تعمل بلدية رام الله على إعادة إحياء الكثير من المباني القديمة التي هجرها أصحابها في الأعوام الماضية، من خلال الاستحواذ عليها وإعادة ترميمها ليس بهدف الحفاظ على التراث فحسب، بل لتوظيفها في مجالات فنية وإبداعية متعددة. وتقع هذه المباني في البلدة القديمة من رام الله التي تضم وفق إحصاءات البلدية 208 مبان تاريخية، منها 67 في المئة ذات طابق واحد، ويستخدم منها حوالى 80 في المئة للتجارة والسكن. وقالت مسؤولة الدائرة الثقافية في البلدية سالي أبو بكر اليوم (الثلثاء)، "لدينا مشروع طموح في البلدية لإعادة إحياء الكثير من المباني القديمة في المدينة، من خلال شرائها من أصحابها وتخصصيها لاستخدامات مختلفة في البلدية." وأضافت "العملية ليست سهلة، فهذه البيوت يملكها الكثير من الورثة وقد تستغرق عملية استملاكها أعواماً، إضافة إلى أن أعمال الترميم مكلفة، حيث يتم إعادة المباني إلى ما كانت عليه." وأوضحت أن البلدية نجحت بالفعل في الحفاظ على عدد من المباني، والتي كان آخرها هذا العام بترميم مبنيين أحدهما سيستخدم كجزء من متحف للمدينة، والآخر سيكون استوديو للتصوير والأعمال الفنية. واستغلت البلدية نشاطات معرض "قلنديا الدولي" في نسخته الثالثة الذي يقام هذا العام تحت شعار "هذا البحر لي"، للمشاركة في معارض فنية تقام للمرة الأولى في المبنيين اللذين تم الانتهاء من ترميمهما، وهما مبنى "دار الصاع" ومبنى "حوش قندح". وأقيم أمس في "دار الصاع" الذي أعيد ترميمه بعدما اشترته البلدية من أصحابه حفل منح جائزة "الفنان الشاب" التي تمنحها مؤسسة "عبد المحسن قطان" لأفضل عمل فني لفنانين شبان عرضوا أعمالهم في المبنى. ونظمت بلدية رام الله معرضاً فنياً بعنوان "عودات" في مبنى "حوش قندح" الذي انتهت من ترميمه بعد شرائه من أصحابه بمشاركة 11 فناناً وفنانة بأعمال فنية مختلفة، توزعت بين الرسم والفيديو آرت والأعمال الأدائية. وقال عضو مجلس البلدية كمال دعيبس في حفل افتتاح المعرض أمس: "مبنى حوش قندح التاريخي الجميل سيشكل مساحة لعمل فنانين مستقلين في مجال الفنون البصرية وبرامج تستهدف الحرفيين والفنانين على مدار العام". وجاء في نشرة على الموقع الرسمي للبلدية: "الاهتمام بالمواقع التراثية والأثرية وتطويرها انعكاس لإرثها الحضاري والإنساني أحد الأهداف التي تسعي بلدية رام الله إلى تحقيقها." وذكرت أنها تعمل على إعادة ترميم مبنى "بيت الفرح" الواقع ضمن الجزء القديم من المدينة ليكون بيتاً للضيافة. وقالت سالي أبو بكر إنه "في ظل غياب القوانين المتعلقة بحماية المباني القديمة من خطر الهدم وإقامة مبان حديثة مكانها اتجهت البلدية ضمن خطة استراتيجية لتملك هذه المباني لحمايتها وإعادة الحياة إليها، بالتعاون مع عدد من المؤسسات المحلية والدولية". وأضافت "هناك حاجة لتعزيز ثقافة الحفاظ على المباني التاريخية القديمة التي تشكل جزءاً أساسياً من حضارتنا وتاريخنا وثقافتنا." ويمكن زائر البلدة القديمة في المدينة ملاحظة أهمية هذه المباني في خدمة الكثير من القطاعات، فمنها ما تحول إلى معهد لتعليم الموسيقى وأخرى تقدم فيها البلدية خدماتها للمواطنين. وساهم معرض "قلنديا" في إبراز أهمية هذه المباني في خدمة الحياة الثقافية في المدينة. وتشير الدراسات إلى أن البيوت القديمة في مدينة رام الله بنيت ما بين بداية القرن الـ 20 ومنتصفه.
مشاركة :