في يوم الخميس الماضي، وبعد 6 سنوات من المفاوضات بين الدول والمنظمات المعنية، أقرت الجمعية العمومية لمنظمة الطيران المدني الدولي الخطة العالمية للتدابير القائمة على آليات سوق الطيران المدني (Global Market-Based Measure)، للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن رحلات الطيران الدولية. بموجب هذا الاتفاق ستلتزم الدول بتجميد الزيادة في انبعاث غازات الاحتباس الحراري في صناعة الطيران اعتبارا من العام 2020. وفي حال تخطي كمية الانبعاث السنوية، يجب على الطرف المخالف تعويض تلك الزيادة من خلال تدابير لتخفيف الانبعاث خارج قطاع الطيران الدولي. ويمكن تحقيق هذه التخفيضات من خلال شراء حصص انبعاث كربون (CO2 offset credits) عبر آليات وأسواق تداول أرصدة انبعاث كربون (emissions trading schemes). من أجل الوصول إلى التوافق بين الدول الاعضاء في شأن هذه الاتفاقية التاريخية، تم صياغتها بصورة تراعي الظروف الخاصة للدول النامية والناشئة التي تخشى أن يحد تشديد القواعد من نموها الاقتصادي، وبصيغة تستوعب التباين في قدرات الدول الاعضاء في المنظمة. فعلى سبيل المثال الاتفاق حدد فترتين التزام طوعي، المرحلة التجريبية من 2021 إلى نهاية 2023 والمرحلة الأولى من 2024 إلى نهاية 2026، قبل أن يصبح الاتفاق إلزاميا عام 2027 على جميع الدول باستثناء اربع فئات: البلدان الأقل نموا والبلدان الجزرية الصغيرة والدول النــــامية غــــير الســـــاحلــــية والـــــدول الــــتي فيها قطاعات الطيران صغيرة جدا. كما أن الاتفاقية تتضمن سلة متنوعة من تدابير التخفيف المتاحة والمطبقة حاليا للحد من انبعاث الكربون في قطاعات النقل الجوي، منها على سبيل المثال التحسينات التقنية والتشغيلية، وأيضا التطورات في إنتاج واستخدام أنواع بديلة من الوقود المستدام للطائرات. هناك جوانب عدة مهمة في هذا الانجاز العالمي، من بينها أنه دليل آخر على أن العلاقات الناجعة لا تتحقق إلا من خلال العدالة في الحقوق والإنصاف في توجيه الرعاية في ما بين الأطراف المعنية. فالدول العظمى، مثلاً لم تفرض نصا ملزماً على الدول الضعيفة، بل أشركتها في صياغة اتفاق يستثنيها ويلزم العظمى. هذه المقدمة أعددتها لتكون مدخلاً لتسجيل استيائي من إصرار رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية على تنظيم حفلها لاستقبال العام الدراسي الحالي في يوم عاشوراء. ورغم أنني أستبعد أن يكون الخطأ في تحديد التاريخ مقصوداً، إلا أنني انزعجت كثيرا من المعنيين لعدم تداركهم الخطأ وإن كان سهواً. فنحن لا ندعوهم إلى تغيير نظرتهم الشرعية لعاشوراء، بل نطالبهم بحفظ حقنا في المشاركة في الحفل. ولله الحمد، بلغني قبل قليل أن الرابطة أجلت الموعد إلى الاثنين المقبل. فشكرا لكل من شارك في تصويب هذه الهفوة ومن بينهم الدكتور بدر الخضري والمدير العام لهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور أحمد الأثري وعضو الرابطة الاستاذ بشار العثمان. وأسجل اعتزازي بارتباطي وانتمائي إلى نخبة ترجمت شعارات الوحدة إلى سلوك حضاري يستحق أن يكون نموذجا يحتذي به المتطرفون من النشطاء السياسيين وتلتزم به تلك التيارات السياسية التي اعتادت على ممارسة الاستبداد الديني داخل البيت المذهبي، خلال مواسم عاشوراء في السنوات الأخيرة. لا أدعـــــوهـــــم إلى تغيير آرائهم الدينية أو أولوياتهم السياسية، ولكنني أناشـــــدهم صــــون حــــق الآخــــر في الــــتعبد وفـــــق تكليفه الشرعي، وأطالبهم بالالتزام بمواد الدستور. للأسف مساعي الخيرين لاحتواء الفتنة الحزبية الدورية لم تفلح في السنوات الماضية، لذلك لا بد من مواجهة مثيري الفتن وكشف حقيقتهم... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه». abdnakhi@yahoo.com
مشاركة :