إقبال عالمي يفوق التوقعات على الإصدار ويعكس الثقة بالاقتصاد السعودي و«رؤية 2030»

  • 10/20/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم تخيب أسواق المال العالمية توقعات المسؤولين السعوديين وتقديرات كبريات المؤسسات المالية العالمية، إذ تجاوز الطلب على الإصدارات الثلاثة للسندات الدولية السعودية للآجال 5 و10 و30 عاما، أكثر التوقعات تفاؤلا، ليصل إلى 67 مليار دولار. ومنذ أعلنت الرياض عن نيتها إصدار سندات دولية للمرة الأولى في تاريخها، وحالة من الترقب تسود أسواق المال العالمية، وسط مؤشرات ملموسة عن رغبة شديدة من قبل المستثمرين وصناديق التحوط الدولية للاستثمار في تلك السندات. ولكن ما الذي يجعل السندات السعودية تمتلك تلك الجاذبية الاستثمارية؟ وهل يمثل ذلك بداية لأن تتحول المملكة إلى لاعب رئيس في أسواق المال العالمية كما هو الحال في أسواق النفط؟ وهل تمتلك الرياض مقومات فعلية لذلك؟ وما طبيعة التحديات التي يمكن أن تواجه السندات السعودية عند إصدارها؟ وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر تراجع سعر النفط في الإقبال على سندات الخزينة السعودية؟ وما الدور الذي سيلعبه مستوى التسعير لتلك السندات في تحديد مدى الإقبال عليها؟ عديد من الأسئلة أحاطت بتلك الخطوة السعودية التي اعتبرها عديد من الخبراء والاقتصاديين في المملكة المتحدة، بداية لتطورات اقتصادية نوعية ستشهدها المملكة في الفترة المقبلة. وقالوا، إن عوامل النجاح السعودي في إصدار السندات يعود إلى مزيج من القدرة الاقتصادية السعودية من جانب وحسن التوقيت من جانب آخر، وهو ما تمثل في نجاح الرياض في إثبات قدرة أعلى من عدد من الدول الخليجية المحيطة بها التي سبقتها في مجال إصدار السندات الدولية أخيرا، ما يكشف عن التقييم الحقيقي الإيجابي من قبل المجتمع الدولي للاقتصاد السعودي والثقة في الإصلاحات و”رؤية المملكة 2030”. ويعتقد الخبير المالي في بورصة لندن بيتر اليند أن هناك مجموعة من العوامل التي تجعل السندات السعودية الأكثر جاذبية في الأسوق الدولية حاليا. وقال لـ”الاقتصادية”، أولا النمو الاقتصادي البطيء في البلدان الرأسمالية والصناعية الكبرى، وتراجع معدلات النمو في الاقتصاد الصيني، تدفع بكبار المستثمرين الدوليين للبحث عن قنوات استثمارية جديدة غير مطروقة ومضمونة العائد، وهذا ما تمثله سندات الخزينة السعودية” وأضاف قائلا، “أما بالنسبة للتسعير فمن الواضح أن الرياض رغبة منها في اتباع منهج يعمل على تعظيم المزايا النسبية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، عبر خفض تكلفة الاستدانة من الخارج في الآجال الثلاثة وهي 5 و10 و30 عاما، فإن نطاق التسعير جاء في مصلحة المملكة بشكل ملموس، ولهذا يتوقع أن يشهد الطلب على السندات ذات الآجال الـ5 و10 إقبالا منقطع النظير يتجاوز ما تتوقعه المصادر السعودية والدولية، وخصوصا من قبل المستثمرين الآسيويين وصناديق الاستثمار، وهذا يتفق تماما مع الخطط السعودية بجذب رؤوس الأموال الدولية للاستثمار في المملكة”. الاستشاري المصرفي روجر التون يشير إلى مجموعة أخرى من العوامل التي تؤدي حتما إلى تجاوز الطلب على السندات السعودية التوقعات. وقال لـ “الاقتصادية”، “العامل الأساسي الذي سيؤدي إلى إيجاد طلب فعال كبير على تلك السندات، يعود إلى أنها ترتبط بشكل مباشر بخطة متكاملة للإصلاح الاقتصادي في المملكة والمعروفة بـ”رؤية 2030”، وهذا يرسخ قناعة رجال الأعمال الدوليين والصناديق الاستثمارية بأن عملية طرح السندات السعودية، يأتي ضمن خطة شاملة تعمل على فتح أبواب الاقتصاد السعودي أمام الاستثمارات الدولية، وهذا سيساعد على زيادة الطلب على السندات الدولية خاصة للآجال القصيرة والمتمثلة في السنوات الخمس”. ويستدرك قائلا، “كما أن توقعات كبار المسؤولين في صندوق النقد الدولي إيجابية للغاية بشأن استعادة الاقتصاد السعودي عافيته وارتفاع معدلات النمو خلال العام المقبل، إذ إن سياسة الترشيد الاقتصادي التي اتبعتها الحكومة جاءت بنتائج سريعة، من خلال خفض النفقات لاستعادة التوازن في الميزانية العامة، ومن ثم فإن توقيت طرح السندات جاء موفقا للغاية وفي مصلحة الاقتصاد السعودي”. ويعتقد بعض الخبراء في لندن أن إدراك المستثمرين بتنوع البنية الاقتصادية السعودية، وعدم انحصارها في النفط، وامتلاك المملكة ثروات معدنية لم تستغل بعد، واستهداف الحكومة السعودية تحقيق عوائد اقتصادية غير نفطية تقدر بنحو 100 مليار دولار بحلول 2020، كلها عوامل تعمل على تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار في السندات السعودية في المرحلة الراهنة. وحول طبيعة التحديات التي يمكن أن تواجهها السندات السعودية وقدرة السلطات المالية في المملكة على التعامل معها. تطرح الدكتورة الين توماس استاذة النظم الاستثمارية في جامعة كينت وجهة نظرها بالقول، “ربما تكون السعودية آخر الاقتصادات الناشئة الكبرى التي لم تصدر سندات دولية، وربما أحسنت الرياض في هذا التأخير نسبيا، إذ ارتبط الطرح بعملية إعادة نظر في تحديث ليات العمل الاقتصادي الداخلي، ولكن هذا الطرح للسندات الدولية الذي يتوقع تجاوزه بشكل كبير، سيؤدي حتما إلى انخفاض الفائدة وهو ما يصب أيضا في صالح الاقتصاد السعودي، إذ يعني أن الرياض تقترض ولكن بسعر فائدة منخفض. ومن ثم فإننا الآن أمام خطوة تعد الأولى لسلسلة من الخطوات المقبلة لمزيد من اندماج السعودية في أسواق المال الدولية، ويمكنا القول بدرجة كبيرة من الثقة أن الطرح الراهن ما هو إلا عملية استكشاف أولية من قبل الجانبين السعودي من جهة وأسواق المال وردود فعل كبار المستثمرين والصناديق السيادية من جهة أخرى، ولهذا نجاح تلك العملية ومدى إقبال المستثمرين سيكون المؤشر الرئيس لمزيد من الإصدارات السعودية مستقبلا، وهو ما يعني تدفقات رأسمالية ضخمة على الاقتصاد السعودي، حتى وإن واصلت أسعار النفط انخفاضها، وهذا سيصب في صالح الرؤية العامة لولي ولي العهد بالتحول من الاقتصاد النفطي إلى اقتصاد أكثر تنوعا وحداثة”. ويجزم المحللون أن عوامل النجاح السعودي في إصدار تلك السندات يعود إلى مزيج من القدرة الاقتصادية السعودية من جانب وحسن التوقيت من جانب آخر، وهو ما تمثل في نجاح الرياض في إثبات قدرة أعلى من عدد من الدول الخليجية المحيطة بها التي سبقتها في مجال إصدار السندات الدولية أخيرا، ما يكشف عن التقييم الحقيقي الإيجابي من قبل المجتمع الدولي للاقتصاد السعودي وقال فرانك بروكس الخبير الاستثماري في المجموعة الدولية للاستثمار، “طرح السندات والإقبال الكبير عليها، يكشف عن التقييم الفعلي للمستثمرين لقدرة الاقتصاد السعودي، فعلى سبيل المثال تتقدم قطر على السعودية في التصنيف الائتماني بنحو أربع درجات، ومع هذا فإن قطر لم تفلح في تجاوز حاجز تسعة مليارات دولار عندما طرحت سنداتها الدولية في أيار (مايو) الماضي، وأبوظبي لم تجن سوى خمسة مليارات وسلطنة عمان نحو 4.5 مليار دولار، وهذا يكشف بوضوح أن الأسواق الدولية ترى أن الضغوط الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وعلى الرغم ما أحدثته من فجوة في المدخلات والمخرجات في الميزانية السعودية، إلا أنها لم تنل من متانة الاقتصاد السعودي وثقة المستثمرين الدوليين فيه، وهذا يعطي مؤشرا على استعداد الأسواق لتقبل إصدار جديد من السندات السعودية في القريب العاجل”. ويطالب بعض الخبراء في بورصة لندن بأن تسعى الرياض خلال الإصدارات المقبلة بأن يتم إدراجها في البورصات الدولية، لما لذلك من تأثير إيجابي على الطلب والتسعير في آن. وقال لـ “الاقتصادية” الخبير المالي في بورصة لندن بيتر اليند، “بالطبع يمكن للسعودية طرح السندات من خارج البورصات الدولية أو عبر إدراجها فيها، وبالطبع فإن تعظيم النفع من عمليات طرح سندات الخزينة، يمكن أن يتم عبر منصات دولية لعملية الطرح وفي هذه الحالة ستمثل البورصات العالمية منصة تصب في مصلحة الاقتصاد السعودي وتسهم في تسعير أكثر إيجابية”.

مشاركة :