السليمان علامة فارقة في المشهد التشكيلي السعودي

  • 3/8/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تعد تجربة الفنان التشكيلي عبدالرحمن السليمان علامة جمالية فارقة داخل المشهد التشكيلي السعودي والعربي، وعيه الفني متيقظ ومنفتح ومتجدد باستمرار، لا يكف عن البحث عن مشاريع جديدة تستلهم التراث المحلي والروافد الفنية العالمية. تشكل معارضه حدثا فنيا وإعلاميا، ولعل معرضه الأخير بالرياض الذي أطلق عليه اسم: «حفريات: في الحضور والغياب» الذي ضم سبعين لوحة خير دليل على أن التشكيلي عبدالرحمن السليمان حاضر بتجربته الفنية العميقة بقوة فعل جمالي يتخطى الإكراهات، ويستلهم المرجعية، ويسبر تاريخا فرديا وجماعيا؛ ليصنع منجزا فنيا يعبر عن أحلام وتمثلات وطموحات جيل من الفنانين السعوديين والعرب.. «عكاظ» كان لها هذا اللقاء مع السليمان: • من خلال استقصاء لمنجزك الفني لاحظت أنك تنتمي إلى نهر هيراقليطس المتجدد.. لماذا هذه المراحل الفنية: مناخات والتحولات الثانية وحفريات الذاكرة وأماكن والشفاف ومفردات محلية والتخطيطات؟ تمثل هذه التسميات مجموعات في تجربتي الفنية، وهي وإن تجددت في إطار بحثي الجمالي، إلا أنها تمثل علاقة بمحيطي وبمجتمعي الأصغر، لكنها ــ بالمقابل ــ تلامس حالتي التي أمارس خلالها عملية الرسم، ربما أشرت في سؤال تالٍ عن الذاكرة والمكان أنا أضيف لهما الحدث، وأعني الذي أتلقاه ساعة الرسم وأثناءها أنا مهموم بالوضع العربي وأرسم في ذلك منذ استشعرت وجودي، فأنا أتابع من طفولتي محيطي العربي مثلما هو محيطي الضيق، حضور الهوية في العمل الفني جاء بعد قراءاتي الفنية والثقافية عامة أواخر السبعينيات واطلاعي على نداءات بعض الفنانين العرب الذين سعوا لتكريس المعطى المحلى من أجل الخصوصية، وفق انفتاح على العالمي وعلى المطلق ولا ضير في ذلك بدلا من أن نغلق على أنفسنا ونجتر المفردة المحلية أو المعطى المحلى؛ لأن المهم هو أن نقدم إبداعنا وفق تحولات الفن وساحاته المختلفة، ووفق نظرياته التي قد تتساوق ومفاهيمنا وإرثنا الثقافي عامة، في إطار الهوية، لا أعني بالضرورة في مفهومها المحدود أو المفهوم الضيق لها، بل وإلى المعنى الإنساني عامة. • لا بد أن هذه المحطات صاحبها أيضا اهتمام بواقع ومآل التشكيل السعودي، خصوصا أن لكم مرجعا مهما في هذا المجال؟ كيف استفدتم من تجاربه الفنية، وما هي التجارب التي نهلت منها أكثر؟ في السعودية أصنف من الجيل الثاني، وهو جيل انطلق في السبعينيات وبرز في الثمانينيات مع حيوية الحضور التشكيلي على مستوى البلاد، ومع أن العلاقة بالجيل الأول لم تكن قوية أو مباشرة في البداية، وذلك لسعة البلاد ومحدودية التواصل ولتفرق الفنانين، فالتأثير ربما كان أقرب بين فناني المدينة الواحدة، ومع ذلك فاطلاعاتي المبكرة على مدارس الفن ومناهجه وقراءاتي المبكرة في السبعينيات وعلاقاتي التالية مع محيطي العربي أخال اهتماماتي لما هو أكثر سعة، ومع ذلك فمحيطي غني بالدلالات والمعطيات التي أستطيع من خلالها الاشتغال على قاعدة كنت أطلع على التقنيات والصيغ الفنية التي عادت إلى مدارس الفن الحديثة، خصوصا التعبيرية والتجريدية، وبالتالي كان سعيي البحث والتقصي وفق حساسيتي الخاصة وخبراتي وأدائي الفني الذي ينمو وفق اطلاعاتي وعلاقاتي الفنية بالمتاحف وبأعمال الفنانين ساعيا لتأكيد شخصيتي الفنية، من الجانب الآخر جيلي هو الأول على مستوى المنطقة الشرقية من المملكة التي ولدت ونشأت ودرست فيها، فبداياتنا السبعينية لم تكن مسبوقة إلا بمعارض مدرسية، وبالتالي كان لنا شرف البداية والريادة والعرض على مستوى المنطقة الشرقية. • طبعا الفنان يمتح من بيئته.. هل كان لمسقط رأسك منطقة الأحساء وواقعها الاجتماعي والثقافي من تأثير على تجربتك الفنية؟ الأحساء منطقة كبيرة وغنية فيها كل المناخات الصحراوية والريفية والبحرية وفي أسواقها تلتقي ثقافاتهم كما يلتقي أبناء هذه الحواضر، تختلف الأحساء في معمارها عن بقية المناطق كما هي خصوصية أي مكان، وتركت الأحساء متجها إلى مدينة الدمام في عمر مبكر، كان لذلك تأثير في حنيني للمنطقة (المدينة) التي لم تغب عن ذاكرتي كل أماكنها وأدواتها وناسها وثقافتها عامة، انتقل عمل والدي إلى الدمام المدينة الأحدث، والتي نشأت مع ظهور النفط في المنطقة، ففيها أول بئر ويحمل اسمها، والدمام لا تبعد كثيرا عن الأحساء، لكن تعلقي بالأحساء يجذبني أكثر إلى استعارة أو استلهام معطياتها، خصوصا في بداياتي، هذا التأثير لم يعد مباشرا بقدر حضوره وفق مخزون الذاكرة بالمكان وبكل مكوناته والحياة الاجتماعية بكل أشكالها وتنوعها.

مشاركة :