معركة تحرير الموصل: في وداع أوباما ووداع داعش معا ـ

  • 10/20/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في لقائه الأخير مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي عقد على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أقر الرئيس الأميركي بارك أوباما بصعوبة معركة تحرير الموصل لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم داعش، لكنه استدرك في أنها قد تبدأ "سريعة إلى حد ما". لأقل من أسبوع أو أكثر بقليل، ربما، الوقت الفاصل بين القضاء على التنظيم وطرده من المدينة، كما تشير إلى ذلك التطورات العسكرية على الأرض، وموعد الانتخابات الرئاسية في اليوم الثامن من نوفمبر القادم، وهو الموعد الذي يقرر فيه الناخب الأميركي من سيكون الرئيس القادم. الانتصار العسكري على داعش هو أكثر من دعم لموقف مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون في معركتها الانتخابية ضد دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري المنافس. ربما سيشكل ذلك انتصارا سياسيا للبيت الأبيض ولكنه أيضا سيشكل انتصارا أكبر للديمقراطيين. لا شك أن استعادة الموصل من قبضة التنظيم لها تأثيرها في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث ستبطل تماما دعوة الجمهوريين إلى أن إدارة أوباما قد فشلت في الحرب ضد داعش. بل إن المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب كان قد أضاف لهذه الدعوة اتهامات مباشرة، لم تخل من منكدة في كون داعش يكرّم أوباما بوصفه مؤسس التنظيم، ويزيد كذلك إلى "أن الشريكة في التأسيس هي هذه المحتالة هيلاري كلينتون"، وكان ذلك في إحدى التجمعات الانتخابية في ولاية فلوريدا. عامان من سيطرة داعش على مدينة الموصل، وضمه لثاني أكبر تجمع سكني في العراق بعد بغداد، فيما اقتصرت إدارة رئيس الولايات المتحدة على التعاطي مع أبعاد هذه الأزمة الخطرة ضمن حدود الحذر، عبر تصريحات سياسية منددة أو توجيه ضربات عسكرية متباعدة، لتلحق إلى كل ذلك إرسال العشرات من المستشارين العسكريين. ولكنها، مؤخرا، قررت أن يكون طرد التنظيم والقضاء عليه، قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية، على الرغم من تصريحات سابقة لضباط كبار في البنتاغون بأن توقيت عملية الهجوم على داعش للقضاء عليه وطرده من أكبر معقل له، لا علاقة لهما بالسياسة. الرئيس أوباما قبل أشهر قليلة حسم الأمر، عبر نشره لمستشارين أميركيين وقع ضمهم لكتيبة في وحدات الجيش العراقي التي ستقاتل في الموصل لغرض السيطرة أكثر في إجراءات حسم المعركة وضمان الانتصار فيها، ولكنه في الوقت نفسه يعمل على محاباة الأكراد، أيضا، بالتصعيد على دعم وحدات البيشمركة بالذخيرة والأسلحة الثقيلة لمواجهة مقاتلي داعش. لا شك، في أن القوات العسكرية المشاركة على الأرض في معركة تحرير الموصل، والبالغة أكثر من أربعين ألف مقاتل هي عراقية تماما، فيما انحصر دور التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على شن ضربات جوية مهدت للهجوم. إلا أنه رغم ذلك تبدو إدارة المعركة أوباموية بامتياز، لا فضل للعبادي فيها إلا في حدود إعلانه عن ساعة الصفر لبدء المعركة. ليس لجهة الدعم الذي تلقاه العراق من قبل قوات التحالف، والذي تمثل بضربات الجو والمدفعية والمعلومات الاستخباراتية ووجود المستشارين والمراقبين الجويين، ولكن لجهة ضبط مسارات المعركة، بعد تداخل وتصريحات من جهات مختلفة بدت متناحرة في توجهاتها وتصوراتها القادمة حول إعادة توزيع مكاسب المعركة بعد التحرير، سواء من ميليشيات الحشد الشعبي أو قوات البيشمركة، أو القطعات العسكرية التركية المتواجدة في بعشيقة. ليس بمستطاع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فك اشتباك الوحدات المشاركة في القتال ضد تنظيم داعش، في حال قاتلت بعضها بعضا، لكن أميركا استطاعت أن تحول دون ذلك، وهي تعمل على ذلك حتى هذه اللحظة. لذا نجد غياب أي موقف معارض من ميليشيات الحشد الشعبي في تحييدها عن دورها بالمعركة. على الرغم من تصريحات إيران ووزير خارجية العراق في كونها ستشارك في القتال، إلا أنهم أدركوا الرسالة الأميركية التي صرح بها المبعوث في التحالف "لا تهاون" في حال إصرارهم على الدخول إلى الموصل، عدا أن البعض من القطعات من القوات العراقية قد استجابت بهدوء لشروط قوات البيشمركة بإزالة للأعلام والرايات الشيعية التي ترفعها على مدرعاتها للسماح لها بالعبور إلى جبهة بعشيقة شمال شرقي الموصل. لا أجدني موقنا تماما، بأن معركة استعادة الموصل ستكون طويلة وصعبة، كما صرح بذلك الجنرال الأميركي ستيفن تاونسند قائد عملية "العزم التام" لمكافحة التنظيم، بل سريعة ومفاجئة بنتائجها في إلحاق الهزيمة بداعش. ذلك ما يرغب فيه أوباما من أجل إهداء النصر ومفاجأة ابنة حزبه الديمقراطي المرشحة للرئاسة وناخبيها. وسيمهد بذلك فضاء جيوسياسيا مختلفا يمكن لها خلاله من إدارة تأثيثه كما يتمنى لها الديمقراطيون والجمهوريون على حد السواء. نتاج معركة استعادة الموصل ستتضح أكثر بعد يوم 8 نوفمبر من هذا العام، لجهة توزيع الأدوار والمهمات للقادمين الجدد على المنطقة بعد هذا التاريخ. وستنتهي ولاية أوباما، الرئيس 44 للولايات المتحدة، ولكنها تبدو أيضا نهاية لوجود تنظيم داعش في العراق على الأقل. سيبقى مثل هذا الإرث ولكن في حدود ما تسفر عنه طبيعة التوجهات السياسية القادمة التي تدار من قبل البيت الأبيض في رئاسته القادمة. سعد القصاب كاتب عراقي يقيم في تونس

مشاركة :