المذيع المصري الذي يعيش في جلباب أبيه

  • 10/21/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ليس جديداً أن يتوارث الأبناء مهن آبائهم، بل ظاهرة تنتشر في كل المجالات، سواء المهن الدنيا أو المناصب الرفيعة. وتبرز تلك الظاهرة في شكل واضح بين مذيعي التلفزيون، لا سيما أن المذيع يكون تحت دائرة الضوء والعين الناقدة للمشاهد، بعضهم دفعت به الموهبة وليس الوراثة فحسب، وآخرون دفعت بهم المحسوبية والمحاباة. قائمة طويلة لأبناء توارثوا مهنة آبائهم كمذيعين، أشهرهم تامر أمين وعلاء بسيوني ابنا الأمين العام الأسبق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون أمين بسيوني، ورانيا حماد ابنة رئيس التلفزيون الأسبق نادية حليم، وهند أبو السعود ابنة فريدة الزمر، وشيرين الشايب ابنة سهير شلبي، ومها حمدي الكنيسي ابنة الإذاعي حمدي الكنيسي، وسارة الهلالي ابنة المذيعة نجاة العسيلي، ونديم إسماعيل ابن ماجدة أبو هيف، وأدهم الكموني ابن فريال صالح، وأحمد البلك ابن حلمي البلك، وداليا ناصر ابنة مهرة راشد، ورغدة ابنة مذيع الأخبار مسعد أبو ليلة. وعمل عمرو الليثي كمذيع في التلفزيون المصري في برنامج اختراق، وهو ابن رئيس قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري سابقاً ممدوح الليثي. غيض من فيض لقائمة لا تتسعها سطور لأنها تتجدد باستمرار ليُضاف آخرون قرروا أن يعيشوا في جلباب آبائهم. عن هذه الظاهرة، تقول المذيعة السابقة في التلفزيون المصري سهير شلبي: «ليس دائماً ابن الوز عوام»، لكن أحياناً حين ينشأ الأبناء في بيئة مفعمة بأجواء المهنة وأبعادها منذ الصغر، يكتسبون مهارات بفعل ذلك ويتولد لديهم حب المهنة والرغبة في مزاولتها، وهذا ما حدث مع ابنتي المذيعة شيرين الشايب، وهي لم تعمل كمذيعة إلا بعدما خضعت واجتازت الاختبارات المؤهلة، واستطاعت أن تكون مذيعة ناجحة ومحبوبة ولها جمهور». وتضيف شلبي: «لا مانع أن يتوارث الأبناء مهنة الآباء، لكن يُشترط امتلاك الموهبة، وهناك نماذج افتقروا الموهبة والكفاءة واعتمدوا على عمل آبائهم في الإعلام ليكون مدخلهم للعمل كمذيعين، لكن لم يصادفهم النجاح أو أحرزوا نجاحاً محدوداً بفعل غياب المعايير المطلوبة». ويروي المذيع تامر أمين تجربته في العمل كمذيع قائلاً: «لم أطمح الى أن أكون مذيعاً يوماً ما، ولم يكن من ضمن خططي، وتقدمت للعمل كمذيع بتشجيع من والدي أمين بسيوني الذي رأى أنني أتمتع بالموهبة والقدرات التي تؤهلني لذلك، على رغم أنني لم أر ذلك في نفسي حتى تقدمت للاختبارات، وبالفعل حظيت بقبول أعضاء اللجنة التي تقوم بالاختبارات واجتزتها بنجاح». ويضيف أمين: «لم يخضع اختياري لشبهة الوساطة، ومن الصعب أن يكون قائماً على مجاملة والدي فقط، لأنني أظهر على الشاشة أمام الجمهور الذي لا يجامل أو يقبل وسيطاً، وأعتبر حب الجمهور وحجم الطلب من القنوات الفضائية والقدرة على الاستمرار في شكل ناجح، المعيار الحقيقي لنجاح المذيع، ودليلاً دامغاً على أن الأمر لم يخضع لمجاملة أو مجرد توريث للمهنة». ويقول الرئيس السابق لقطاع الأخبار إبراهيم الصياد: «رفضت عمل ابنتي شيرين الصياد في التلفزيون المصري على رغم امتلاكها الكفاءة والموهبة، لتعمل في القنوات الخاصة درءاً لاستخدامها كنقطة ضعف تجاهي حيث سأُتهم بالمحاباة واستغلال منصبي». ويضيف الصياد: «أرفض تكريس فكرة العمل العائلي، بخاصة في ماسبيرو، ليس بين المذيعين فقط ولكن على مستوى كل القطاعات، فغالباً يتغيب الجانب المهني حين يتم تعيين الأبناء وهم لا يمتلكون أدوات المهنة على رغم تدريبهم وتأهيلهم عقب الالتحاق بالعمل». ويشير الى أن «العمل في ماسبيرو كان يتم عبر مسابقة عامة متاحة للجميع، ووفق معايير مهنية وتبدل هذا النهج، واكتفوا بالمسابقات الداخلية منذ منتصف الثمانينات، ليس فقط في مهنة المذيع ولكن في كل التخصصات، فانتشر هذا النظام العائلي». ويتابع: «إذا لم يكن المذيع مؤهلاً ويمتلك الموهبة، فإن ذلك يؤدي حتماً إلى تدهور أوضاع العمل في شكل كبير جداً، وقد صدر قرار وزاري في 2011 يقضي بوقف التعيينات في ماسبيرو في محاولة لوقف هذه الظاهرة. في الواقع، يبدو القرار في ظاهره حلاً للمشكلة، لكن باطنه كارثة لأن ماسبيرو يحتاج الى وجوه جديدة وتجديد دمائه، بينما هناك من يُحالون الى التقاعد، وآخرون حصلوا على إجازة للعمل في القنوات الخاصة، فيتم الاستعانة بالعاملين بالداخل. وكنت عضواً في لجنة الاختبار وصادفتني مراراً وجوه من العاملين بالمبنى في وظائف مختلفة يتقدمون للعمل كمذيعين، وعلى رغم أنهم يفشلون لكنهم يعاودون الكرّة مرة أخرى، ما يؤدي إلى غياب تجديد الدماء والوجوه الجديدة». ويقترح الصياد «البحث بين آلاف الخريجين، وأثق بأن بينهم كثراً من الموهوبين لأنني أدرّس الإعلام في بعض الجامعات المصرية وتصادفني عناصر تتمتع بالإبداع والمهنية تحتاج اكتشافها، لكن بعض القرارات المذكورة آنفاً يحول دون ذلك. وينبغي التطوير والاستفادة القصوى من الثروة البشرية، ووضع آليات لمنع المحسوبية والواسطة لأنهما آفة العمل في مصر».

مشاركة :