يعتبر انتحار اللاجئ السوري جابر البكر، الذي يشتبه في أنه كان يعد لاعتداء إرهابي، في زنزانته، ضربة موجعة لجهود مكافحة الإرهاب. وستكون له عواقب سياسية وقضائية وحتى أمنية. وإذا كان من السابق لأوانه توجيه الاتهامات للسلطات الأمنية، فإنه ليس هناك أدنى شك بأن الأمر يتعلق بفضيحة حقيقية، خصوصا وأن القضية شابتها منذ البداية الكثير من التناقضات. للتذكير، فإن المعترف به كلاجئ، المشتبه بإعداده لاعتداء إرهابي السوري جابر البكر، تمكن في مرحلة أولى من الهروب بالرغم من حشد عدد كبير من قوات الشرطة. وفي نهاية المطاف نجح ثلاثة من مواطنيه السوريين في القبض عليه. بعدها تنفست ألمانيا الصعداء، إذ بدا أنها تجنبت خطرا إرهابيا داهما، حسب هيئة الاستخبارات. والآن هذه النتيجة: انتحار المتهم الرئيسي المشتبه به بصنع القنابل، أمام أعين السلطات القضائية. إن نجاحه في ذلك، كيفما كانت الظروف، يدعو للحيرة. وكان يجب أن يدخل في حسابات السلطات الأمنية أن الجابر قد تساوره فكرة الانتحار. وبوفاة جابر البكر، غابت إمكانية استجواب المتهم الرئيسي في هذه القضية. كما أن احتمالات إدلائه بإفادات بشأن التهم الموجهة إليه ستبقى ضربا من التكهنات. وعلى كل حال، كان هناك بصيص من الأمل بهذا الشأن. ولربما كان بإمكان السلطات الأمنية الظفر بمعلومات تخص محركي الخيوط الخفية والداعمين الأساسيين في هذه القضية. مؤشرات كانت ستساعد على تجنب عمليات إرهابية أخرى مخطط لها. يجب الاعتراف أن الأمر يتعلق هنا بمجرد تخمينات، لكنها محتملة. وبغض النظر عن كل ما قيل، فمن المرجح أن يكتسب البكر مكانة الشهيد في أوساط الإرهاب الإسلامي. إذ سيعتبر منطقهم المروع أنه بانتحاره، تمكن من التحرر من الكفار. وبالتالي فموته هو عملية انتحارية حيث تنفجر عادة الأحزمة الناسفة، إلا أنه في حالة البكر، ولحسن الحظ، تمت العملية دون ضحايا أو سقوط أبرياء. ولكن التحقيقات قد تسفر عن ضحايا آخرين من المسؤولين الأمنيين والسياسيين الذين فشلوا في مهامهم وسيفقدون مناصبهم، لأنه سيكون من الصعب تصور خيار آخر غير ذلك. لاجئون سوريون يعتقلون المشتبه به .. وأعلنت السلطات الألمانية مساء أمس الأربعاء، أن جابر البكر، الذي اعتقل يوم الإثنين الماضي بشبهة التحضير لهجوم على مطار في برلين، انتحر في السجن. وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة «بيلد» الألمانية، فإن المشتبه به عثر عليه مشنوقا داخل زنزانته. وذكر موقع «شبيغل أون لاين»، أن البكر كان تحت الرقابة على مدار الساعة بسبب مخاوف من الانتحار والإضراب عن الطعام. وأضاف الموقع، أنه لم تتضح بعد الوسيلة التي انتحر بها. ومن جانبها، نفت وزارة العدل في ولاية ساكسونيا، بقوة أية تقصير من قبل السلطات الأمنية في قضية انتحار الموقوف السوري جابر البكر. في حين يرى نائب رئيس وزراء الولاية، أن الأجهزة الأمنية تتحمل جانبا من المسؤولية. تقصير أمني واضح .. وأقر نائب رئيس وزراء ولاية ساكسونيا مارتن دوليغ، بأن السلطات القضائية في ولايته تتحمل «جانبا» من المسؤولية لوفاة اللاجئ السوري جابر البكر، الذي انتحر في زنزانته مساء أمس الأربعاء، بعد يومين على توقيفه للاشتباه بأنه يعد لاعتداء في ألمانيا. وأضاف، أن ذلك نجم عن «سلسلة من التقديرات الخاطئة»، مشيرا إلى «سوء تقدير لأهمية السجين ولحالته الصحية». وجاء هذا عقب إعلان هيئة السجون التابعة للولاية اليوم الخميس، عبر مديرها رولف ياكوب، بأن الأجهزة القضائية قامت بكل ما هو «ممكن» حتى لا يقدم المشتبه به على الانتحار. وصرح ياكوب في مؤتمر صحفي عقده بمشاركة وزير عدل ولاية ساكسونيا سيباستيان غيمكو ظهر اليوم الخميس، أن الطبيبة النفسية التي تحدثت مع المشتبه به أكدت عدم وجود أية مؤشرات تدل على «خطر انتحار وشيك»، بالرغم من أن قاضي التحقيق نبه إلى العكس. ومع أن قاضي التحقيق اعتبر أن البكر معرض للإقبال على الانتحار، إلا أن هيئة السجون لم ترصد «خطرا وشيكا». ويضيف ياكوب، أنه لهذا السبب انتقلت مراقبة المشتبه به من مرة كل 15 دقيقة في اليوم الأول لتوقيفه، إلى مرة كل نصف ساعة في اليوم الثاني. فيما علق وزير العدل في ساكسونيا، «لم يكن يفترض أن يحصل مثل هذا الأمر، لكنه وقع للأسف». وعثر على البكر مشنوقا بقميصه في زنزانته في مستوصف السجن بعد يومين على توقيفه، مما أثار جدلا حول ظروف اعتقاله. وصرح زيغمار غابريل، نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد، اليوم الخميس، بأن انتحار الجابر هو «واقعة مرعبة يجب الآن التحقيق فيها». وكانت الاستخبارات الألمانية أعلنت أن البكر، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 22 عاما، خطط لاستهداف أحد مطارات العاصمة برلين. وقال مدير الاستخبارات الداخلية هانس يورغ، لشبكة «آي آر دي» التلفزيونية، «لقد وردتنا معلومات استخبارية مفادها أنه كان في البداية يريد مهاجمة قطارات في ألمانيا، قبل أن يتحدد في النهاية أن وجهته هي أحد مطارات برلين». وكانت الشرطة أوقفت جابر البكر، صباح الإثنين، بفضل مساعدة سوريين اثنين، وذلك بعد مطاردة استمرت يومين.
مشاركة :