في الجزء الثاني من حواره مع «العرب»، يلقي فنان المقام العراقي الكبير حسين الأعظمي الضوء عن التغيرات التي طرأت القيم الفنية والجمالية للأغنية العربية وعلاقته مع تلميذه الفنان كاظم الساهر، وحبه للأغنية القطرية ومطربيها الذين تعرّف عليهم وتعاونه مع إذاعة صوت الخليج. من المسلّمات أن الجمهور يحب كل ما هو جميل.. لكن إقباله على الأغاني التي تشبه الوجبات السريعة، يضع الباحث في حيرة.. ألهذا الحد تم اختراق الذوق الفني السليم للجماهير؟ - نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، وعليه فإنني أرى أن كل التغيرات تكاد تكون طبيعية رغم إسفافاتها الكثيرة، وعلى الأخص في شؤون الموسيقى والغناء، حيث لم تعد حكومات البلدان مسؤولة مباشرة عن أبناء شعبها في التربية والأخلاق والتعليم، فقد سيطرت التطورات التكنولوجية على كل شيء، وأمست هذه الأمور تسيّر وتدار وتخترق بصورة مقصودة وممنهجة من قبل جهات استعمارية مشبوهة، ويبدو أنها وصلت إلى معظم أهدافها، وكنت قد تساءلت في مقدمة كتابي الموسوم بـ «المقام العراقي إلى أين؟» الصادر في بيروت مطلع عام 2001 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر حين قلت (هل ستنهي التكنولوجيا خصوصية البيئات وتعمل على صهر خصوصيات الشعوب لتنحسر وتضمحل! أم يبقى بإلحاح هاجس العودة الغريزي إلى التراث رغم كل الظواهر العلمية وتطورها المرعب المستمر؟!) إنه صراع الحياة المعاصرة. بحكم كثرة تجوالك في البلدان العربية وتقديم حفلات فنية فيها، ولقائك بفناني هذه البلدان، ما البلدان التي حافظت على موروثها الغنائي الشعبي؟ - أتيحت لي الفرصة لزيارة كل البلدان العربية مرارا، وشاركت في مهرجاناتها ومؤتمراتها الدولية، وأقمت العديد من الحفلات الغنائية، فوجدت أن معظم، أو ربما كل البلدان العربية قد وعت من حيث المبدأ على الاهتمام ورعاية شؤون تراثها بصورة عامة وتراثها الغناسيقي على وجه الخصوص، ويبدو أن مصر والمملكة المغربية وتونس في مقدمة البلدان العربية في حفاظها واهتمامها بالموروثات والتراث الخاص ببيئاتها وتاريخها الفني والثقافي لكثرة ما تقيمه من مؤتمرات فنية وعلمية في شؤون الموسيقى والغناء، ومهرجانات فنية دولية مميزة بصورة مستمرة. يعدّ كاظم الساهر من أنجب تلامذتك.. ما السر في نجابته؟ ولماذا هاجمته في إحدى تصريحاتك؟ - في هذه المرحلة من مسيرتنا الفنية، لا أرغب في الحديث عن تلمذة فناننا الكبير كاظم الساهر، لأنه أمسى فنانا كبيرا، فنانا تجاوز لقب أستاذ، والمثل العراقي القائل (التلميذ النشيط أستاذ ونصف) فأنا فخور به، وهو مفخرة لنا جميعا، ولعلي أشعر بالسرور البالغ حين ألتقي بالكثير من تلامذتنا السابقين ممن كان طالبا في المعهد أو الكلية، في أي بلد أزوره، أرى الوفاء الكبير من غالبيتهم العظمى، وبصورة كبيرة، ولعل أخي وصديقي الغالي كاظم الساهر أبا وسام على رأس كل طلبة المعهد أو الكلية، في وفائه ومواقفه النبيلة لكل أهله وأبناء بلده وأساتذته وأصدقائه، فهو فخرنا وهو رافع رأسنا عاليا، أدعو له دائما بكل الخير والنجاحات المستمرة،. أما في شأن القول إنني هاجمته يوما! فهذا شيء لم يحدث إطلاقا، ـ واسمح لي ـ، إن ذلك جزء من مشاكل الصحافة، فحين تعاتب الصحافي على مانشيت ما لم تتفوه به بصورة دقيقة في حقيقة الأمر، فإنه يبادر مباشرة إلى القول إن ذلك من قبيل الإثارة! أما أن أهاجم أخي أبا وسام، فهذا أمر لا يمكن أن يحدث لأنني أحبه كثيرا وأحترمه احتراما كبيرا وأفخر به دائما مع تحياتي وتمنياتي له بالخير من هذا المنبر الصحافي الكريم. سجلت ثلاثين حلقة إذاعية حصرية لإذاعة صوت الخليج القطرية عام 2012، تضمنت الحديث مصحوبا بالأمثلة عن ألوان الغناء العراقي والرواد في مسيرة الأغنية العراقية . كيف رأيت هذا التعاون بينك وبين الإذاعة؟ وكيف ترى الأغنية القطرية؟ وهل التقيت مع فنانين قطريين؟ - أعتقد كان ذلك عام 2011 -لا أتذكر بالضبط- عندما حضرت إلى الدوحة للمشاركة في مؤتمر الموسيقى الدولي، بدعوة من رئيس المؤتمر أخي وصديقي الغالي الدكتور حسن رشيد، ومن خلاله أيضا، دعيت من قبل الإذاعة للحديث الشامل عن الموسيقى العراقية خلال القرن العشرين في البرنامج الذي كان من إعداد وتقديم المخرج الإذاعي عبدالسلام جاد الله. فكانت حلقات إذاعية امتدت لثلاثين حلقة سجلتها في يوم واحد. فكان هذا التعاون مثمرا جدا سواء من أخي الدكتور حسن رشيد أو مع الأستاذ عبدالسلام جاد الله. أما في شأن الأغنية القطرية والمغنين القطريين، فإنها أغنية جميلة تحمل سمات التراث الخليجي، من إيقاع خليجي مميز وجميل، ومسار لحني يتلاءم مع الروح الخليجية ممزوجا بالحداثة العصرية. وبالنسبة للمغنين القطريين، فقد كان أول مطرب قطري تعرفت عليه هو المطرب صقر صالح، الذي صادف أن شاركنا معا في مهرجان الأغنية الخليجية الأول الذي عقد في المنامة/البحرين مارس 1980 وكنا قد شاركنا معا أيضاً في نفس الأمسية ليوم 17/3/1980 وما زلت أمتلك صورة نادرة للمطرب صقر صالح التقطتها له وهو على المسرح، ومنذ هذا التاريخ لم ألتقِ به حتى اليوم! على كل حال، فأنا أستمع بين الحين والآخر إلى مجموعة من الأغاني القطرية منها أغنية البارحة وأغنية حسايف لأخي صقر صالح، وقصيدة الشافعي وأغنية يا ناس أحبة لعلي عبدالستار، وأغنية عن قطر لمشاري العرادة، وأغنية أحبك والقمر يشهد لسعد الفهد، وأغنية قطر ما يهون لعيسى الكبيسي، وأغنية بشويش لفهد الكبيسي وغيرها من أغان قطرية جميلة أخرى. هل تتابع مطربي الأغنية السياسية الجدد من قبيل: حمزة نمرة في مصر ورشيد غلام في المغرب؟ - المطربان استمعت إليهما قبل فترة من الزمن، وبقيت أتابعهما، فهما يمتلكان خامة صوتية رائعة جدا في قرارها وجوابها وجمالها، وأتمنى لهما التوفيق الدائم والنجاحات المستمرة، لأنهما بمستوى يمتلكان فيه كل مواصفات الاستمرار والنجاح. شاركتَ أيام الشباب في إحياء حفلات ومسرحيات أيام كنت مدعوا لخدمة الاحتياط العسكرية؟ وفي ارتباط بالموضوع: ما الذي تفتقده العراق برحيل صدام حسين؟ وهل كان خادما للمقام العراقي والفن بشكل عام؟ وهل لك ذكريات خاصة مع هذا الرجل؟ - إن سقوط العراق باحتلاله عسكريا وتدمير بناه التحتية وتشتيت أبنائه وإضعاف اقتصاده... إلخ، الهدف من كل ذلك هو إنهاء الروح القومية والنفس العروبي الذي كان سائدا في العراق والذي كان أمل العرب. تميّز الأغنية القطرية أما في شأن الأغنية القطرية والمغنين القطريين، فإنها أغنية جميلة تحمل سمات التراث الخليجي، من إيقاع خليجي مميز وجميل، ومسار لحني يتلاءم مع الروح الخليجية ممزوجا بالحداثة العصرية. وبالنسبة للمغنين القطريين، فقد كان أول مطرب قطري تعرفت عليه هو المطرب صقر صالح، الذي صادف أن شاركنا معا في مهرجان الأغنية الخليجية الأول الذي عقد في المنامة/البحرين مارس 1980 وكنا قد شاركنا معا أيضاً في نفس الأمسية ليوم 17/3/1980 وما زلت أمتلك صورة نادرة للمطرب صقر صالح التقطتها له وهو على المسرح. ;
مشاركة :