ستوريدج مهاجم بارع لكنه لم يدرك بعد أن كرة القدم لعبة جماعية

  • 10/17/2016
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

مهاجم فريق ليفربول والمنتخب الإنجليزي دانييل ستوريدج لاعب عبقري من دون شك، لكن أداءه الفردي ورفضه لقبول حقيقة أن كرة القدم لعبة جماعية كانا دومًا سببين لضعف مردود ما يقدمه. بعد مشاهدة ستوريدج وهو يؤدي وصلة العزف المنفرد التي كانت سببًا فيما ناله من نقد لاذع بعد مباراة إنجلترا وسلوفينيا الثلاثاء الماضي، كان من المستحيل تجاهل السخط المتزايد الذي أبداه زملاؤه، في مشهد يذكرنا بشخصية آلان بارتريدج في الفيلم الكوميدي الشهير عندما كان يصيح في موقف السيارات مناديًا على صديقه الموجود على بعد خطوات «دان، دان، دان». تكرر هذا المشهد حرفيًا مع زملاء ستوريدج الذين كثيرًا ما تعالت صيحاتهم «أنا هنا»، «انظر»، «أنا غير مراقب»، «دان، أعطني الكرة، لا تسدد، أنا في موقع أفضل منك»، «توقف عن محاولة مراوغة أربعة لاعبين»، «مرر الكرة»، «دان، دان». ربما أن لستوريدج وجهة نظر أخرى، وهي أن أنانيته قصد بها نقل فكرة ما إلى زملائه بالفريق. فزميله ديلي ألي لعب بشكل جيد لكن من دون فاعلية، والضيف المهذب على الدوام جيسي لينغارد اكتسب حب الجماهير بتمريراته العرضية، في حين أن ثيو والكوت فشل في العودة مجددًا للملعب بعد هجمة عنترية رائعة، لكنها انتهت به في مكان ميت بالملعب. كذلك نزل اندروس توانسيند لأرض الملعب وسدد كرات خطرة من مسافات بعيدة قبل أن يختفي عن الأنظار، وهناك أيضًا اللمسات المشجعة للصغير صاحب المستوى المبشر واين روني الذي بدا لاعب المستقبل! في ضوء هذا كله، فإن الاكتفاء بالإشارة إلى ستوريدج أمر يفتقر إلى العدالة. لكل تلك الأسباب يمكن القول إنها كانت ليلة مليئة بالحماقات، ورغم كل هذا فإن ستوريدج تفوق على الجميع. فرغم كونه لاعب كرة يتمتع بموهبة رائعة، فهو يتسم بقدر من الفردية في الأداء تجعله يضيع مجهوده برفضه الواضح لقبول حقيقة أن كرة القدم لعبة جماعية. يبدو ستوريدج كأن هالة من التراجيديا تحيطه بعدما تاه وبات وحيدًا حزينًا في الملعب. الأسطورة الويلزي نجم مانشستر يونايتد السابق رايان غيغز قام بتحليل المباراة، وعندما طلب منه تقييم ستوريدج، قال إنه لعب إلى جواره في الفريق الإنجليزي في أولمبياد لندن 2012، وامتدح لمساته وسرعته ويقظته، مؤكدًا امتلاكه لجميع صفات اللاعب الكبير. فهو يمتلك كل شيء باستثناء القدرة على اتخاذ القرار الصحيح في ثلث الملعب الأخير. من المنطقي هنا أن نتساءل إن كان تاريخ ستوريدج مع الإصابات قد تسبب في تأخر نضجه. فجمهوره ومحبوه يتمنون أن تكون ملاحظات غيغز في محلها، إذ إنه لا مجال الآن للحديث عن قدرات كامنة قد تظهر لاحقًا، نظرًا لأن اللاعب قد أتم 27 عامًا، ومن المفترض أن يكون قد وصل إلى قمة نضجه. فهو بالفعل لاعب سريع ومبتكر وقادر على أن يجعل الكرة تلتصق بقدمه اليسرى. فهو مهاجم ذو مهارات يحسد عليها تجعله قادرًا على مفاجأة الحراس بتسديدات بعيدة يعجز أمامها المدافعون بالضبط، كما حدث عندما فاجأ ستوريدج فريق إشبيلية بتلك التسديدة المباغتة في نهائي الدوري الأوروبي. سجل ستوريدج أيضًا هدف ليفربول الحاسم في فوز فريقه في مباراة قبل نهائي الدوري الأوروبي أمام فريق فياريال، الذي عجز مدافعوه عن إيقافه بملعب أنفيلد في مايو (أيار) الماضي. إذن ليس من الإنصاف وصمه باللاعب الإنجليزي المبالغ في الأداء أو قليل المهارة، لأن ذلك سيجافي الحقيقة. بمقدور ستوريدج اللعب لأنه استطاع بالفعل تسجيل هدف أمام إيطاليا بكأس العالم، وقدم لحظات نادرة عكست رقي الكرة الإنجليزية في يورو 2016 بفرنسا تمثلت في هدف الفوز على ويلز. فإلى جوار لويس سواريز، تستطيع القول إنه قاد ليفربول إلى الاقتراب كثيرًا من اللقب عام 2014. وقد يكون مدرب المنتخب السابق روي هودغسون قد أعطانا هاري كين الذي يجيد استقبال الضربات الركنية، لكنه كان محقًا عندما قال إن ستوريدج أكثر مهاجمي الفريق الإنجليزي موهبة. لكن في فريق كبير، لا يكفي لستوريدج، ولا حتى لمدربه يورغن كلوب، أن تكون موهوبًا من دون العمل على التطوير الدائم. فهذا ما رأيناه مع روبرتو دي ماتيو الذي أصر على أنه لا مكان لستوريدج في تشيلسي الذي شق طريقه في دوري أبطال أوروبا 2012. إن ما يعاني منه ستوريدج من ضعف النظر لرؤية الضوء في النفق الطويل، هو مرض يعانى منه جميع لاعبي الكرة الإنجليزية والصعوبة التي تواجههم عند التفكير بشكل جماعي في المباريات الدولية. شيء ما يحدث لهم عندما يرتدون قمصان الفريق الإنجليزي. فإريك دير لا يؤدي تمريرات عمياء عندما يلعب مع فريقه توتنهام هوتسبير، لكنه يفعل ذلك مع المنتخب، وكذلك فإن والكوت يعتبر أحد أفضل لاعبي آرسنال الموسم الحالي، وجوردان هندرسون بات خيارًا أكيدًا لليفربول، لكن أين هما في المنتخب. هؤلاء اللاعبون جرى تقييمهم من قبل المدربين مارسيو بوكيتينو (توتنهام)، وآرسين فينغر (آرسنال) وكلوب (ليفربول)، وجميعهم يعززون نظرية أنه لو أن مقدم البرامج جيرمي باكسمان أُجبر على ارتداء قميص الفريق الإنجليزي في برنامجه «نيوزنايت» الرائع، فسوف تجده يسأل الساسة عن مذاق البطاطس التي يفضلونها. أتخيل أن ترى المدرب سام ألاردايس يتسكع في محطة القطار ويرفع النخب في وجه صحيفة «ديلي تليغراف» ليشكر الحظ الذي رفع عن كاهله ذلك العائق النفسي، ليضعه على كاهل مدرب المنتخب الجديد ساوثغيت. غير أن مشكلة ستوريدج أعمق من خسارة الفريق الإنجليزي للهدوء في لحظات الضغط. فغالبًا ما نرى هذا يحدث مع النادي ومع المنتخب على حد سواء، وهناك لحظات نرى فيها لاعبًا لم يدرك بعد أنه في حاجة لأن يصرخ طلبًا للمساعدة. فقد رأينا ستوريدج العبوس سيئ السمعة عندما أشرك كلوب اللاعب ديفوك أوريجي قبله أمام توتنهام في أغسطس (آب) الماضي، ليوحي بأنه لم يفهم سبب ما جرى، لم يفهم أن طريقة لعبه تحول زمن المباراة البالغ 90 دقيقة إلى وصلة مديح خالصة في دانيل ستوريدج، وهو ما لا يتناسب مع طريقة لعب ليفربول التي تعتمد على الضغط والانطلاق وتبديل المهاجمين الثلاثة. لكن هناك بعض البوادر السارة التي تنبئ بالتحسن نتيجة للنصائح التي يعمل كلوب على توجيهها إلى ستوريدج، والتي تجلت في تمريراته بالكعب إلى ساديو ماني أمام ليستر سيتي الشهر الماضي، والتي تبدو خطوة في الطريق الصحيح. لكن إفراطه في إرضاء مدربه أمام سلوفينيا كان واضحًا، حيث بدا كطفل يريد إبهار مدرسه الذي شعر بالملل بأن يقرأ عليه غيبًا جميع الحروف الأبجدية، رغم أن المدرس لم يطلب منه أكثر من ذكر حرف علة واحد. بنفس المنطق أصبحنا نرى ستوريدج كأكثر طفل مزعج في العالم. فستوريدج في حاجه لأن يتوقف عن تعقيد الأمور ويترك الأشياء تسير بشكل طبيعي، وعليه أن يتذكر أن لا أحد يحب الشخص الأناني.

مشاركة :