استضافت القاهرة أمس قمة ثلاثية مصرية - قبرصية - يونانية قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في أعقابها إنها شهدت اتفاقاً على «تحقيق نقلة نوعية» في العلاقات بين الدول الثلاث التي اتفقت على زيادة التنسيق بينها لمواجهة الهجرة غير المشروعة إلى أوروبا. والتقى السيسي ونظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس للمرة الرابعة منذ إطلاق آلية التعاون الثلاثي بين دولهم. وحرصوا في كلماتهم خلال مؤتمر صحافي في اختتام اللقاء أمس، على تأكيد ضرورة الوصول إلى حل للقضية القبرصية «يضمن توحيد الجزيرة. وأوضح تسيبراس أن القمة تناولت «ترسيم المناطق الاقتصادية في البحر المتوسط». واتفق القادة الثلاثة على زيادة التنسيق في مواجهة الهجرة غير المشروعة، في أعقاب مقتل أكثر من 200 شخص إثر غرق مركب مهاجرين قبالة سواحل كفر الشيخ في شمال مصر الشهر الماضي. ودعا السيسي إلى «تنظيم الهجرة المشروعة وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات». وناقش اللقاء «التعاون البحري والتكامل بين الموانئ بهدف تطوير شبكة النقل البحري، فضلاً عن التعاون السياحي وتطوير برامج سياحية مشتركة تجذب سياحاً من الصين وفرنسا لتنظيم رحلات تجمع بين قبرص واليونان ومصر». وقال السيسي في كلمته خلال المؤتمر الصحافي في قصر الاتحادية الرئاسي إن «التئام القمة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي أمر يعكس الحرص على عقد اجتماعات هذه الآلية على مستوى القمة بانتظام، بما يمثل نموذجاً إقليمياً لعلاقات التعاون وحسن الجوار، باعتبارها مدخلاً للحفاظ على أمن منطقة المتوسط واستقرارها في شكل عام». وأضاف: «عكس اجتماعنا توافقاً كبيراً في الرؤى، لا سيما في ما يتعلق بتحقيق نقلة نوعية في التعاون الثلاثي في مختلف المجالات خلال المرحلة الراهنة». ولفت إلى أن «القمة أكدت الأولوية التي تحتلها حالياً قضية الهجرة غير المشروعة وتدفق اللاجئين»، موضحاً أن «الرؤية المصرية تجاه تلك القضية تقوم على أهمية أن يتم التعامل مع هذه الظاهرة في إطار منهج شامل ومتوازن لا يركز فقط على البعد الأمني وترحيل المهاجرين، وإنما يركز على قضايا تنظيم الهجرة المشروعة كالهجرة الموسمية، وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات، إلى جانب دعم التنمية في دول المصدر والعبور». وأشار إلى أن المحادثات «تطرقت إلى سبل الإسراع بتنفيذ المشاريع المشتركة في عدد من المجالات، منها تعظيم الاستفادة من موارد الطاقة وتنميتها واستخدامها لمصلحة شعوبنا، والحفاظ عليها باعتبارها ملكاً للأجيال المقبلة ومصدراً لتأمين الطاقة لها، وذلك إلى جانب المحافظة على البيئة في البحر المتوسط وتفعيل الربط بين موانئ دولنا، إضافة إلى المشاريع المشتركة في مجالات الزراعة والسياحة بهدف توفير فرص العمل لشبابنا». وأوضح أنهم تطرقوا إلى «الأوضاع الإنسانية المتدهورة في كل من سورية وليبيا واليمن، وأكدنا ضرورة إنهاء معاناة تلك الشعوب ومحاولة استعادة الاستقرار في المنطقة اتساقاً مع القواعد الراسخة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة». وأضاف: «أعربت خلال المحادثات عن استمرار دعم مصر جهود التوصل إلى حل عادل للقضية القبرصية، بما يضمن إعادة توحيد شطري الجزيرة، ويراعي حقوق القبارصة، وفق قرارات الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة». واعتبر الرئيس القبرصي أن «القمة كانت ناجحة تماماً». وزاد أن «مصر وقبرص واليونان تواجه تحديات ومشكلات مشتركة، وهذا التعاون الذي أصبح له شكل مؤسسي سيستمر من دون أن يكون موجهاً إلى أي طرف آخر». وأشار إلى أن المحادثات تطرقت إلى توسيع التعاون في مجالات الطاقة والنقل البحري والسياحة، والكثير من المجالات الأخرى، من خلال لجان مختصة شُكلت لتنفيذ ما تمت مناقشته، موضحاً أن اللقاء ناقش «توفير الإطار المؤسسي للتعاون بين الدول الثلاث في مجالات كثيرة». ولفت إلى أن القادة ناقشوا «مكافحة الإرهاب وتدفق المهاجرين ودور مصر الحاسم في الأمرين». وقال إنه أبلغ السيسي وتسيبراس بتطورات «حل المشكلة القبرصية»، وشرح لهما «نقاط التقارب والاختلاف»، معبراً عن «العرفان للرئيس السيسي لدعمه المتواصل في مختلف المحافل للحل العادل للمشكلة القبرصية». وأضاف: «في السنوات الماضية منذ تولي الرئيس السيسي السلطة، زادت قوة العلاقات وزادت قوة الدعم لدولة صغيرة مجاورة تعاني من مطامع أطراف ثالثة، وتقدمت أيضاً بالعرفان لرئيس وزراء اليونان على دعمه». وأوضح أن «المشاورات التي تمت شهدت توافقاً على أن اكتشاف احتياطات (للغاز) في منطقة شرق البحر المتوسط من الممكن أن يلعب دوراً حاسماً في تحقيق الاستقرار ورخاء بلادنا، ويوفر آفاقاً مستقبلية للتعاون مع أوروبا». وتحدث رئيس وزراء اليونان عن «ضرورة مواجهة التحديات الأمنية ومشكلات الهجرة، والتعاون لمواجهة هذه التحديات». واقترح «نموذجاً للتعاون» يستغل موقع الدول الثلاث الاستراتيجي في هذا الصدد. وقال: «تحدثنا عن ضرورة تعميق التعاون في مجال الطاقة ونقل الغاز الطبيعي من حقول في مصر وقبرص إلى أوروبا، وتحدثنا عن ترسيم المناطق الاقتصادية بيننا، وتحدثنا عن التعاون في المجال المهم لتنمية مصادر الطاقة المتجددة، وقررنا عقد لقاءات مشتركة بين وزرائنا المعنيين». وأضاف: «خُصص جزء كبير من المناقشات للحوار في شأن التطورات الإقليمية وضرورة التنسيق في مواضيع الأمن والتعاون من أجل الدفع بمواقفنا في محافل دولية مختلفة في إطار حدة التوتر في المنطقة. أكدنا ضرورة احترام القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار، وأؤكد أنه من المزعج أن نستمع إلى أصوات من منطقتنا تتجه إلى الاتجاه المخالف، وتشكك باتفاقات تاريخية دولية، وأعتقد بأن الرد على مثل هذا التشكيك يجب أن يكون مشتركاً وواضحاً جداً وثابتاً من ناحية المجتمع الدولي، وأيضاً من جانب دول الجوار التي لديها هدف واحد وهو الحفاظ على الاستقرار في المنطقة... احترام القانون الدولي بداهة لضمان الاستقرار في المنطقة وهو الأساس الوحيد لتنمية علاقات التعاون. من الضروري إيجاد حل عادل للقضية القبرصية يعتمد على قرارات الأمم المتحدة، وبالطبع يكون حلاً لا يمكن أن يتضمن الحفاظ والإبقاء على قوات احتلال في قبرص، يجب أن يكون حلاً لمصلحة الشعب القبرصي».
مشاركة :