2050 سيصاب به 34 مصرياً لكل 100 ألف نسمة، حسب بيانات البرنامج القومي لتسجيل الأورام في مصر لعام 2014. أتعرف لماذا تحتل مصر النسبة الأولى عربياً في قائمة مرضى القولون، تليها السعودية وليبيا؟ الإجابة ليست عندي. يا صديقي، الإجابة عن كل تلك الكوارث ليست عندي، بل عند هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). كشف التقرير الأميركي عن وجود منتجات زراعية تمت سقايتها بمياه المجاري، ما تسبب في ظهور بقايا لفضلات آدمية وحيوانية على العديد من المواد الغذائية التي تصدرها مصر إليها. حذرت الهيئة من استيراد أجبان مصابة ببكتيريا السالمونيلا والإيكولاي والمكورات العنقودية، ومنتجات غذائية ومشروبات تحتوي على ألوان صناعية ضارة وأملاح حمض الكبريتوز، وثاني أكسيد الكبريت. أكدت وجود منتجات زراعية تحتوي على مبيدات حشرية، وخضراوات مجففة تحتوي على مبيدات فطرية. كشفت استخدام الجير الأبيض المخصص لتركيب البلاط في تبيض الأرز المصري المستورد، مما قد يصيب متناوليه بالتسمم والسرطان. رصدت وجود مواد يغلب استخدامها في دفن الموتى "الفورمالين" في بعض المنتجات التي تصدر مجمدة كالملوخية، والسبانخ، والبامية، والبازلاء، والفول الأخضر، والخرشوف، الأمر الذي يجعلها سبباً رئيسياً في الإصابة بمرض الكبد الوبائي من فصيلة "A". منعت وزارة الزراعة الأميركية استيراد الجبن، وخاصة الرومي والأبيض، لاحتوائه على مادة "الفورمالين بالإضافة إلى أملاح قذرة يتم استخراجها من ملاحات بها بقايا حيوانات نافقة. قررت منع استيراد العصائر (المانجو والجوافة) المصرية التي تحتوي على ألوان ومكسبات طعم محرم استخدامها دولياً لتسببها في الفشل الكلوي وأمراض الكبد وضغط الدم. وفي نفس الوقت أوقفت روسيا مؤقتاً واردات الفاكهة والخضراوات من مصر اعتباراً من 22 سبتمبر/أيلول، وتبعتها السعودية بنفس القرار السبت الماضي، بعد أن أثبتت التحاليل عدم ملاءمة هذه المنتجات للاستخدام الآدمي. كما أعلنت الكويت، الخميس الماضي، أنها تُخضع عينات من المواد الغذائية الزراعية القادمة من مصر للفحص، كما تُراجع الإمارات والأردن قائمة ما تستورده من المنتجات المصرية خاصة الفراولة والبرتقال. المصيبة الأكبر المصيبة الأكبر يا صديقي هي: إذا كان هذا هو حال المنتجات المصدرة للخارج، فما بالك بالمنتجات التي يتناولها مساكين وفقراء ومن هم تحت خط الفقر ومعدومو الدخل من المصريين، طبعاً كارثة. عرفت يا صديقي ليه المصريين مش فارقة معاهم يموتوا بطيارات ومدافع السيسي ورصاص وخرطوش الشرطة؛ لأنهم كده كده بيموتوا من الأكل المسرطن والمهرمن والمياه والهواء الملوثين، وكله "بيزنس لحساب عزرائيل"، بالتعاون مع الكبار وأصحاب المزارع والمستوردين ورجال الأعمال ولواءات السيسي. بس يا صاحبي هقول لك حاجة: مش بس صاحب المزرعة اللى ما عندوش ضمير ده كمان كل عامل ساهم في رش مبيد مسرطن، أو وضع مادة قذرة على أكل الناس منزوع من كل آدمية. مش بس يا صاحبي الكبار اللى بينهبوا من قوت المساكين همّا المسئولين: لا بل الغلابة كمان، الساكتين على الجوع، والراضيين بالفقر، والفرحين بالذل، والمستكينين للقهر، والمستسلمين للمرض، والمنتظرين للموت بالسرطان من غير علاج، والواقفين في طوابير الغسيل الكلوي بلا أمل، والذين يلهثون خلف نصَّابي الانقلاب للعلاج من فيروس «سي». مش كده يا صاحبي: حاجة تكسف النفس، وتحزن القلب، وتهين الكرامة، وتقهر الشريف، وتوجع البطن، طب فين الدين؟ وفين الضمير؟ وإزاي همَّا مسلمين وبيصلوا ويصوموا رمضان وبيروحوا يحجوا ويمسكوا أستار الكعبة.. إذا كان ضميركم بلاستيك طب دين أبوكم إيه؟ ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :