أعرب مختصون نفطيون عن ارتياحهم للتطورات الأخيرة في السوق، خاصة بعد عدة تصريحات إيجابية صدرت خلال المؤتمر الدولي للطاقة في إسطنبول وفى مقدمتها تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده على استعداد إلى الانضمام إلى اتفاق تجميد الإنتاج أو حتى خفض الإنتاج بالتعاون مع منظمة أوبك، متمنيا سرعة توافق أوبك على حصص إنتاجها من النفط في الاجتماع الوزاري لأوبك في نوفمبر المقبل. كما دعم الأجواء الإيجابية في السوق – بحسب المختصين – تأكيدات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي على حالة التفاؤل في الأسواق، وتوقع انجاز اتفاق ناجح الشهر المقبل يعقبه انضمام عدد مناسب من المنتجين المستقلين من خارج منظمة أوبك، حيث أن رغبة جميع المنتجين تلاقت حول الحاجة إلى التعجيل باستعادة التوازن في سوق النفط الخام. وتفاعلت الشركات إيجابيا مع تأكيدات المهندس الفالح، بأن الهدف الحالي ليس مجرد رفع الأسعار، لكن تنشيط الاستثمارات لأن هذا أفيد وأبقى للصناعة على المدى الطويل. ومازال الموقف الروسي ملتبسا حيث تحدث الرئيس الروسي عن إمكانية التجاوب مع أوبك في خفض الإنتاج، بينما أكد الكسندر نوفاك وزير الطاقة أن بلاده تستطيع فقط القيام بتجميد الإنتاج، وفى المقابل تجاوبت شركة لوك أويل مع فكرة التجميد أمام عملاق النفط الروسي روسنفت فقد رفضت فكرتي التجميد أو الخفض في إنتاج النفط الخام أو إتباع أوبك في أي من قراراتها. كما رحب المختصون بإعلان السعودية رسميا أن عام 2018 سيشهد الطرح الأولى لخصخصة 5 في المائة من عملاق النفط "أرامكو"، وسط توقعات بأن يكون سوق النفط الخام في هذا العام قد استعاد كثيرا من زخمه وتوازنه، ما يجعل هذا الطرح أكثر جاذبية للاستثمار من مختلف دول العالم. من ناحيتها، مالت أسعار النفط الخام إلى الانخفاض بعد أن سجلت مستوىات قياسية هي الأعلى على مدار العام، وذلك بفعل جني الإرباح فيما يترقب السوق الاجتماع التشاوري اليوم في إسطنبول بين "أوبك" والمنتجين من خارجها. وفى هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، أن اتفاق أوبك المتوقع الشهر المقبل سيساهم كثيرا في سرعة تعافى السوق، مشيرا إلى انه وبحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية كان من المفترض أن تستمر تخمة المعروض حتى منتصف العام المقبل، لكن في ضوء توقعات إنجاز أوبك لاتفاق خفض الإنتاج فإن السوق سيتعافى بشكل سريع وسيحقق مستوىات سعرية جيدة ومرضية للمنتجين والاستثمارات. وأشار إلى أنه بحسب تقديرات روسية فإن استثمارات النفط الصخري الأمريكي تربح إذا بقي مستوى الأسعار فوق 50 دولارا للبرميل، مشيرا إلى أنه يأمل ألا يقود نشاط الإنتاج الأمريكي إلى عودة حالة تخمة المعروض، وأن يتجاوب جميع المنتجين في "أوبك" وخارجها مع المطالبات بتقييد الإنتاج دعما للإبقاء على حالة التوازن بين العرض والطلب. وشدد على ضرورة أن تسارع روسيا بتحديد موقفها بشكل واضح وبكل شفافية لأنه من الواضح أن هناك تباينا بين موقف الحكومة والشركات والأخيرة هي المسيطرة والموجهة للصناعة، مشيرا إلى أن الشركات الروسية لا ترغب ولا تحبذ خفض أو تجميد الإنتاج ربما لصعوبات فنية متعلقة بظروف الإنتاج والتخزين. وأضاف، أن البعض في الجانب الروسي يتوقع تجدد الخلافات بين دول أوبك في الاجتماع المقبل، وبالتالي صعوبة تمرير اتفاق خفض الإنتاج، لكن كل المؤشرات الحالية تؤكد أن أوبك قد بدأت مرحلة جديدة وأنها في طريقها لاحتواء الخلافات ودعم العمل المشترك لتحقيق توازن السوق وتعافي الصناعة. من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية" سيفين شيميل مدير شركة " في جي إندستري " الألمانية، أن البدء في تحديد الجدول الزمني لخصخصة 5 في المائة من عملاق النفط السعودي "أرامكو" هي خطوة مهمة، ويتطلع إليها السوق منذ الإعلان عن هذا التوجه الجديد. وأضاف، أن اختيار عام 2018 لتنفيذ الطرح الأولى لا شك أنه جاء بعد دراسات وتقديرات دقيقة لتطورات السوق، حيث من المتوقع في هذا العام أن يكون السوق قد تعافى على نحو جيد واستعاد النفط الخام مستوىات سعرية جيدة، وعادت عجلة الاستثمار للنشاط من جديد وهو ما سيجعل الظروف مواتية أكثر لتنفيذ هذا الطرح المهم والمرتقب. وأشار إلى أن عدم انجاز اتفاق بين منتجي أوبك الشهر المقبل سيكون محبطا للسوق وسيؤثر سلبا على برامج التعاون، مشددا على ضرورة عدم التراجع عن تحقيق تقدم في العمل المشترك لدعم الأسعار من خلال توازن العرض والطلب، منوها إلى وجود تحضيرات جيدة تبشر بالخير بدأت في الجزائر ثم في إسطنبول، حيث ستعقد جولة جديدة من المشاورات بين المنتجين في اوبك وخارجها. من ناحيته، أشار لـ"الاقتصادية" ردولوف هوبر المختص والباحث في شئون الطاقة، إلى أنه من الغريب أن تتبنى شركة روسنفت الروسية العملاقة موقفا مخالفا لرئيس البلاد ووزير الطاقة بإصرارها على رفض أو تخفيض الإنتاج وأيضا التشكيك في قدرة أوبك على انجاز الاتفاق، مشيرا إلى الفترة المقبلة تحتاج إلى التنسيق والتناغم بين كل المنتجين والشركات ودعم خطوات جدية وسريعة لاستعادة الاستقرار في السوق. وأشار إلى أن تعافى الأسعار سيصب في مصلحة عودة انتعاش الاستثمارات من جديد بعد فترة طويلة من الانكماش، بسبب ضعف الأسعار متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة رواجا أكثر في الاعتماد على الطاقة التقليدية خاصة مشروعات الغاز الطبيعي المسال. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط بالسوق الأوروبية أمس، ضمن عمليات التصحيح وجني الأرباح، بعد ارتفاعها الواسع الإثنين وتسجيلها أعلى مستوى في عام، يأتي هذا في الوقت التي تتوقع فيه وكالة الطاقة الدولية عودة التوازن سريعا للسوق في حال خفضت أوبك الإنتاج . وتراجع الخام الأمريكي بحلول الساعة 09:00 بتوقيت جرينتش إلى مستوى 50.85 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 51.10 دولار وسجل أعلى مستوى 51.46 دولار وأدنى مستوى 50.79 دولار. ونزل خام برنت إلى مستوى 52.60 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 53.03 دولار، وسجل أعلى مستوى 53.25 دولار وأدنى مستوى 52.50 دولارا. وأنهي النفط الخام الأمريكي "تسليم نوفمبر" تعاملات الإثنين مرتفعا بنسبة 3.2 في المائة، بأكبر مكسب يومي منذ 28 أيلول (سبتمبر)، مسجلا أعلى مستوى في أربعة أشهر 51.58 دولارا للبرميل، وصعدت عقود برنت "عقود ديسمبر " بنسبة 2.5 في المائة وسجلت أعلى مستوى في عام 53.72 دولارا للبرميل. وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس، أن التوازن في سوق النفط قد يتحقق بأسرع مما هو متوقع في العام المقبل إذا تمسكت أوبك بهدفها الجديد للإنتاج، وأكدت الوكالة أن الإنتاج العالمي قد يتوازن مع الطلب في حال اتفاق "أوبك" على خفض الإنتاج. وحققت أسعار النفط ارتفاعا بنحو 15 في المائة منذ اتفاق أوبك المبدئي أواخر الشهر الماضي في الجزائر على خفض إنتاجها للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، ومن المقرر أن يجتمع أعضاء من "أوبك" مع منتجين آخرين من خارجها في إسطنبول هذا الأسبوع لبحث مشاركة المنتجين الآخرين في اتفاق خفض الإنتاج. وذكرت مجموعة جولدمان ساكس، أن هناك احتمالا كبيرا لاتفاق بين روسيا والسعودية على خفض إنتاج النفط، لكن الصفقة قد تكون فاشلة في حال ارتفاع الأسعار بصورة تعزز من إنتاج المنتجين الآخرين خاصة منتجي النفط الصخري مرتفع التكلفة. من جانب آخر تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 48.31 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 48.59 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حققت أول تراجع محدود عقب سبعة ارتفاعات متتالية، وإن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 46.65 دولار للبرميل.
مشاركة :