دبي:عبير أبو شمالة حذر ستين جاكوبسن، رئيس الخبراء الاقتصاديين ورئيس شؤون المعلومات لدى ساكسو بنك من تغيرات جذرية في المرحلة المقبلة بما قد يكون ركوداً عالمياً خلال 2017، وذلك نتيجة لانتقال محور تركيز البنوك المركزية من برامج التسهيل الكمّي إلى السياسات المالية القائمة على أموال المروحيات النقدية غير المباشرة. قال جاكوبسن الذي قصد بذلك السماح بارتفاع الفائدة في ذات الوقت الذي يتم فيه خفض الفائدة على السندات الحكومية إلى الصفر بما يوفر للحكومات السيولة اللازمة لتمويل النمو، إن الركود المتوقع في 2017 ربما يكون الأقرب لما شهدناه في 2008، لكن مع جلبة أكبر تمتد لفترة من 24 إلى 36 شهراً. لكنه أبدى في الوقت نفسه تفاؤلاً، على أساس إن الوضع لا يمكنه أن يكون أسوأ مما سيشهد العالم في العام المقبل، ما يعد بتحسن في الأوضاع بعد ذلك. التيسير الكمي وقال جاكوبسن في مؤتمر صحفي يوم أمس في دبي إن سياسات التيسير الكمي، وبخاصة الحزمتان الثانية والثالثة، لم تؤت الثمار المتوقعة منها، وأثبتت إخفاقها في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي، ما يجعل خيار المروحية النقدية الأنسب في المرحلة المقبلة، ولفت إلى أن اليابان قررت البدء في تطبيق هذا النظام، وقال إنه وعلى العكس مما قد يتصوره البعض فاليابان هي من يقود السياسات النقدية لا مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وهذا يعني إن دول العالم على الأرجح سوف تتبع نهج اليابان في تطبيق سياسة المروحية النقدية. وتوقع أن تسهم هذه السياسات في حماية القطاع المصرفي على المدى القصير. إلا أنها من جهة أخرى سوف تعني رفع الفائدة أي رفع تكلفة التمويل، وقال إن تكلفة إصدار السندات اليوم ربما تكون أعلى نتيجة لذلك بالنسبة لدول مجلس التعاون، بما يعني إن تكلفة قيام السعودية مثلاً بإصدار سندات جديدة اليوم ستكون أعلى بكثير مما لو كانت قامت بذلك قبل 9 شهور، إلا أنه لفت إلى إن دول المجلس ربما تكون بحاجة لإصدار السندات رغم ذلك في المرحلة المقبلة، ولفت إلى الطلب العالمي على هذه السندات مرتفع. أموال المروحيات وبحسب رؤية جاكوبسن، فإن سعي البنوك المركزية المتزايد لاستخدام أموال المروحيات النقدية غير المباشرة سيؤدي لنشوء تيارات اقتصادية قوية من شأنها التسبب بمزيد من التقلّبات والمخاطر مع تعزيز قوة الدولار. وقال جاكوبسن: يرتفع احتمال تعرّض الاقتصاد الأمريكي للركود بشكل كبير كنتيجة لارتفاع قوة الدولار وعزم بنك الاحتياطي الفيدرالي على زيادة أسعار الفائدة خلال ديسمبر/كانون الأول القادم. وسيكون هذا الركود بمثابة تحدٍ حقيقي لصانعي السياسات، ولعل أسوأ ما في الموضوع أنّه يأتي بالتزامن مع العديد من الانتخابات السياسية الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة. ويضيف: تشير توقعاتنا إلى أن عام 2017 سيشهد تراجعاً في الأسواق الناشئة وفي أسواق النفط والذهب والفضة، مقابل تحسن سعر صرف الدولار الأمريكي. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نشهد ارتفاعاً في مستويات التضخّم والنمو المدفوعين بتحوّل سياسات البنك المركزي الأمريكي من التسهيلات النقدية اللامتناهية نحو اعتماد المروحيات النقدية غير المباشرة، ولكن هذه السياسة ستستمر خلال فترة الركود فقط. آثار واسعة ولا شك أن تعرض أضخم اقتصاد عالمي للركود سيكون له آثار واسعة النطاق، وأبرزها أنّ تراجع أداء الاقتصاد الأمريكي قد يحد من النمو العالمي، وربما قد يفضي حتّى إلى ركود في مختلف أنحاء العالم. وفي سياق حديثه عن الشرق الأوسط، يقول جاكوبسن: شهدت سوق السندات في الشرق الأوسط تدفقات كبيرة، علماً أن معظم الاستثمارات تتمحور حول جني الأرباح عبر أسعار الفائدة الإضافية التي يجنيها المستثمر من خلال بيع سندات أقل ربحية مقابل سندات أكثر ربحية، وهو توجّه قد ينعكس رأساً على عقب إذا ما ارتفعت أسعار الفائدة وأصبحت أكثر جذباً في الولايات المتحدة. أداء قوي لاقتصاد الإمارات أكد جاكوبسن على قوة الأداء الاقتصادي للإمارات التي استفادت من جهود التنوع الاقتصادي المتواصلة على مدى السنوات الماضية. وأضاف: بالنظر إلى العوامل الخارجية التي ستؤثّر في اقتصادات الشرق الأوسط، فإنّني أتوقع أن يكون عام 2017 حافلاً بالتحديات في المنطقة، وأنصح بالتركيز على تنويع المنظومات الاقتصادية وتحقيق توازن أفضل بين أسسها. وقال إن على الإمارات ودول المنطقة باختصار أن تقوم بمبادرات أكثر وبصورة أسرع وبرؤية واضحة لمواجهة المتغيرات العالمية. واقترح الانتقال من التركيز على المشاريع الضخمة إلى تنمية وتطوير المشاريع المتوسطة والصغيرة، وعلى الإنتاجية، ومشاريع المصادر البديلة للطاقة. ولفت من جهة أخرى إلى إن الإمارات تتمتع بمستويات تسعير مناسبة تجعلها في وضع أفضل على مستوى أسواق المال العالمية في حال رغبت في إصدار سندات.
مشاركة :