شكّلت النسخة الثالثة من أعمال القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي في دبي، مناسبة جديدة لإظهار قدرات الإمارة «الاستثنائية» خليجياً، على التنظيم والابتكار والتطوير والإبداع المستمر في غير مجال. لم تقتصر «دسامة» القمة التي افتتحت أعمالها أمس، برعاية نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس الوزراء، وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على علو كعب المتحدثين والضيوف، فضلاً عن مضامين الجلسات المتنوّعة والغنية على حد سواء، بل امتدت إلى أبعد من ذلك بكثير، إذ تحوّلت إلى منصة كاملة متكاملة للإعلان عن إستراتيجية شاملة تسلط الضوء على الخطوط العريضة لكل تفصيل صغير وكبير، يتعلق بقطاعات الاقتصاد الإسلامي الكثيرة. القليل من الكلام والأحلام، الكثير من الأفعال... بهذه «الخلطة السحرية» البسيطة، اختصرت القمة التي حملت شعار «استلهام التغيير من أجل غد مزدهر» واقع إمارة دبي، الذي لا يشبه الواقع العربي بتاتاً، وإنما ينافس وربما يتفوق في كثير من الأحيان على نظيره في العديد من دول «الدرجة الأولى» على سطح الكرة الأرضية. القرقاوي من جانبه، أعلن وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، رئيس المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، محمد بن عبدالله القرقاوي، إطلاق «المنظمة العالمية للأوقاف»، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة والعالم. وقال القرقاوي خلال افتتاح مؤتمر الاقتصاد الإسلامي في دبي أمس، إن المبادرة الجديدة التي أطلقتها مؤسسة الأوقاف وشؤون القصرّ بدبي بالتعاون مع مركز دبي، تهدف إلى تطوير الاقتصاد الإسلامي ومركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة، وتشكل مظلة عالمية لرعاية شؤون الوقف وتفعيل دوره في بناء وتنمية المجتمعات والنهوض بها في المجالات كافة. وأشار إلى أن المنظمة العالمية للأوقاف تستكمل رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عولمة منظومة الاقتصاد الإسلامي وترسيخ مكانة الوقف كأحد أهم أدوات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم. وتابع أن هذه المبادرة ركيزة أساسية من استراتيجية دبي عاصمة لاقتصاد الإسلامي، التي تهدف إلى تطوير القطاع الوقفي وتوحيد الجهود بين الهيئات والمؤسسات الوقفية العالمية، لتعزيز دور الوقف كدعامة أساسية لتنمية المجتمعات ورافداً رئيسياً للتنمية الاقتصادية. وأوضح القرقاوي أن هذه المنظمة ستساهم في توحيد الجهود المحلية والعالمية، لبلورة منظومة مشتركة للاستثمارات الوقفية، تتوافق على قوانينها وتشريعاتها الهيئات والمؤسسات الوقفية على مستوى العالم، بهدف تطوير دور الوقف وإشراكه في التعاملات المالية والاستثمارات في مختلف القطاعات الإسلامية. وأفاد أن «الاقتصاد الإسلامي بأصوله الضخمة، وإمكانياته الهائلة، وقاعدة عملائه العريضة أصبح عاملاً رئيسياً في تأمين الازدهار للمجتمعات المختلفة»، إذ بات يوفر فرصا ضخمة نظراً لموادره الكبيرة، مشدّداً على أنه يحتاج إلى تطوير مستمر وعمل دؤوب ومتواصل لمضاعفة فرص نموه، وعلى أهمية إنشاء وابتكار خدمات إسلامية جديدة تناسب كافة المتغيرات. في المقابل، أشار إلى «أننا نملك الحلول والوسائل المتاحة لتحقيق التنمية في عالمنا الإسلامي، بما يساعد على إيصال رسالة الإسلام السامية بإعمار الأرض، وإسعاد البشرية، إلى جانب تنمية المجتمعات»، موضحاً في الوقت ذاته أن رؤية دبي واضحة لجهة تحقيق تنمية شاملة ونمو مستدام، مع التركيز على أن الاقتصاد الإسلامي، الذي يعد أحد أهم أدوات التمويل غير مستغل على الوجه المطلوب في الوقت الراهن. وشدد كذلك على أهمية الاستفادة من مختلف قطاعات الاقتصاد الإسلامي، وتطويرها على الوجه المطلوب، ومنها: التمويل والصيرفة، والصناعة الحلال، والسياحة العائلية، والفنون والتصاميم الإسلامية وغيرها من المجالات الأخرى المهمة. الطاير من ناحيته، رأى وزير الدولة للشؤون المالية في دولة الإمارات، عبيد حميد الطاير، أن القمة توفر فرصة مثالية لتبادل الأفكار بين رواد صناعة الاقتصاد الإسلامي على مستوى العالم، إلا أنها تلقي في المقابل المزيد من المسؤولية على عاتق الفقهاء وأرباب هذه الصناعة، خصوصاً لجهة تفعيل الاجتهاد وتجنب الجمود في سبيل تعزيز الابتكار، وتطوير هذه الصناعة ودمجها بالاقتصاد العالمي. وشدّد الطاير على أن تطوير الاقتصاد الإسلامي لا يعني الانعزال والانغلاق، بل يعني مزيداً من الترابط والتكامل لبناء قاطرة جديدة للنمو الاقتصادي محلياً وإقليمياً وعالمياً. وقال إن دولة الإمارات تعتبر من الدول الرائدة عالمياً في مجال الاقتصاد الإسلامي، فهي إلى جانب احتضانها أول بنك إسلامي في المنطقة، أطلقت مبادرة عالمية هدفها نشر مفاهيم الاقتصاد الإسلامي والتعريف بمجالاته وفرص النمو الواعدة فيه، خصوصاً وأن نشاطات الاقتصاد الإسلامي أثبتت صلابة ومتانة كبيرة في مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، في ظل الخصائص التي تتمتع بها، ولا تتوافر لنظيراتها التقليدية. ورأى أن إيجاد إطار عالمي ناظم للعمليات المالية الإسلامية، يحظى بالاعتراف الدولي من شأنه أن يمهّد الطريق ويفتح الباب نحو تجاوز عقبات الفروقات الإقليمية والدولية، سواء تلك التي تتعلق بإجراء المعاملات أو بحل النزاعات في حال نشوئها. الغرير بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، ماجد سيف الغرير، أن أهداف القمة تنسجم مع رؤية الشيخ محمد بن راشد الرامية إلى ترسيخ مكانة دبي، كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي، لافتاً إلى أنها تستكمل ما تم إنجازه خلال السنوات القليلة الماضية، لجهة وضع خطط إستراتيجية بغية تحقيق أقصى استفادة ممكنة من التطورات التقنية في العالم، لنشر الوعي على نطاق واسع حول دور الاقتصاد الإسلامي، ومساهمته في وضع حلول مستدامة للتغلب على التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.
مشاركة :