تاريخنا زاخر بالأدب الساخر ! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 10/12/2016
  • 00:00
  • 49
  • 0
  • 0
news-picture

يَعتَقد البَعض أَنَّ العَربَ أَجلافٌ، خَرّجتهم الصَّحَاري والقفَار، لذَلك لَا يُحسِنُونَ النُّكتَة، ولَا يَعرفون للأَدَب السَّاخِر بَابًا أَو مَحطَّة، ولَكن هَذا القَول إذَا مَرَّرنَاه عَلَى نَار الوَاقِع والوَقَائِع؛ سيَذوب ويَتلَاشى، مِثلما يَذوب السَّرَاب في الصَّحَاري..! تَعالوا بِنَا نَأخذ «جَردَة» للكُتب؛ التي كَتَبَهَا العَرَب في الأَدب السَّاخِر، والنُّكَت والطَّرائِف، والمُلَح والنَّوادِر، ولَعلَّ أَقرَب تِلك «المُؤلَّفات الضَّاحِكَة» إلَى الذِّهن - سَاعة هَذه الكِتَابة - كِتَاب: «جَمْع الجَواهِر في المُلَح والنَّوادِر»، للأَديب «الحُصري القيروَاني». ولـ»ابن النَّديم» كِتَابٌ جَميل في الظُّرْف والأَدَب الإبدَاعي اسمه: «الفِهرست». وفي الأَندَلس، هُنَاك كِتَابٌ ضَخم يَضمُّ عِدَّة أَجزَاء اسمه: «العِقد الفَريد»، للعلَّامة «ابن عبدربه»..! أمَّا في الشَّرق المُوازي للأَندَلُس، فهُنَاك كِتَاب: «الأَغَاني»، للأَديب «الأصفهَاني». وفي مِصر هُنَاك كِتَاب: «الفَاشوش في حُكم قَراقوش»، لـ»ابن مماتي». وإذَا وَاصَلْنَا الجَرد والتتبُّع؛ سنَجد كِتَاب: «نَهاية الأرب في فنُون الأَدَب»، لـ»النّويري». وكِتَاب: «المَحَاسن والمَسَاوئ»، للإمَام «البَيهقي». وكِتَاب: «عيُون الأخبَار»، لـ»ابن قتيبَة»..! والمُلَاحظ هُنَا في التُّرَاث العَربي، أنَّ بَعض الفُقهَاء يُؤلِّفون في الأَدَب الضَّاحِك والأسلُوب السَّاخِر، حَيثُ مَرّ بِنَا قَبل قَليل الإمَام «البيهقي»، وهو مِن رُوَاة الحَديث، بالإضَافَة إلَى أَنَّ الإمَام «الحافظ ابن الجوزي»؛ لَه كِتَابَان، الكِتَاب الأَوَّل يَحمل عنوَان: «أخبَار الظُّرفَاء والمُتحَامقين»، والآخَر يَحمل عنوَان: «أخبَار الحَمْقَى والمُغفَّلين»..! أمَّا الكِتَاب الذي تَربّينَا عَلى طَرَائفه، ونُكته ونَوادره، فهو كِتَاب الإمَام «الأبشيهي» المُمتع: «المُستَطْرَف في كُلِّ فَنٍّ مُستَظْرَف»..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنَّ الطُّرفة تَكون أحيَاناً أَمضَى وأَقوَى سِلاح، حَيثُ تَذكُر كُتب «النَّوادر»، أَنَّ أَهل حِمص نَجوا مِن بَطش «تيمورلنك» بمَحضِ النُّكتَة، حِين خَرجوا لاستقبَال جَيشه الغَاصِب، وهُم يَضربون الأوَاني والقدُور بالمَغَارِف والمَلَاعِق، مُحذِّرين «تيمورلنك» وجنُوده مِن شُرب ميَاه النَّهر في حِمص، لأنَّها هي التي أَصَابتهم بالجنُون، فمَا كَان مِن «تيمورلنك» إلَّا أَنْ وَلَّى هَارِبًا، سَاحِبًا جَيشه الجَرَّار.. وهَكَذَا انتَصَرَت الظُّرفَة والنُّكتَة عَلى القُوَّةِ المُتجبِّرَة..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :