قرصنة الأفلام ..«تكنولوجيا» تهدد صناعة السينما

  • 10/14/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: أحمد الروبي باتت القرصنة الهاجس الجديد الذي يُهدد صناعة السينما المصرية، لدرجة أن عدداً كبيراً من المنتجين تراجع إنتاجهم بنسبة قد تصل إلى 90 %، والبعض الآخر توقف تماماً عن الإنتاج، بسبب تخوفاتهم من تكنولوجيا العصر وسرقة أفلامهم خلال الأسبوع الأول من عرضها، وبعضها تتم سرقته ربما قبل نزوله في دور العرض، ما يسبب خسائر فادحة تهدد صناعة السينما بالتوقف. في التحقيق التالي حاولنا التطرق للظاهرة، ومناقشة أغلب الأطراف المشاركة فيها، من خلال آراء عدد من المعنيين بصناعة السينما في مصر، في محاولة منا لوضع أيدينا على سبب هذه الأزمة. تفاقم قرصنة الأفلام جعل عدداً من المنتجين يعقدون اجتماعاً مع أصحاب المنتديات والتي تقوم بعرض الأفلام التي تتم سرقتها من دور العرض، في محاولة منهم للحد من هذه الظاهرة التي قد تقضي على الصناعة، إلا أن الاجتماع انتهى بالفشل ولم يتوصل أي من الطرفين لصيغة تحافظ على صناعة السينما في مصر. اعتبر المنتج أحمد السبكي، أن القرصنة على الأفلام سببها قلة الرقابة على القنوات والمنتديات التي تنشر نسخاً مسربة من الأفلام. مؤكداً أن قرصنة الأفلام تضرب صناعة السينما في مقتل، وليس أعماله فقط، مشيراً إلى ضرورة مواجهة تلك القرصنة حتى لا تضطر شركات الإنتاج إلى التوقف أو الاتجاه إلى وسيط آخر. وأضاف السبكي: أنا لا أتحدث عن نفسي أو عن شقيقي، باعتبار أننا لم نتوقف عن الإنتاج حتى في أحلك الظروف، وواجهنا أزمة سرقة أعمال لنا مرات عدة، ومنينا بخسائر فادحة من جراء ذلك، لكنني أتحدث بشكل عام، فدون تدخل الدولة بشكل قاطع وحاسم لا شك ستنهار الصناعة التي كانت تعد الأولى في الشرق الأوسط. وأوضح السبكي أنه على الرغم من وجود تلك القنوات التي تعرض الأفلام المسروقة خارج مصر، إلا أن لها مكاتب داخل مصر أيضاً، ومعروف مكانها، بدليل جلب العديد من الإعلانات من السوق المصرية. وتابع السبكي: الأزمة الحقيقية في قرصنة العمل أنني أخسر فرصة بيع الفيلم لإحدى القنوات بسبب تواجده على قناة بدون ترخيص، فضلاً عن مشاهدة قطاع كبير من الشباب، وهم جمهور السينما الحقيقي، لهذه الأفلام على المواقع الإلكترونية وبالتالي أخسر قطاعاً كبيراً جداً من جمهور السينما الذي اكتفى بالمشاهدة الإلكترونية، حتى لو كانت سيئة وغير واضحة، وهنا لابد أيضاً من دور لمباحث المصنفات، والتي تستطع أن تكون جهة رقابية قوية تضرب بيد من حديد على هذه القنوات غير الشرعية التي تهدد الصناعة. في مقابل ذلك كان للكاتب والمنتج هاني جرجس فوزي رأي مخالف حيث قال: بالتأكيد مسألة القرصنة شيء خطر، ليس في مصر فقط، بل تعانيها الصناعة حول العالم، لكن الشيء الذي لابد أن نؤكد عليه هو أن قرصنة الأعمال وإذاعتها عبر قنوات فضائية غير المرخصة أو المنتديات ومواقع إلكترونية، لا يؤثر في الفيلم سوى بنسبة 10% فقط! وأضاف فوزي: جمهور السينما سيذهب لها مهما تم تسريب الفيلم، أما جمهور الإنترنت فهو بالطبع لن يذهب للسينما، لذلك تسريب العمل على الإنترنت لا يخدم سوى الجمهور الذي لا يتوجه إلى الصالات من الأساس وليس معتاداً عليها، أما فيما يخص القنوات التي تعرض الفيلم بشكل غير شرعي، فكلنا يعرف مكانها، وهي تبث عبر قمر صناعي يخرج من المملكة الأردنية الشقيقة، لذلك يمكن السيطرة عليه من خلال اتفاقات دولية تحمي حقوق الملكية للمنتجين. مشيراً إلى أنه لو تم البث من تركيا فالعلاقات المصرية متوترة ولن يمكن السيطرة على الوضع آنذاك. وأردف فوزي أن الأزمة الحقيقية أصبحت في شراء الأفلام من قبل القنوات الفضائية، نافياً أن يكون عرضها على قنوات غير مرخصة وراء تلك الأزمة، بل يرجع الأمر للأزمة التي تمر بها السينما في مصر بوجه عام. وتابع: الأزمة حتى الآن غير مؤثرة بشكل قوي في المنتجين ولا تكبدهم خسائر، والدليل فيلما الجزيرة 2، والحرب العالمية الثالثة، الأول تجاوزت إيراداته 30 مليوناً على الرغم من تسريبه، والثاني حقق 22 مليون جنيه! وتنبأ هاني جرجس فوزي بأن تؤثر قرصنة الأفلام في القنوات الفضائية غير المرخصة مستقبلًا، وأنها ستجعل هناك إحجاماً عن بيع تلك الأفلام للقنوات الفضائية. موضحاً: إن استطعنا السيطرة على عرض الأفلام على القنوات فلن نستطيع السيطرة على انتشارها عبر الإنترنت، لذلك هو أمر يصعب السيطرة عليه بشكل كامل، ليس في مصر فقط، بل في العالم كله، ولكن كل ما نملكه هو أن نقنن الأمر في أضيق الحدود حتى لا تعاني الصناعة في مصر بشكل قوي. في المقابل يقول سيد فتحي، مدير غرفة صناعة السينما، إن أزمة القرصنة لا يمكن أن تكون صراع منتجين مع بعضهم البعض، كما أشيع، وأن منتجاً بعينه يقوم بسرقة فيلم منتج آخر منافس له لضربه في السوق، فهذا الكلام عار تماماً من الحقيقة، لأنه لا يوجد منتج يمكنه فعل ذلك، لأنه ببساطة لا يضمن ألا يحدث له ذلك في المقابل، فالأزمة الآن تخطت أن تكون تسجيل الأفلام بواسطة كاميرات داخل الصالات، مشيراً إلى أن البعض يحصل على نسخ من غرف المونتاج، وهذه كارثة، يزيد من حجمها عرض تلك الأفلام على بعض القنوات التي تبث من الخارج. وأضاف فتحي: الأمر يحتاج لمنظومة متكاملة من أجل السيطرة على هذه الظاهرة، ولابد أن يكون للدولة اليد العليا فيها، فالجميع يتبع تعليمات وضوابط مشددة جداً من أجل السيطرة على القرصنة، لكن الأخطاء تحدث، وقد تشير أصابع الاتهام إلى الأمن أو بعض العاملين في دور العرض من ضعاف النفوس الذين يسمحون بتصوير الفيلم مقابل بعض المبالغ المالية، وهذا وارد لكنه ليس أساس المشكلة. في المقابل قال وليد تمام، المستشار الإعلامي لشركة دولار فيلم، وفرعها الإنتاجي نيو سينشري: إن الإجراءات والقوانين الصارمة تستطيع أن تحد من عملية قرصنة الأفلام بعد سرقتها من الصالات أو تصويرها ونشرها على المواقع والمنتديات وبعض القنوات غير المرخصة. وأضاف: غرفة صناعة السينما تحاول سن وتطبيق قوانين صارمة من أجل الحفاظ على صناعة السينما في مصر، لكن الأهم من سن القوانين هو تطبيقها، بل والحرص والإصرار على ذلك، لأن صناعة السينما بالفعل باتت تواجه خطراً كبيراً جداً، وأعتقد أننا جميعاً نشعر بذلك بعد تراجع عدد الأفلام التي يتم إنتاجها سنوياً، وبعض الشركات أغلقت أبوابها، والبعض الآخر اتجه لإنتاج الدراما التلفزيونية. الأمر شبه مستحيل خالد علي، مسؤول أحد المواقع الإلكترونية، أكد أن السيطرة على التسريبات عن طريق غلق المواقع أمر شبه مستحيل. وأضاف: يمكن غلق المواقع التي تقوم بتسريب الأفلام عن طريق التواصل مع شركة جوجل، والمواقع التي تستضيف سيرفرات المنتديات، لكن هذا الأمر يمكن التحايل عليه بطرق كثيرة جداً. تابع خالد: منذ فترة تمت محاولة السيطرة على تسريب فيلم هيبتا، لكن في النهاية تم تسريبه بالفعل وفشلت كل محاولات المنع، فقوانين حقوق الملكية الخاصة عبر الإنترنت يمكن التلاعب بها بطرق عدة. وأوضح أنه يمكن لشركات الإنتاج أن تصيب المواقع والمنتديات التي تسرب الأفلام بالجنون عن طريق غلقها أكثر من مرة، ولكن في النهاية ستستمر المواقع وسيستمر التسريب، مؤكداً أن القرصنة على الإنترنت أمر شائك يستحيل منعه إنما يمكن تقنينه. المتهم الأول الأكثر تضرراً غالباً يتم اتهام الصالات السينمائية بالدرجة الأولى بتسريب الأفلام أو عدم المراقبة، من هنا رد ماهر زكي، مدير مجمع صالات طيبة مول، فأكد أن قرصنة الأعمال يستحيل السيطرة عليها، مشيراً إلى أن القوانين الصارمة قد تقنن الأمر فقط. مضيفاً: قبل وصول الفيلم إلى دور العرض يمر بعدة مراحل يمكن تسريبه من خلالها. وحين يتم تصويره من داخل إحدى صالات السينما يسهل معرفة الأمر، وهناك تجارب تجري حالياً من أجل تشفير الأفلام ليستحيل تصويرها. بدوره أكد خالد محمد، مدير سينما ديانا بوسط القاهرة، أن المنتج هو من يستطيع أن يحفظ حقوق الملكية لعمله حالياً، في ظل عدم وجود قانون يحمي قرصنة الأعمال. وأضاف: المنتج يستطيع تكثيف تواجد المندوبين في شركته الإنتاجية من أجل مراقبة العمل في السينما، والحفاظ على عدم تسريبه من خلال تصويره، فالأمر خطر، ودور العرض بريئة من ذلك، إذ لا يمكن أن أحارب نفسي كدار عرض، لأن الفيلم عندما يعرض على موقع إلكتروني، أو على قناة تبث من خارج مصر، الجمهور لن يرتاد دار العرض، وهذا يضر بنا في المقام الأول، وبشكل كبير جداً، لذا لا يمكن اتهامنا. ونحن حاولنا إثارة القضية أكثر من مرة، ووصل الأمر لأكثر من رئيس وزراء، سواء الحالي، أو السابق، أو الأسبق، لكن من دون جدوى. دور العرض بريئة الاتهامات رد عليها الفنان أشرف مصيلحي، مدير دور عرض جلاكسي في القاهرة والإسكندرية، الذي أكد أن دور العرض والعاملين فيها براء من مثل هذه الاتهامات ولا علاقة لهم بتسريب الأفلام ذات الجودة العالية. وأضاف مصيلحي: التسريب من داخل السينما يكون مسجلاً بكاميرا موبايل في الأغلب، وهذا أصبح سهلاً جداً ومتاحاً بشكل كبير، خاصة أن هناك بعض أجهزة المحمول بها كاميرات ذات جودة عالية، وبالتالي يستطيع أي مشاهد أن يقوم بتسجيل الفيلم وهو يجلس في ظلام دار العرض بمنتهى السهولة، أضف إلى ذلك أن هناك الكثير من الأعمال يتم تسريبها أساساً من داخل معامل المونتاج والمكساج! واستشهد مصيلحي، بالأفلام العالمية التي يتم تسريبها، منوهاً: هم يحاولون تقنين الأمر وقد نجح ذلك بشكل كبير لديهم، وأعتقد أننا الآن حاولنا وضع حل مؤقت لهذه الظاهرة، من خلال كود محدد لكل نسخة فيلم في أي دار عرض، يكون غير ظاهر، بحيث إذا تم تصوير الفيلم أو سرقته يتم التعرف فوراً إلى دار العرض التي حدثت بها واقعة السرقة.

مشاركة :