في بحر التقنية تتلاطم أمواج عاتية اسمها سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، ومحركها الفضول والمجادلات والمشاحنات وأشدها ما تحركه البغضاء والحقد ويؤدي إلى القذف والتشهير والسب، فكثيرون أصبحوا يمارسون مخالفات تقنية وهم لا يعلمون وكثيرون يقومون بما يرونه انتصاراً للحق وهم في الأصل يسوقون للخطأ، ولكن الجهل لا يعفيهم والنوايا الحسنة لا تكفيهم ومصطلح الجريمة الإلكترونية ينطبق عليهم فلقد تضرر من هذه المواقع الآلاف وأصبحت المواقع كابوساً عليهم ومطارداً لهم، وتتعاظم القضية إذا كان خلف التشويه والقذف اسم مستعار ووهمي. الرياض تناقش قضية الجرائم الإلكترونية ونظامها وما أسباب انتشارها وكثيرا من النقاط التي يجهلها مستخدمو هذه المواقع. دوافع الجريمة الالكترونية في البداية يقول د. مهدي العنزي-مدير إدارة الصحة النفسية والاجتماعية بمنطقة الرياض- ان علماء الاجتماع يرون أن دوافع المجرمين الالكترونيين هي الفضول الشديد وحب الانتقام وأنهم يعانون من فراغ يسمح لهم بتمضية أوقات طويلة على شبكة الانترنت كما أنهم يتصفون وفقا لما جاء في كتاب (psychology of cypercrimes) بأنهم يعانون من وساوس قهرية فلا يمكنهم السيطرة على رغبتهم في ملاحقة الآخرين وإيذائهم كما أنهم مصابون باضطراب الشخصية النرجسية ويعانون من تقدير متدن للذات ولا يملكون القدرة على المواجهة أو التعامل مع المشكلات وإدارة العلاقات جيدا ويفشلون في بناء علاقات صحية فلذلك يتسترون خلف هوية غير حقيقية ليشعروا بمزيد من القوة والسيطرة اللتين تتطلبهما نرجسيتهم وهوسهم المرضي بملاحقة ضحاياهم وهذا ما يوفره بسهولة التواصل على شبكة الانترنت كما يلاحظ عند البعض منهم بعض أعراض القلق والاكتئاب ونوع من العزلة والانطواء. المشاركة أو الرد على «الهاشتاقات المسيئة» دعم لها يوجب العقوبة.. وحفظ المقاطع المخالفة في الجوال «جريمة».. والحقوق لا تسقط بالتقادم! ويضيف: ان مفهوم الجريمة الإلكترونية أنها جريمة تتمثل في كل فعل أو سلوك غير مشروع بقصد إحداث ضرر أو الحصول على مكسب من طرف الضحية من خلال استخدام وسائل الاتصال الالكترونية مثل الحواسيب الآلية أو الهواتف النقالة، ومثال على ذلك الوصول غير المشروع لبيانات سرية غير مسموح الاطلاع عليها، واستخدام هذه المعلومات في تهديد الأشخاص وابتزازهم او سرقة أرصدتهم المالية . ويرى د. العنزي أن من أسباب التوجه نحو الجريمة الإلكترونية انخفاض حجم المخاطرة وصعوبة تحديد المجرم ومعرفة مكانه وسهولة ارتكاب الجريمة بعيدا عن أعين الرقابة بالإضافة الى سرعة انتشار الضرر وعلى نطاق أوسع وقصور التشريعات والقوانين التي تدين هذا النوع من المجرمين. ويؤكد أن للجريمة الإلكترونية أضرارا نفسية واجتماعية وأن غالبية من يتعرضون للابتزاز أو التهديد يعانون من أعراض قلق حاد وأحيانا تصل إلى مرحلة الهلع والخوف الشديد واضطرابات في النوم والأكل وقلة التركيز ويصل الأمر أحيانا إلى الشعور بالإحباط الشديد ونوبات البكاء وقد يحصل لدى الضحية أفكار انتحارية ربما تصل إلى الانتحار حسب شخصية الضحية وثقافته، أما بالنسب للضرر الاجتماعي فهذا يعتمد على مدى ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه وحسب جنس الضحية فمثلا عندما تكون الضحية امرأة وفي مجتمع محافظ أو متشدد ربما يصل الأمر إلى النبذ أو التحقير أو الطرد وأحيانا يصل إلى القتل والضرر أحيانا يتعدى إلى عائلة الضحية وقد يستمر إلى سنوات طويلة. حفظ الأفلام المخالفة وحول الجرائم الإلكترونية التي يجهلها الكثير من مستخدمي مواقع التواصل يؤكد عبدالله الفراج -المتخصص في الجرائم المعلوماتية ومن مؤسسي وحدة مكافحة الجرائم المعلوماتية في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أن من أهم الجرائم الإلكترونية المجهولة هو حفظ الأفلام المخالفة في جهاز الجوال والذي يعتبر جريمة وفق ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة السادسة (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب..(إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي)، والهواتف الذكية تصنف حاسبات آلية. الرد على الهاشتاقات المخالفة وأضاف الفراج أن المشاركة بالهاشتاقات المسيئة هو أمر يجهله الكثير من أصحاب الحسابات في موقع تويتر وهو دعم لها حتى لو كان المكتوب تحت الهاشتاق هو ردا عليه، ويضع الفراج حلولاً لذلك حيث يقول: يمكن توضيح حقيقة الهاشتاق والرد عليه من دون كتابته بعلامة (#)، فالكتابة في نفس عبارات الهاشتاق بدون علامة مربع يظهر التغريدة في نتائج البحث ولا يرفع الهاشتاق للترند، ويجب دعم الحملات التوعوية بعدم المشاركة بالهاشتاقات السيئة أو التي لا معنى لها. ونفى الفراج ما يتردد أن الجهات الأمنية والقضائية لا تستقبل رفع القضايا في تغريدات أو جرائم الكترونية قديمة، مشيرا إلى أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، وعلى من تعرض لقذف أو إساءة أو تشهير المطالبة بحقه عند جهات الاختصاص متى ما علم بتلك الإساءة أو القذف أو التشهير. التنبيه لا يعفي من العقوبة وفيما يخص قيام الهكرز بممارسات مخالفة في بعض المواقع الحكومية، ثم تنبيه المواقع للثغرات التي فيها وهل يعفيهم من العقوبة؟ أجاب الفراج: بان ذلك لا يعفيهم من العقوبة وعلى الجهة الحكومية أو التجارية تقدير الوضع وهل وصول الهكر إلى الثغرات أدى إلى تسريب بيانات أو خلل أو تغيير في بيانات أو تصميم الموقع في الموقع وإذا كان الهكر قد سرب بيانات وأخل أو غير في بيانات أو تصميم الموقع أو عطله، فيجب معاقبته. أما إذا كان لم يفعل شيئا مما سبق بل وجد ثغرة ودخل منها ثم خرج كما دخل، فينبغي تقدير جهده بتنبيهه للثغرات، والعمل على إصلاحها. وعلى الهكر إذا وجد ثغرات في موقع تجاري أو حكومي أن يبلغ القسم المختص بالجهة الحكومية أو التجارية دون أن يعلن ذلك على مواقع الانترنت أو شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الجميع استغلال قدرات مخترقي المواقع وتوجيههم للتصرف الصحيح بتقدير جهدهم والاستحواذ عليه بوظائف ومرتبات تليق بعملهم، وليكنوا عنصر بناء ونجاح للمجتمع، كما نجد في الكثير من الهكر الأخلاقيين الذين يعثرون على الثغرات في مواقع وتطبيقات الجهات الحكومية والتجارية ويتواصلون معهم بشكل مباشر ويزودون الجهة بتقرير مفصل عن الثغرة وكيفية إصلاحها. الحاجة للتشهير بالمجرمين ويعزو الفراج كثرة الجرائم الإلكترونية إلى الجهل في معرفة الأنظمة وعدم التشهير بالمجرمين الذين ثبت جرمهم، وقد عدلت المادة السادسة لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية لتتضمن التشهير بالمجرم وعلى نفقته الخاصة، كما في المرسوم الملكي رقم م/54 بتاريخ 22/7/1436 بإضافة النص التالي للمادة السادسة (ويجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب نوع الجريمة المرتكبة، وجسامتها، وتأثيرها، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة النهائية). وينصح المتخصص في الجرائم الالكترونية بتضافر الجهود من جميع الجهات المعنية بمكافحة الجريمة المعلوماتية بنشر النظام وتوضيحه وتبسيط عباراته ليفهمها ويعيها الجميع وتكون من خلال الإعلام بكافة وسائله، والتعليم بكافة مراحله، والأندية والمسابقات والمنافسات الرياضية والثقافية، والمهرجانات السنوية ذات الحضور الكبير، وغيرها مما يوصل المعلومة للجميع بدون استثناء ليعرف المجرم مدى جرمه والمتضرر كيف يحصل على حقه. تخزين المواد الجرمية من جانبه يرى تميم التميمي -المستشار والخبير القانوني- أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية لم يقم بتوضيح التخزين المقصود به، ولكن جرائم التخزين المقصود بها، هي تخزين المواد الجرمية أو المستخدمة في ارتكاب الجريمة أو الناشئة عنها، ولكن من قام بتخزين الأفلام الإباحية في الشبكة المعلوماتية مثلاً أو أي مقاطع مخلة أو مخالفة في برامج التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني أو قام بتخزينها على صفحة خاصة به، أو حفظها في الحاسب الآلي أو الهاتف النقال، فهو يعد مخالفاً ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين ويجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك وفقاً للمادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. حرية التعبير بالكلمة الطيبة ويقول التميمي: تكفل أنظمة المملكة لكل إنسان حرية الرأي والتعبير بما لا يؤثر سلباً على اعمال الحق، فهي تأخذ بمبدأ التقيد القانوني، لذا فقد نصت المادة39 من النظام الأساسي للحكم على أن تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة، أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك وكما نصت المادة الثامنة من نظام المطبوعات والنشر على أن حرية التعبير عن الرأي مكفولة بمختلف وسائل النشر في نطاق الأحكام الشرعية والنظامية، ولكن من يقوم بتحريض غيره أو مساعدته أو الاتفاق معه على المشاركة في هاشتاق يسيء للآخرين والتجريح بهم وحصلت هذه المشاركة فإنه يعاقب بما لا يتجاوز الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، وفي حال قيامه بالشروع بالكتابة للإساءة وتم اكتشافه قبل تنفيذ فعلته فإنه يعاقب بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها، ويحق لمن يتعرض للإساءة في الهاشتاقات أن يقدم بلاغاً في حال أن المعرفات وهمية، مستخدماً بذلك تصوير المعرفات والكلام المنسوب له ورفعها عبر تطبيق أبشر أو تطبيق كلنا آمن أو الذهاب إلى أقرب مركز شرطة له، وبعد ذلك إقامة دعوى ضد كل من شارك في الهاشتاق على انفراد أو دعوى جماعية ضدهم. ويواصل التميمي محذرا بقوله: المشاركة في الهاشتاقات أمر يغفل عنه الكثير وعن وقوعه في المشاركة في الجريمة الأصلية، من عدة نواحي منها أن يقوم بتأييد فكرة الهاشتاق خاصة إذا كانت تسيء لأحد بعينه والتعبير عن رأيه والتجريح والتعريض بما يوقعه في الجريمة، وكذلك من يقوم بكتابة الهاشتاق ونشر ما يسيء إلى المعبر عنه من إرساله صوراً أو فيديو أو كتابة فإنه يعاقب بالعقوبات المقررة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الحقوق لا تسقط بالتقادم وينصح التميمي من يتعرض للقذف أو التشهير في برامج التواصل الاجتماعي بأن له الحق أن يقيم الدعوى الجزائية متى ما أراد في أي وقت وحتى إن توفي المجني عليه الأصيل لا يسقط حقه بالتقادم وذلك حسب ما نصت عليه المادة السادسة عشرة من نظام الإجراءات الجزائية أن للمجني عليه - أو مَنْ ينوب عنه - ولوارثه من بعده، حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة وحق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة وذلك حسب ما تضمنت المادة السابعة والأربعون من النظام الأساسي للحكم. عقوبات رادعة للهكرز كما ينوه المستشار والخبير القانوني بأن دخول شخص بطريقة متعمدة إلى موقع إلكتروني أو نظام معلوماتي كهكرز، وهو غير مصرح له بالدخول إليها يعد دخولاً غير مشروع أو غير قانوني وهي تعد من الجرائم التي تستهدف عناصر السرية والسلامة ويعاقب ذلك الشخص على جريمته المقررة له فهو في هذه الحالة سيعاقب بعدة عقوبات لارتكابه أفعالاً جرمية وليس فعلا واحداً، أولاً دخوله غير المشروع لموقع إلكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع، أو إتلافه، أو تعديله، أو شغل عنوانه، فهو يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وثانياً دخوله غير المشروع لإلغاء بيانات خاصة، أو حذفها، أو تدميرها، أو تسريبها، أو إتلافها أو تغييرها، أو إعادة نشرها أو إيقاف الشبكة المعلوماتية عن العمل، أو تعطيلها، أو تدمير، أو مسح البرامج، أو البيانات الموجودة، أو المستخدمة فيها، أو حذفها، أو تسريبها، أو إتلافها، أو تعديلها أو إعاقة الوصول إلى الخدمة، أو تشويشها، أو تعطيلها، بأي وسيلة كانت، فإنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على أربع سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حال كان دخوله إلى المواقع لممارسة إحدى المخالفات المذكورة وبعد ذلك قام بالتنبيه بوجود ثغرات أو قام بالدخول من أجل التنبيه فقط، فهذا لا يعفيه من العقوبة المقررة، لأنه قام بالدخول غير المشروع دون التصريح له بذلك وكان بالإمكان له التواصل مع إدارة الموقع وإبلاغهم بوجود ثغرات دون أن يقتحم الموقع ووقوعه في الجريمة. الوعي القانوني الالكتروني ويطالب التميم بتعزيز الثقافة حول الجرائم الإلكترونية مؤكداً أنها منتشرة انتشاراً واسعاً بين المجتمع، والسبب من ذلك عدم وجود الثقافة والوعي القانوني لدى الغالبية العظمى، وعدم نشر الأحكام القضائية الخاصة لمرتكبي هذه الجرائم في الصحف أو وسائل الإعلام المرئي لردع البقية وإصلاح حالهم وحمايتهم من الوقوع في الجريمة واستنقاذهم من الجهالة وإرشادهم من الضلالة، مما أدى إلى التهاون والاستهتار في ارتكاب الجرائم الإلكترونية وعدم المبالاة في ذلك لرغبتهم في الشهرة السريعة، أو التشفي والنيل من الآخرين، مشيرا الى أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وضع لحماية المصلحة العامة، والأخلاق، والآداب العامة، والوقاية والتحصين من الوقوع في الجرائم الإلكترونية والحد من أخطارها، وتحقيق الاستقرار للأشخاص، سواء أكانوا طبيعيين أم اعتباريين. المشاركة في الهاشتاقات المخالفة جريمة حتى لو كان للرد عليها المجتمع بحاجة لتعزيز الوعي بمفهوم الجريمة الإلكترونية حفظ المقاطع المسيئة في الجوال جريمة الكترونية النظام حدد عقوبات رادعة للهاكرز أو الدخول غير القانوني للمواقع د. مهدي العنزي عبدالله الفراج تميم التميمي
مشاركة :