يمكن أن تتسبب معركة استعادة السيطرة على مدينة الموصل من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وتخشى الأمم المتحدة إذا اضطر مئات الآلاف من المدنيين لمغادرة منازلهم والفرار مع ابتداء فصل الشتاء. وقالت منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق ليز غراند: «نفعل ما في وسعنا لاتخاذ كل الإجراءات في حال حدث أسوأ السيناريوات الإنسانية. لكننا نخشى أن يكون ما زال أمامنا الكثير لفعله»، وأضافت: «في أسوأ الحالات، نتّجه إلى أكبر عملية إنسانية في العالم في 2016»، بينما تتوقع الأمم المتحدة نزوح مليون شخص خلال أسابيع. وتابعت غراند: «هناك قواعد غير رسمية تشير إلى أنه ليست هناك أي مؤسسة قادرة على مواجهة حركة سكان يتجاوز عددهم الـ150 ألف شخص في وقت واحد». وتأمل «المفوضية السامية للاجئين» التابعة للأمم المتحدة، بتأمين 11 مخيماً قبل نهاية العام قادرة على استيعاب 120 ألف شخص، بينما تقول السلطات العراقية إنها تستطيع استقبال 150 ألفاً آخرين في مخيمات أخرى. لكن بعض هذه المخيمات سيقام في مناطق يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» حالياً، أي أنه سيتم انشاؤها خلال عملية استعادة المدينة. وعلى الأرجح، لن يكون السكان الذين سيفرون من الموصل قادرين على جلب أشياء معهم. أي أنه يجب تجهيزهم بالأشياء الضرورية مثل الغذاء والمياه والملابس وتأمين مأوى لهم. وقالت بيكي بكر عبدالله من «مجلس اللاجئين النروجي»، إن «الكثيرين منهم سيغادرون الموصل بملابسهم فقط على الأرجح». وعلى رغم حجم العملية الإنسانية اللازمة لمساعدة الناس الهاربين من الموصل، فإن مسألة التمويل تعد مشكلة رئيسة: فقد قدم المانحون نصف المبلغ اللازم لتغطية العملية ويقدر بـ367 مليون دولار. وأعلنت «منظمة الهجرة الدولية» أنها ستبني «مواقع عاجلة» تقدم مأوى وخدمات أساسية لـ200 ألف شخص، موضحة في الوقت نفسه أنها في حاجة إلى مزيد من الأموال. إلى ذلك، يضاف أن معاناة السكان النازحين ستتفاقم مع اقتراب فصل الشتاء في ليالي الصحراء الباردة. وسيكون سكان مدينة الموصل في خطر كبير خلال عمليات القتال، وقد يعلقون بين الصواريخ والضربات الجوية والاشتباكات، وقد يستخدمهم التنظيم دروعاً بشرية. وتحدثت غراند عن «أسوأ سيناريو في بعض الأحياء المكتظة بالسكان (...) حيث قد يكون هناك عشرات آلاف وربما مئات آلاف من المدنيين في خطر كبير»، وأضافت: «إذا فجر داعش الأحياء بالمتفجرات (أو) إذا ما وضعوا قناصة في مواقع رئيسة، يمكن أن يتحول المدنيون إلى دروع بشرية». ومن ثلاث مدن عراقية تمت استعادتها من سيطرة «داعش»، كانت الفلوجة فقط تضم عدداً من السكان قريباً من عدد سكان الموصل. وأدت العملية العسكرية إلى نزوح كبير للسكان علقوا في مخيمات بائسة مكتظة غير مجهزة بالمساعدات الكافية. وقالت عبدالله إنه قد يكون مصير سكان الموصل أفضل، وأضافت: «نأمل بأن تكون المنظمات الإنسانية قادرة على تجهيز الناس بالمساعدات والأشياء التي يحتاجونها حتى لا ينتقلوا من جحيم إلى آخر».
مشاركة :