إفلاس المالية السعودية بين الحقيقة والخيال 2- 2

  • 10/21/2016
  • 00:00
  • 63
  • 0
  • 0
news-picture

في مقال الأمس تحدثت عن بعض التكهنات والتساؤلات والاستفسارات، التي تدور بداخل المجتمع السعودي حول وضع المالية العامة للدولة، في ظل تهاوي أسعار النفط العالمية وإلى غير ذلك من العوامل التي أثرت على مداخيل وموارد الدولة المالية، والتي من بينها على سبيل المثال فاتورة حرب اليمن التي لها أسبابها ومبراراتها المشروعة والسياسية والأمنية ليس فقط على مستوى المملكة فحسب، بل وحتى على مستوى منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خصوصاً؛ وفي هذا المقال سأحاول إثبات أن المالية العامة للدولة لاتزال بخير، وأن ما تواجهه من صعوبات مالية مؤقتة، لا تَعدو كونها تحديات ومتغيرات، تتطلب من الدولة التعامل معها خلال المرحلة المقبلة بذكاء وحكمة وحسن أدارة للموارد الاقتصادية، بما يكفل استمرار مسيرة التنمية الإجتماعية والاقتصادية في المملكة على حدٍ سواء. وقد يبدوا للبعض أن المشهد المالي للمملكة العربية السعودية، قاتماً ومعتماً بعض الشيء وغير واضح، لاسيما في ظل وكما أشرت في المقال السابق تسجيل الدولة لعجز مالي بلغ في العام الماضي 367 مليار ريال سعودي، مع توقع تسجيلها لعجز مالي في هذا العام يبلغ 326.2 مليار ريال سعودي، ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإنه برأيي لاتزال المالية العامة للدولة في وضع مالي جيد ومتماسك، رغم توجه الدولة نحو الاقتراض محلياً ودولياً. وما يؤكد على سلامة الوضع المالي للمملكة أنه وعلى الرغم مما ذكرت من متغيرات وتحديات مالية متعددة تواجه البلاد، إلا أن الحكومة السعودية لاتزال تمتلك لأدوات وسياسات نقدية ومالية، بما في ذلك أصول احتياطية، تُمكنها من تجاوز هذا العارض المالي الصعب والذي هو بإذن الله مؤقت، حيث على سبيل المثال، تمتلك المملكة لأصول إحتياطية متنوعة لاتزال تُعد من بين الأعلى على مستوى العالم، والتي قد تجاوزت قيمتها بنهاية شهر آب (أغسطس) الماضي مبلغ 2.1 تريليون ريال سعودي أو ما يعادل 560 مليار دولار أمريكي، والتي تشتمل على العديد من الأصول والاستثمارات، من بينها الذهب النقدي، ونقد وودائع واستثمارات في أوراق مالية في الخارج. إضافة إلى ما سبق وكما أشار إلي ذلك التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي (MIF) في 30 حزيران (يونيو) الماضي، فإنه يمكن للمملكة التغلب على عجزها المالي، إما بالسحب من رصيد الودائع الحكومية الكبير لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، أو بيع أصول مالية أخرى، أو الاقتراض من مصادر محلية أو خارجية. كما يمكن للمملكة التركيز في المرحلة المقبلة على برامج التخصيص وتعزيز مستوى الشراكات الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، كجزء من الاستجابة على مستوى السياسات المالية والاقتصادية لمواجهة التراجع في أسعار النفط العالمية. أخيراً وليس آخراً، وكما ورد في التقرير المذكور، أنه سيكون للتدابير الرامية إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية في الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار الخاص، وزيادة مشاركة القوة الوطنية العاملة في الاقتصاد، دوراً حاسماً في الحد من تباطؤ النمو المحتمل خلال السنوات القادمة. خلاصة القول، إنه وعلى الرغم من المتغيرات والتحديات المالية التي تمر بها المالية العامة للمملكة العربية السعودية منذ العام الماضي، إلا أن هنالك العديد من الحلول والخيارات المتاحة أمام الحكومة التي يمكن تفعيلها واستخدامها، بغية التغلب على عجوزاتها المالية وتلبية احتياجاتها التمويلية خلال الفترة المقبلة، والتي تمت الإشارة إلى بعضها بالتقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي سالف الذكر، هذا بالإضافة إلى القضاء على الفساد المالي والإداري بأجهزة الدولة.

مشاركة :