قال رائد قصيدة النثر في الوطن العربي أنسي الحاج عن السيدة فيروز بأنها تكره أن تُوصف بالأسطورة أو أيقونة الغناء العربي، وبأنها لا تحب المصطلحات وتريد بأن تتأكد من حيوية فنها كل لحظة. ولا يفوتني هنا الإلماح عند لقائي بالموسيقار نصير شمهة حيث تحدثنا في هذا الشأن، فقال بأنه ضد أي مسميات تُطلق عليه عربيًا وعالميًا وبأنه يفضّل أن يكون خادمًا لمبادئه وللناس في ذائقتهم ودوره هو أن يصنع من الجمال شيئًا مهمًا في أرواح وقلوب الناس لجعلهم يحبون الحياة بشكل أفضل من خلال الموسيقى. والحقيقة الصادمة للأكثرية الساحقة ممن نتداولهم من الفنانين الذين يتهافتون على الألقاب هو أن الفنان بعطائه واجتهاده هو الذي يضيف للقب وليس اللقب من يضيف إليه شيء. وقد ضحكت عندما قرأت خبرًا عن قرب عرض برنامج التناحر على لقب «فنان وفنانة العرب» على إحدى القنوات الفضائية، وفكرته هو عمل استفتاء جماهيري على هذا اللقب بإشراف لجنة تحكيم تضم عدد من الملحنين اللامعين على مستوى العالم العربي، ويشارك بالبرنامج 56 فنانًا و32 فنانة من المحيط إلى الخليج، ويفتح الباب على مصراعيه لتصويت الجمهور الذي يعد فريسة لمثل نوعية هذه البرامج التي تعتمد على «البيزنس» و»الانتهازية». وليس من الأجدر على هذه القناة تحديدًا وفي مثل هذا التوقيت الحساس أن تحشد هذا الجيش من الفنانين، وبدلًا من اختيار «فنان وفنانة العرب» والانشغال بحكايات تروق لهم وبقشور تافهة، كان عليهم أن يقدموا عملًا كنوع من الخطاب الإنساني للسلام أو للحلم العربي في ظل التغيير الذي يعيشه العالم العربي، ولا أتردد في القول بأن: الفن رسالة ومسؤولية كبيرة، والفن والحرية صنوان متلازمان، ولو عدنا بعقارب الزمن إلى الماضي سوف نكتشف أن هناك مطربين ساهموا بشكل كبير في حل الأزمات السياسية مثل أم كلثوم التي غنت من أجل جمع المال للمجهود الحربي المصري وعبدالحليم حافظ الذي أصبح مطرب الثورة في يومًا ما. وفنان العرب هو مزيج من التاريخ والإنسانية والرقي، ومن اللامنطقي أن يُسبغ هذا اللقب فقط على من يمتلك أعمال فنية ناجحة ومستمرة، أو لربما على ارتفاع نسبة المشاهدات عبر قنوات اليوتيوب، فكيف لنا أن نهتف باسم فنان أو فنانة العرب ونصنع أعراسًا صاخبة وطبول انتصارات لحاصده وهو لا يحمل هموم العرب ولم يتبنى أو يترك صدى تضامنيًا مع قضاياهم ؟؟ سؤالي المعقد لن يجد إجابة حاسمة!!.