هذا مثل دارج عند حاضرات نجد. وبالذات المدن والقرى التي اعتمدت في عيشها على الزراعة. البرْكة معروفة وهي فصحى، يُجمع فيها الماء بواسطة سحبه من البئر بواسطة الحيوان، أو بالمكائن أخيرا، والماء من جهد بُذل أثناء الليل. لكن البركة تمتلئ، وفي الصباح يقوم الفلاح بإزالة السداد عن الفتحة، ليسمح للماء بالجريان بواسطة ممرات مُعدّة تتجه إلى الأحواض المختلفة للغلّة الزراعية من خضار ونخيل. ولدى المزارع فكرة واسعة عن كيفية توجيه السواقي إلى الأحواض حسب الحاجة. والقول هذا طبّقهُ الآباء على من عنده مهمتان، كلتاهما ضروريتان ومُلحّتان، لكن واحدة سهلة للغاية وقريبة، (فجر البِرْكه) والأخرى شاقة، وتتطلّب وقتا وتحضيرا وسفرا (السفر إلى الشام)، وعليه أن يقرر الأولوية والضرورة والحاجة أيهما أولا. فتجدهُ حائرا مترددا، يبدو على وجهه آثار القلق والانزعاج. وجدتُ أن هذا القول الشعبي الذكي والبالغ الدقة وايضا البلاغة، ينطبق على أميركا هذه الأيام الحائرة أمام أحوال المنطقة والانتخابات وترامب – كلينتون كل واحد منهما ينشر غسيل الآخر. وكانت أميركا في الماضي لا تعاني إلا من صراع المعسكرين، والحرب الباردة، وكان هذا سهلا (مثل فجر البركة!). أما الآن فظهرت مشكلات الإرهاب وداعش وطلبات اسرائيل التي لا تنتهي، والقتل العنصري في الشوارع الأميركيّة، والأعاصير المتتالية (روحة الشام!). ولكي لا يجادل أحد في تصوّري هذا أدلل على قربه من الصواب فقد ذكرتْ صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أن الولايات المتحدة متحيرة بين مطالب تركيا، حليفتها في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية، وبين قوات كردية في سورية، تحظى بدعم أميركي ولعبت دورًا مهمًا في إلحاق خسائر بداعش على مدار 5 أعوام. وقالت الصحيفة في تقرير عبر موقعها الإلكتروني، إن الخوف الأكبر لدى واشنطن يتمثل في إمكانية أن تتسبب العداوة بين تركيا وأكراد سورية في تحويل الاهتمام عن قتال تنظيم (داعش). 269
مشاركة :