النسخة: إذا كان لي أن أصف الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بكلمة واحدة فهي أنه صعب. أصعب ما في الجلسات أن بعضها يبدأ في السابعة صباحاً وبعضها ينتهي في نصف الليل، ثم هناك تضارب مواعيد اجتماعات يريد المشارك مثلي أن يحضرها. ولعل مثلاً واحداً يكفي، ففي الساعة الثالثة إلا ربعاً من يوم الجمعة الماضي كانت هناك جلسة عنوانها التغلب على الجمود «الإسرائيلي-الفلسطيني» وفي الوقت نفسه تماماً، وعلى بعد بضعة عشر متراً فقط، جلسة أخرى عن الحلول في الشرق الأوسط بمشاركة ثلاثة وزراء والأخ سعود بارزاني وآخرين. في الجلسة الأولى وجدت أخاً عزيزاً هو منيب المصري في وجه تزيبي ليفني، التي بدأت في الموساد قبل أن تنتقل من حزب إلى حزب. وحاولت أن أتغلب على مقاطعتي إسرائيل والمسؤولين فيها إكراماً لمنيب إلا أنني فشلت وأنا أقرأ أن ليفني وزيرة العدل الإسرائيلية، فذهبت إلى الاجتماع الآخر، لأجد المشاركين يطالبون بانسحاب القوات الأجنبية والإرهابيين من سورية. يعني إذا كانوا جميعاً غير مسؤولين فمن المسؤول؟ القارئ أو أنا؟ إذا لم تتضارب المواعيد فهناك أسباب أخرى للنكد، فقد كنت اخترت حضور جلسة موضوعها إنهاء الرق ووجدت، ويا للهول، أن الجلسة حول مائدة فطور، والموضوع يقتل الشهية والمشاركون يسمعون أن 30 مليون رجل وامرأة وطفل لا يزالون عبيداً في العالم اليوم. ومن قتل الشهية إلى عسر الهضم بعد الغداء والمتحدث هو بنيامين نتانياهو، رئيس وزراء حكومة الفاشست في إسرائيل، الذي دعا إلى الاستثمار في إسرائيل وكاد يزعم أن الإسرائيليين اخترعوا التكنولوجيا الحديثة، ولم يقل إن ما في إسرائيل من تكنولوجيا مسروق من الولايات المتحدة إن إسرائيل نفسها مسروقة من فلسطين. كله «يجيب العصبي» ورئيسة البرازيل ديلما روسيف تحدثت ولم تسكت، وتجاوزت الوقت المحدد لها إلى الاجتماع التالي، وإلى درجة أن رئيس المنتدى البروفسور كلاوس شواب الذي تولى تقديمها إلى المشاركين لم يجد وقتاً للتعليق على الخطاب، أو السماح بتوجيه أسئلة إلى الرئيسة. الرئيس شواب قدّم الرئيس روحاني في جلسة أخرى، وتكلم الرئيس الإيراني كأستاذ جامعي يلقي محاضرة فقد كانت المعلومات نزرة، وخطابه في دافوس ذكرني بخطاب مشابه له في الجمعية العامة للأمم المتحدة. الرئيس روحاني يريد أن تصبح إيران من الدول الاقتصادية العشر الأولى في العالم. وهذا طموح جميل، إلا أنني أعتقد أن حل مشكلات إيران مع بقية العالم يجب أن يسبق كل طموح آخر. سمعت خطاب رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، ووجدته يعرض نظريات عن العولمة، من دون معلومات جديدة مفيدة. وسمعت خطاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري ووجدته ينفي تراجع دور الولايات المتحدة ويسرد نجاحات لم يسمع بها أحد غيره، ويركز على أمن إسرائيل. في الخارج مرّ بنا رئيس وزراء بريطانيا السابق غوردون براون، وهو تحدث مع ناس بقربي يعرف بعضهم، ولعله اعتقد أنني منهم فسألني عن رأيي، وقلت له أنني لبناني وأحمل الجنسية البريطانية، وبما أني أقيم في منطقة تشيلسي من لندن فإنني سأهدر صوتي إذا اخترت مرشح حزب العمال لأن الفائز في منطقتي دائماً من المحافظين. إلا أنني وعدته بأنني لن أصوت للمرشح المحافظ لأنني أجد أن الحكومة التي يقودونها من نوع المحافظين الجدد. هو وافق على كلامي، وحدثني عن نشاط بارز للأمم المتحدة في لبنان لمساعدة اللاجئين السوريين، خصوصاً تعليم الصغار بصفته مبعوث الأمم المتحدة للتعليم حول العالم، وقال لي أنه كان زار لبنان واجتمع مع وزراء ومسؤولين آخرين، وقدم لي تقريراً يشرح جهود الفريق العامل معه. هذا أفضل كثيراً من دوره رئيساً للوزراء. khazen@alhayat.com
مشاركة :