أنهى زوجان مُسِنَان سيناريو قصة اختفاء جثمان الضابط السعودي الذي غرق في أحد شواطئ ولاية "تكساس الأمريكية"، السبت الماضي، عقب قيامه بنزهة بحرية برفقة زملائه المبتعثين من كلية الملك عبدالعزيز الحربية الذين قدِموا قبل 3 أسابيع من أجل الانخراط في دورة طيران لمدة عامين. تعود تفاصيل العثور على الغريق الملازم محمد بن خالد جروة السبيعي؛ إلى واقعة زوجيْن مُسِنَيْن كانا يتجوّلان بالقرب من شواطئ دولة المكسيك، ليُشاهدا جثّة رجل تقع على مقربة منهما، وقد اتضح عليها كثرة البقاء في البحر فترة ليست بالقصيرة؛ ليُبادرا فوراً بإبلاغ السلطات الأمنية. وقال رفيق دربه في الرحلة المؤلمة ومَن يستعد لإنهاء دراسته في تخصُّص الهندسة الكهربائية بالولايات المتحدة الأمريكية "راجح السبيعي"؛ لـ "سبق": "كُنت أتناول وجبة الإفطار، وأبلغني أحد الأقارب بتواتر معلومات تُشير للعثور على جثمان الغريق، وبانتقالي لاستطلاع ذلك في مركز الشرطة، أفادوني فعلاً بصحة ذلك، ووجود الجثمان لديهم". وأضاف: "حاولت رؤيته وبرفقتي دبلوماسيون سعوديون، ولكن كان هناك إلحاحٌ شديدٌ بألا أنظر له خوفاً على صحتي، وعن كون تلك المشاهد تظل عالقةً بالأذهان؛ الأمر الذي جعلني أتريّث في طلبي، رغم شوقي الكبير لتقبيله وحضنه".. مُشيراً إلى أن السلطات الأمنية هناك طلبت إجراء فحوص طبية وأشعة مقطعية للتأكّد من سبب الوفاة كإجراءٍ قانوني. وعن موقع العثور عليه، أفاد "السبيعي"؛ بأن جثمانه - تقبّله الله في الشهداء -، قطع شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية، وعُثر عليه بمقربة من حدود المكسيك، وتحديداً على بُعد 3 كم من الأخيرة. ووصف صدمة والدته فور سماعها بالقصة بمبادرتها بالسجود لله صبراً وحمداً وشكراً على ما جرى لفلذة كبدها، وعن كونه من الشهداء – إن شاء الله – إثر نطقه بالشهادة في آخر لحظات حياته. وأكّد "السبيعي"؛ أن سفارة المملكة هناك تقوم بدورها فيما يتعلّق بالإجراءات النظامية والقانونية قبل نقل جثمانه لأرض الوطن. وكان الملازم محمد السبيعي؛ أحد الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل ثلاثة أسابيع مبتعثاً برفقة عدد من زملائه في كلية الملك عبدالعزيز الحربية؛ للانخراط في دورة طيران لمدة عامين. وفي يوم الحادثة استيقظ "السبيعي"؛ مبكراً لأداء صلاة الفجر، وأيقظ زملاءه الذين ينامون معه، وطلب منهم الذهاب للنزهة بأحد شواطئ "ولاية تكساس الأمريكية" المُطلة على خليج المكسيك، ووافق أفراد الرحلة البالغ عددهم ستة أشخاص، وجميعهم كانوا قادمين من السعودية مع الغريق مبتعثين من كلية الملك عبدالعزيز الحربية؛ للانخراط في دورة طيران، تمتد عامين كاملين، ويرافقهم طالب الابتعاث المدني الذي يُعد دليلهم السياحي في المنطقة؛ بحكم إقامته التي امتدت أعواماً في دراسة الهندسة الكهربائية هناك. وخلال الرحلة استشعر أصدقاء الرحلة أن مصير حياتهم قد يكون بين أمواج لا ترحم؛ فتمكّن اثنان من الهرب من المصير، وتعرّض أحدهما لحالة إغماء وإعياء شديد، ولم يتبق إلا الغريق "محمد السبيعي" وقريبه "راجح"، اللذان ظلا ممسكَين ببعضهما محاولَين استخدام طرق سليمة لا تتأثر بفعل الأمواج، وهما على بُعد 500 متر من منطقة الأمان، وما هي إلا دقائق معدودة حتى ابتلعت الأمواج العنيفة "محمد السبيعي" وهو يردّد بأعلى صوته: "لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله"، وكان يصارعها الآخر. وسمع الاستغاثات شقيقان من جنسية أمريكية، كانا يتنزهان بقرب المنطقة؛ فهرع كل منهما قاصداً إنقاذ الشابين، وتمكّن الأول من إنقاذ طالب الابتعاث "راجح السبيعي"، وعاد مجدداً لمساندة شقيقه في إنقاذ الآخر "محمد السبيعي"، واستطاعا الإمساك به إلا أن الموج عاود هيجانه، وابتلعه مجدداً بعد أن أفلت من أيدي الشقيقيْن، وسط محاولاتهما الغوص داخل البحر واللحاق به والبحث عنه، دون أن يتمكنا من ذلك؛ بفعل الأمواج وازدياد قوة الرياح. وتعرَّض طالب "الهندسة" لانهيار عصبي حاد، كاد يضر حياته، بعد أن شاهد رفيق دربه ومَنْ كان سببًا في ذهابهم لهذا الشاطئ بإصراره على السباحة مبكراً يغرق، ويستنجد دون أن يقوى على مساعدته، إلا أن ما هوّن عليه هو إيمانه بأن نُطْق الشهادتين ليس بالأمر الهيّن في لحظات الموت الأخيرة؛ وهو ما يدل على حُسن الخاتمة - إن شاء الله -. ومنذ ثلاثة أيام متتالية وفِرق البحث والإنقاذ الأمريكية تقوم بعمليات بحثها المكثّف عن جثمان الضابط الغريق دون أن تتمكّن من ذلك، وسط رضا وإيمان بالقضاء والقدر من قِبل عائلته التي تقبّلت ذلك بالصبر والاحتساب، حتى تمّ العثور على جثمانه مساء أمس الثلاثاء.
مشاركة :