مساجد المدينة المنورة الأثرية وإنجازات «حضارية» | عاصم حمدان

  • 10/18/2016
  • 00:00
  • 49
  • 0
  • 0
news-picture

* لقد كان تولِّي الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني المسؤولية عن الآثار التي تحفل بها بلادنا وخصوصًا الإسلامي منها خطوة موفقة وإيجابية وسوف يكون لها صدى مماثل في العالمين العربي والإسلامي، وكان من ثمار هذه الرعاية هو ما أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة الأسبوع المنصرم عن تبني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مشروع ترميم عدد من المساجد التاريخية في المدينة المنورة إضافة إلى مساجد أخرى في مختلف مناطق المملكة، كما نقلت صحيفة المدينة في عددها الصادر يوم الأربعاء 11 محرم 1438هـ، وقد تم تدشين هذا المشروع الحضاري برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وقد ضرب سموه مثلًا رائعًا في المساهمة في هذا العمل المبارك بأن أعلن عن تبنيه شخصيًا لترميم وإعادة تأهيل مسجد الإجابة كما أخبرني بذلك رجل الأعمال المعروف الأستاذ يوسف الميمني، ويقع كما أتذكر شمال بقيع الغرقد، وله اسم آخر ورد في بعض الكتب المهتمة بآثار المدينة المنورة وهو مسجد «بنو معاوية». وقامت بعض الشخصيات الأخرى بالإعلان عن مساهمتها في ترميم مساجد عدة. * ويأتي هذا المشروع الكبير بعد حقبة اتسمت بشيء من الإهمال للآثار النبوية أو الرغبة في التخلص منها، وقد ذكرت في ندوة عن الآثار قبل حوالى عقدين من الزمن برعاية من إمارة منطقة المدينة بأن الحفاظ على تاريخ وآثار المدينة المنورة هو حفاظ على تاريخ الإسلام، وخالفني في هذا الرأي أحد الإخوة وشاهدته أخيرًا حريصًا للأسف الشديد على زيارة مدينة القدس المحتلة حاملًا بسلوكه الدعوة إلى التطبيع مع أعداء الأمة من اليهود والصهاينة، وتلك مفارقة عجيبة تستوجب الدعاء له بالهداية والعودة إلى النهج القويم والصراط المستقيم، وخصوصًا أنه ينتمي لأسرة علم وفضل وحكمة على امتداد القرون الأخيرة. * لقد تلقى أهالي المدينة المنورة هذه الملحمة التاريخية بكثير من الفرح والسرور، ولعل الله أن يوفق هذه الهيئة المباركة -أعني هيئة السياحة- بإعادة بناء بعض المساجد التي هُدمت منذ زمن مثل مسجد السبق، ومسجد أبي بكر الصديق رضي الله عنه -من المساجد السبعة- والذي أقيمت في مكانه للأسف الشديد صرافة آلية بنكية، ومسجد بني قريظة والذي لم يعرف الآن على وجه التحقيق الجهة التي كانت وراء هدمه، وكانت عمارته نموذجًا للعمارة الإسلامية التي تتجسد في كثير من مساجد المدينة المنورة، وهذا ملمح آخر من ملامح موئل الهجرة والإيمان والتي انطلق من بين وديانها وجبالها وساحاتها نور حضارة الإيمان والعلم والمعرفة والتي جسدت وسطية هذا الدين واعتداله وتسامحه. وما أحوجنا اليوم إلى مثل هذه المبادرات الإيجابية والتي سوف ينعكس أثرها على الأجيال الصاعدة والتي تفلَّت البعض منها بفعل سلوكيات الغلو والتطرف التي هي أبعد ما تكون عن النهج القويم للإسلام ومقاصده السمحة.

مشاركة :