فوز العنابي أفرحنا لكنه لم يُبدّد مخاوفنا

  • 10/13/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

متابعة - صفاء العبد: رغم كل الغبطة التي أثارها الفوز المهم الذي حققه العنابي مساء أمس الأول على نظيره السوري بالهدف الوحيد الذي جاء بتوقيع حسن الهيدوس من نقطة الجزاء إلا أن القلق يبقى حاضراً مثلما هو التوجّس من القادم من المباريات الست التي تنتظرنا في المتبقي من عمر التصفيات الحاسمة المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم "روسيا 2018". فكلنا نعلم أن القادم هذا هو الأصعب في رحلتنا مع هذه المرحلة من التصفيات، وكلنا نعلم أن مهمة العنابي تقتضي منه أن يخوضها دون أي تعثر لأن أي تعثر، لا سمح الله، يعني تلاشي الآمال التي تتعلق بمحاولة اللحاق بالمركز الثالث وبالتالي خوض غمار مباراة الملحق القاري مع ثالث المجموعة الثانية من هذه التصفيات. كما أن الكل يعلم أيضاً بأن المهمة هذه أصبحت أكثر تعقيداً بعد الفوز الذي حققته أوزبكستان أمس الأول أيضاً على الصين بهدفين نظيفين حيث إن ذلك كان قد دفعها نحو المركز الثاني بتسع نقاط وبفارق نقطة عن المنتخب الإيراني المتصدّر، بينما تراجع المنتخب الكوري الجنوبي إلى المركز الثالث بنقاطه السبع. والحال هذا يعني أن العنابي يمكن أن يدخل المنافسة على المركز الثالث مع المنتخب الكوري تحديداً وهذا أمر ينطوي على صعوبات يعرفها الجميع، وإذا لم يكن مع المنتخب الكوري فمع المنتخب الأوزبكي الذي قد لا يتفوق كثيراً على العنابي لكنه بات يتقدّم علينا بفارق ست نقاط وهو فارق ليس بالقليل أبداً في حسابات الذهاب والإياب حتى وإن كانت هناك ست جولات أخرى تنتظر الجميع. غير أننا وإزاء كل هذه الصعوبات التي نعرفها ويعرفها الجميع يمكن أن نبني كثيراً على بعض التحوّل الإيجابي في مسيرة العنابي وهو التحوّل الذي يمكن أن نقرأه بوضوح ليس من خلال مباراة أمس الأول أمام سوريا فقط وإنما حتى من خلال المباراة التي سبقتها والتي خسرناها (2 - 3) أمام كوريا الجنوبية هناك في كوريا. قد لا نختلف على أن مباراة كوريا كانت قد شهدت أخطاء واضحة وتحديداً في شوطها الثاني، لكننا لا نختلف أيضاًعلى أن العنابي كان قد لفت الأنظار كثيراً بما قدّمه في شوطها الأول الذي أنهاه بتقدّمه بهدفين لهدف وبطريقة أحرجت كثيراً هذا المنتخب العريق والممثل شبه الدائم لآسيا في نهائيات كأس العالم (9 مرات حتى الآن).. وحتى في مباراة أمس الأول أمام سوريا كان العنابي قد أثبت أن لديه من الحلول ما يمكن أن يتجاوز بها الكثير من الأخطاء التي سبق وأن عانى منها في مرات سابقة. وفي الحقيقة فإن ما نتحدّث به هنا عن الحلول إنما يرتبط بوجود مدرب كفء مثل فوساتي الذي نعرف جيداً أنه قادر على إحداث تحوّلات مهمة عند العنابي سواء في الناحية الفنية والبدنية أو في الناحية المعنوية التي يجيد التعامل معها بطريقته الخاصة التي تمكنه من تحفيز اللاعبين وتفجير طاقاتهم إلى أقصاها مثلما فعل سابقاً مع العنابي نفسه يوم كان يقوده عام 2008 وكذلك مع السد عندما حقق معه الإنجاز الأكبر في تاريخه وهو الفوز بلقب آسيا وإحراز المركز الثالث بكأس العالم للاندية خلف برشلونة الأسباني وسانتوس البرازيلي. ومن هنا تبدو مراهنتنا كبيرة فعلاً على هذا المدرب الذي فاجأنا أمس الأول بتغييرات مهمة في التشكيلة التي بدأ بها مباراته مع سوريا حيث ترك على دكة البدلاء أكثر من لاعب مهم مثل كريم بوضياف وتاباتا وأحمد عبدالمقصود قبل أن يعود ليزج بهم خلال الشوط الثاني بينما كان قد بدأ المباراة بلاعبين اعتدنا أن نراهم كأوراق بديلة في المرات السابقة مثل علي أسد وأكرم عفيف وإبراهيم ماجد.. وفي هذا الجانب فإن فوساتي كان قد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.. فإلى جانب أنه عزّز من ثقة هؤلاء اللاعبين البدلاء ومنحهم فرصة إثبات الوجود من خلال تقديم أفضل ما لديهم فإنه بعث أيضاً برسالة للجميع وليس فقط للثلاثي الذي ركنه على دكة البدلاء، رسالة مفادها أن الاسم وحده لا يكفي وأن المفاضلة بين اللاعبين تقوم على أساس ما يمكن أن يقدّموه في الملعب وأن كل لاعب يمكن أن يجد نفسه مركوناً على دكة البدلاء أو ربما خارج القائمة أصلاً إذا لم يكن مؤهلاً لتقديم ما هو مطلوب منه وذلك أمر في غاية الأهمية وينطوي على نتائج يمكن أن تخدم المنتخب كثيراً. وإلى جانب كل ذلك فإن ما فعله فوساتي كان قد فاجأ مدرب منتخب سوريا وربما "لخبط" كل حساباته التي كان قد بنى عليها طريقة لعبه قبل بدء المباراة وهو ما يعكس حجم وفارق الخبرة طبعاً بين المدربين. وليس من شك في أن فوساتي كان موفقاً في خياره الصعب هذا، وهو خيار يقترب من المغامرة ويحتاج إلى مدرب من أصحاب القلوب القوية مثلما يقولون، لكننا في مقابل ذلك يجب أن لا نغفل حقيقة أخرى في غاية الأهمية وهي أن أمام فوساتي الكثير والكثير من العمل الذي يجب أن يضطلع به خلال المرحلة القادمة التي ستبدأ بعد نحو شهر من خلال سادس الجولات والتي سنكون فيها على موعد مع المنتخب الصيني هناك في الصين. وفي تقديرنا أن فاصلة الشهر هذه ستمنح فوساتي وقتاً كافياً جداً للدخول في أدق التفاصيل ومعالجة كل ما يمكن معالجته وبالتالي استئناف رحلة التصفيات بصورة أخرى مختلفة، يمكن أن نرى فيها بصمات أكثر وضوحاً لهذا المدرب مثلما نرى فيها لاعبينا وقد اجتازوا ما عانوه حتى الآن من صعوبات على مستوى اللياقة البدنية التي ظلت قاصرة حتى في مباراة أمس الأول وهو ما لمسناه بوضوح خلال الدقائق الأخيرة التي شهدت تفوقاً واضحاً للمنتخب السوري بحيث كان يبدو خلالها وكأنه قريباً جداً من إدراك التعادل. نقول: إن فرصتنا ليست سهلة أبداً في المنافسة على المركز الثالث لكنها ليست مستحيلة أيضاً خصوصاً مع تصاعد ثقتنا بإمكانية أن نشهد العنابي في الجولات اللاحقة بمستويات أفضل غير أن ذلك يتطلب جهوداً كبيرة على مستوى الجهاز الفني واللاعبين مثلما يتطلب منا جميعاً تعزيز وقفتنا المساندة للمنتخب والقادرة على الإسهام في تحفيز لاعبينا ودفعهم نحو تقديم أفضل ما لديهم فيها بحثاً عن سلسلة من الانتصارات وليس مجرد انتصار هنا أو آخر هناك.

مشاركة :