طالب برلمان إقليم شبه جزيرة القرم الذي يتمتع بحكم ذاتي جنوب أوكرانيا ويدير سلطاته موالون لموسكو منذ أن دخلته قوات روسية في 28 شباط (فبراير) الماضي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضم الإقليم إلى بلاده، وأعلن تنظيم استفتاء في 16 الشهر الجاري للموافقة عليه، بعدما كان الموعد السابق تحدد في 30 الجاري. وأوضح النائب في جمهورية القرم، غريغوري لوف، أن الناخبين سيختارون بين الانضمام إلى الاتحاد الروسي، أو تعزيز الحكم الذاتي لشبه الجزيرة، علماً أن رئيس الاتحاد السوفياتي السابق نيكيتا خروتشيف المتحدر من أوكرانيا كان «وهب» القرم إلى أوكرانيا السوفياتية عام 1954، ثم منحتها كييف عام 1992 وضع جمهورية تتمتع بحكم ذاتي لمنع محاولات انفصالية. وسارع الكرملين إلى تأكيد أن بوتين ناقش طلب برلمان القرم في اجتماع ترأسه مجلس الأمن الروسي الذي يضم رئيس الوزراء ديميتري ميدفيديف ورئيس هيئة الأمن الفيديرالية نيكولاي بوتنيكوف ورئيس الاستخبارات ميخائيل فرادكوف ووزير الدفاع سيرغي تشويغو ورئيس ديوان الرئاسة سيرغي ايفانوف. ووصف وزير الاقتصاد الأوكراني بافلو شيريميتا الاستفتاء المقرر للقرم بأنه غير شرعي، فيما أعلنت النيابة العامة الأوكرانية بدء ملاحقة رئيس الوزراء الجديد لحكومة القرم، سيرغي اكسيونوف ورئيس البرلمان المحلي فولوديمير كونستانتينوف بتهمة «المس بوحدة أوكرانيا». وقد يحكم عليهما بالسجن عشر سنوات. ولاحقاً، اعلن نائب رئيس حكومة القرم، رستم تيميرغالييف، أن مرسوم انضمامها إلى روسيا أصبح سارياً، وأن القوات الأوكرانية التي لا تزال موجودة على أراضيها ستعامل معاملة المحتلين، وستجبر على الاستسلام أو الرحيل. وقال: «القوة المسلحة الشرعية الوحيدة على أرض القرم هي القوات المسلحة الروسية، والقوات المسلحة لأي دولة ثالثة هي محتلة». وزاد: «يجب أن تختار القوات الأوكرانية بين إلقاء سلاحها وترك مواقعها، أو قبول الجنسية الروسية والانضمام إلى الجيش الروسي. وإذا لم تقبل فنحن مستعدون لتوفير ممر آمن لهم من القرم إلى أراضي أوكرانيا». كذلك، صرح عمدة مدينة سيفاستوبل في القرم، ألكسي تشالي، بأن مدينته «لن تشارك في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقررة في 25 أيار (مايو) المقبل، والتي تفرضها سلطة غير شرعية. وهي تتمسك حالياً بالقانون، وتحاول الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع كييف التي تدفع لها الضرائب». وأشار إلى أن المدينة ستستخدم، في حال توقف وصول أموال من الموازنة الأوكرانية، نقود صندوق الاستقرار التي توفرها تبرعات مصدرها روسيا والعالم. إلى ذلك، اعلن رئيس الوزراء الروسي ميدفيديف إن بلاده تيّسر إجراءات الحصول على الجنسية لأجانب كانت الروسية لغتهم الأم ومكثوا فيها أو في الاتحاد السوفياتي السابق، ما يوجه رسالة للغرب بأنها لن تتراجع في شأن أوكرانيا التي يرى روس كثيرون أنها امتداد لبلدهم. وأشار ميدفيديف دون أن يذكر أوكرانيا بالاسم خلال اجتماع لحكومته إلى أن الإجراءات الميسرة التي قد تتضمن منح الجنسية خلال ثلاثة أشهر ستنطبق على من يعيشون في روسيا أو على أراض كانت ذات يوم جزءاً من الإمبراطورية الروسية أو الاتحاد السوفياتي. وأضاف أن «المهنيين أو الاختصاصيين ذوي الكفاءة العالية الذين تخرجوا من جامعات أو معاهد روسية أو سوفياتية سيكون لهم أولوية»، علماً أن سيرغي ميرونوف الذي أعد مسودة القانون توقع صدوره الأسبوع المقبل. على صعيد آخر، أبدى نائب وزير الخارجية الروسي فاسيلي نيبينزيا اعتقاده بأن انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي (الناتو) «أمر مستحيل»، مؤكداً أن روسيا والغرب تفهمان معنى انضمام أوكرانيا إلى الحلف بالنسبة إلى روسيا. وأفادت وسائل إعلام روسية بأن «اجتماعاً لكومنولث الدول المستقلة، وهي الدول السوفياتية السابقة، سيُعقد في 4 نيسان (أبريل). وقد يسبقه اجتماع بين ديبلوماسيين من روسيا وأوكرانيا». القرم ودونيتسك ميدانياً، واصل جنود روس تمركزهم في قاعدة عسكرية صغيرة قرب قرية بريفالنويي على طريق سريع عبر جبال القرم، رغم صدور أوامر لهم بالمغادرة. وصدّ الروس محاولات متفرقة من القوات الأوكرانية لاستعادة السيطرة على القرم، لكن لم يصل الأمر إلى حد استخدام قوة كبيرة، ولم تقع اشتباكات أو يسقط قتلى. ويريد الجنود الموالون لكييف في القرم الذين يتفوق عليهم الروس في السلاح، تجنب مواجهة مع القوات الروسية التي تواجدوا معها لزمن طويل في شبه الجزيرة الذي يضم قاعدة لأسطول البحر الأسود الروسي. وعندما شق مسلحون ناطقون بالروسية يرتدون الأسود طريقهم إلى موقع مراقبة حدودي في كيرتش ليل الاثنين الماضي لم تندلع معركة. وأعلن مصدر ديبلوماسي غربي أن مسلحين منعوا مراقبي منظمة الأمن والتعاون الأوروبية الـ 40 الذين قدِموا إلى أوكرانيا بطلب من النظام الجديد، من دخول القرم. وأوضح المصدر أن مجموعتين من المسلحين المتمرسين منعوا المراقبين وبينهم ضابطان بولنديان من عبور جسر على طريق مؤدٍ من أوديسا إلى القرم واحتجزوهم. في دونيتسك شرق أوكرانيا، طردت الشرطة متظاهرين موالين لروسيا احتلوا مبنى الإدارة المحلية، وأوقفت 75 منهم. وكانت السلطات استعادت السيطرة أول من امس على المبنى الذي اقتحمه موالون لروسيا الاثنين، ثم اقتحمه المتظاهرون بعد ساعات. ودونيتسك هي معقل الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور ياكونوفيتش، وتوجد في الحوض المنجمي لدونباس على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود الروسية. وعيّن المحتجون «حاكمهم» بافل غوباريف، رافضين سلطة الحاكم سيرغي تاروتا الذي عينته السلطات الأوكرانية الجديدة في كييف. وأعلنت النيابة العامة الأوكرانية فتح تحقيق يستهدف غوباريف بتهمة «المس بوحدة أراضي» البلاد، علماً أن الأخير اعلن بعد هجوم أمس انه موجود في شقته. عقوبات على روسيا وحذرت واشنطن من أن أي تحركات روسية شرق أوكرانيا يمكن أن تزيد تصعيد الموقف، مؤكدة استعدادها لاتخاذ خطوات إضافية، بعدما أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بفرض حظر على منح تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة، «رداً على الانتهاك الروسي المستمر لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها». وفي أمر تنفيذي، جمّد أوباما ممتلكات «أشخاص ضالعين مباشرة في زعزعة استقرار أوكرانيا، والتدخل العسكري في القرم». وعلى خلفية التدخل الروسي في القرم، انسحبت واشنطن من الاجتماعات التحضيرية لمجموعة الثماني، وحذرت بأنها ستفرض عقوبات على موسكو. وبين الخطوات المحتملة الأخرى، تعليق المناقشات الثنائية حول التجارة والاستثمار بين البلدين. وكشف البيت الأبيض أن الصين والولايات المتحدة اتفقتا، بعد اتصالات رفيعة المستوى، على ضرورة احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها في نزاعها الحالي مع روسيا، و»تعميق» التعاون العملي في التعامل مع التحديات الإقليمية والعالمية. وتتبنى بكين سياسة حذرة في الأزمة الأوكرانية، إذ تمتنع عن انتقاد شريكتها الاستراتيجية روسيا وتنتهج في نفس الوقت سياستها المعلنة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. الى ذلك، باشر الاتحاد الأوروبي تجميد أرصدة 18 مسؤولاً أوكرانياً بينهم الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش ومقربون منه أهمهم ابنه ألكسندر رجل الأعمال الذي تقدر ثروته بأكثر من 500 مليون دولار، ووزراء سابقون متهمون باختلاس أموال عامة. وقال المجلس الأوروبي في بيان إن «العقوبات تتضمن إجراءات لمحاولة استعادة الأموال المهربة» موضحاً أن العقوبات «فرضت في البدء لمدة 12 شهراً». وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن محاولات «شركائنا» اتخاذ إجراءات من أزمة أوكرانيا عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والحلف الأطلسي لا تساعد في التعاون والحوار. وأعلن رئيس الوزراء الأوكراني آرسيني ياتسينيوك استعداد بلاده «في اسرع ما يمكن» لتوقيع اتفاق شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي رفض توقيعه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في تشرين الثاني (نوفمبر). روسيااوكرانبا
مشاركة :