منذ نحو عام والطفل علي ذو الـ12 ربيعاً يمارس التسوّل في إشارة تقاطع طريق الأمير عبدالعزيز بن مساعد (الضباب) مع طريق مكة (خريص)، إذ بات وجهه مألوفاً لمن يسلك هذا الطريق، فعلي يظهر بثوبين أحدهما أزرق والآخر بُني طوال العام، فيما يظهر في غيابه طفل أكبر سناً منه، والمتفرس في وجهه يلحظ الشبه الكبير بينهما، بيد أنه يرتدي الأبيض والبني، في صورة تبدو لعابري هذا التقاطع وكأن تلك المنطقة تخضع لسيطرتهما. الطفلان اللذان رافقا هذا التقاطع فترة طويلة يتجنبان القرب والتحدث من كل مركبة لا تفتح النافذة، خشية أن يكون أصحابها يمثّلون إحدى الجهات المعنية بمكافحة التسوّل، وما يزيد خشيتهم وجود بعض البائعين لألعاب وعطور مقلّدة، يراقبون عملهما حينما يلتقونهما. علي وشقيقه يرفضان إعطاء تفاصيل حول المجموعة أو الشخص الذي يعملون بإشرافه، فهما يعملان في صمت واضح، بشعار: «أعطني ولا تتحدث معي». فئات عمرية مختلفة تمارس التسوّل في أماكن متنوعة، عند الإشارات المرورية، وبعض الأسواق والتموينات الكبرى، وكذلك المساجد وبخاصة يوم الجمعة. مشهد مستمر لم تحدّ منه مكافحة التسوّل، وكأن الأمر أكبر من قدرتها واستطاعتها، فالتسوّل في السعودية عملية متواصلة لم يتم الحدّ منها حتى الآن، على رغم وجود مكاتب مكافحة التسوّل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية التي أفادت - بحسب أحد موظفيها - أنها مجرّد مكاتب حصر لهذه الظاهرة وليست جهة ضبط ميداني، مبيّناً أن الشرطة هي الجهة الاعتبارية المخولة بالقبض عليهم وتسليمهم للمكافحة. الشرطة - ومن خلال رقم العمليات الموحّد لها - أفادت بأنها الجهة المعنية بتلقي البلاغات الخاصة بالمتسوّلين، إلا أنها اشترطت وجود المُبلّغ في المكان ذاته. ويبدو أن القبض على المتسوّلين مهمة ليست سهلة، فتمركز كثير منهم في إشارات مرورية تُعرف بازدحامها، يعوق القبض عليهم، للحفاظ على سلامة الجميع، ويبدو أن ما يدل على ذلك بقاء علي وشقيقته في الموقع ذاته لممارسة الفعل نفسه. على مستوى مدينة الرياض، يحرص عدد من الأطفال المستوّلين على الحضور عند إشارات محدّدة، مثل إشارات طريق العليا، وإشارة تقاطع طريق العروبة مع طريق الملك عبدالعزيز، وإشارة تقاطع طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) مع طريق الملك فهد، وبين فترة وأخرى تظهر في هذه المواقع حالات هرب جماعية نتيجة وجود دوريات الشرطة، إلا أن هذه الحال تنتهي سريعاً. وبحسب وزارة الشؤون الاجتماعية فإن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم من خلال المكاتب المختصة هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبة السعوديين من المتسولين بين 13 و21 في المئة، فيما تتراوح نسبة الأجانب بين 78 و87 في المئة، بناء على إحصاءات اتضحت خلال الأعوام الثمانية الماضية، منوّهة بأنها تسعى إلى تحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين السعوديين، من خلال التعامل معهم بحسب حالاتهم، أما المتسولون الأجانب فإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم هي من اختصاص الجهات الأمنية المعنية. التسول
مشاركة :