النسخة: أخيراً ألقى باراك أوباما قفاز التحدي في وجه الكونغرس، وخطابه الخامس عن «حالة الاتحاد» كان إعلان استقلال الرئيس عن السلطة التشريعية، وبدء «سنة عمل». وهو وعد، أو أوعد، باستعمال الأوامر التنفيذية لإنجاز «أجندة» وقف النواب والشيوخ الجمهوريون ضدها، وباللجوء إلى الفيتو الرئاسي لوقف قرارات الكونغرس من نوع فرض عقوبات جديدة على إيران. إيران كانت في فقرة واحدة والنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي في فقرة أخرى، إذ يبدو أن أولويات الرئيس أميركية محلية. هل يحقق أوباما الجديد هذه السنة ما قطع على نفسه من وعود في خطابه الجديد عن حالة الاتحاد، بعد فشله الكامل الشامل في تحقيق وعود ضمها خطابه الرابع، فمضت السنة من دون تشديد قوانين حمل السلاح على خلفية مقتل 26 شخصاً في مدرسة نيوتون، ووقف المواجهات المتتالية مع الكونغرس على الموازنة، ورفع الحد الأدنى للأجور، وإصلاح قوانين الهجرة؟ هو سيصدر أمراً تنفيذياً برفع أجور المتعاقدين مع الحكومة من حوالى سبعة دولارات في الساعة إلى حوالى عشرة دولارات، غير أن الحد من حمل السلاح تراجع إلى فقرة واحدة في خطاب استغرق إلقاؤه 65 دقيقة. وفي حين أن الرئيس أعلن أنه سيحمي قانون الرعاية الصحية بالسلطات التي توفرها له الرئاسة، فانه خفف من حدة المواجهة بمدح رئيس مجلس النواب جون بومر وقال إنه يمثل تحقيق «الحلم الأميركي» بالصعود من أصول متواضعة إلى رئاسة الكونغرس. وقد صفق الجمهوريون كثيراً عندما مدح بومر، وكذلك عندما تحدث عن المهاجرين غير الشرعيين فلعلهم يسيرون مع الرئيس في حل مشكلتهم. وكما فعل وزير الخارجية جون كيري في دافوس، فالرئيس أوباما تحدث عن نجاحات لم تحدث بعد استعمال الديبلوماسية مقرونة بالتهديد بتدخل عسكري مع سورية، ومقرونة بالضغط في حال إيران. شخصياً، أتوقع أن يحاول الكونغرس تعطيل عمل الرئيس مرة أخرى هذه السنة، وأحمِّل الأعضاء الجمهوريين في مجلسي الكونغرس المسؤولية كاملة عن التقصير. ثمة عصابة من اليمين المتطرف والمحافظين الجدد وأعضاء آخرين اشتراهم اللوبي تحارب أوباما بكل وسيلة متاحة لها لأنه لا يُبدي ولاء لإسرائيل على حساب بلاده، كما تفعل عصابة الحرب والشر. قانون الإنفاق الأخير ضم 1.1 تريليون دولار ونصَّ على خفض كل بند من الإنفاق بنسبة ثمانية في المئة، إلا أن المساعدة السنوية لإسرائيل وهي 3.1 بليون دولار بقيت كما هي من دون تغيير واللوبي رحب بالتزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل. المشترعون الأميركيون خفضوا المخصصات لأمن الولايات المتحدة وقدموا عليها مخصصات أمن إسرائيل. وإذا لم يكن هذا الموقف خيانة عظمى فأنا لا أعرف ما هو الموقف الذي يُعتَبر خيانة. أوباما يدفع الثمن من شعبيته بين الناخبين، فقبل سنة كان تأييده 50 في المئة، وهو هبط إلى 42 في المئة قبل شهرين، وأظهر آخر استطلاع للرأي العام أن شعبية الرئيس ارتفعت إلى 46 في المئة مقابل 50 في المئة يعارضونه. غير أنني لا أزال أراهن على أن الرئيس سيكون حراً من القيود كافة بعد الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وسنرى في آخر سنتين له في الحكم مواقف وإنجازات تعكس قناعاته ومبادئه وأفكاره وهو حر من القيود. khazen@alhayat.com
مشاركة :