النسخة: الورقية - سعودي بعيداً من بيان علماء الدين الـ10 في محافظتي القطيف والأحساء الذي كان منتظراً، إلا أنه جاء في التوقيت المناسب وقبل الوقت الضائع بأيام، وكان مانعاً لدخول المتقاطعين مع أحداث العوامية إلى دوائر التأويل والتفسير والهجوم العام على وجه ومذهب رافض لفكرة البيان من الأساس، حين يحضر من أفراد يحسبون كرموز في الوسط المراد تحويله إلى بركة دماء، واستثماره لأجندات خارجية، فذلك يعني أن المشكلة تتجه للحل لا التعقيد، وأن حبل الفوضى في طريقه ليُقص، بل إن البيان يتحدث باسمنا كفريق واحد أمام من يأمل بأن نكون أكثر من فريق على خريطة واحدة. ربما أتجاوز وأحسب هذا البيان حالاً متزنة من الاستيقاظ الديني والإيمان المطلق، بأن بعض الأمكنة اشتعلت بحماسة صبيان معبئين ممن لا يروق له الهدوء المحلي، فيعمق في أذهان الصبيان أنهم ذاهبون للطريق الصحيح وسيعودون في القريب العاجل بثمار هذا الذهاب، شرط ألا يفارق السلاح أحضانهم، فيما أضعف العقول تؤمن وتسلم أن السلاح لم يكن وسيلة تفاهم أو التقاء، بل إن رفعه يؤكد أن النهايات تذهب للاتجاه الوحيد الحتمي المؤلم، وهو إسقاط الرؤوس التي لا تنطلق من أي غطاء ديني ولا مذهبي ولا سياسي. الصوت المتوازن الهادئ المعتدل يقطع كل مسارح الشكوك، ويطعن التعصب في مقتل. يصافحك وأنت تبحث عن أي لحظة مناسبة للمصافحة، ويدفن الاتهامات المزروعة هنا أو المنثورة هناك، بل ويخرس الأفواه التي تتفوه بها كل ما ساد الصمت في اللحظات التي لا يليق بها الصمت. أعرف أن هناك من سيتناول بيان علماء المذهب الشيعي من بوابة التوقيت المتأخر أو المجيب على التحذيرات الوطنية من دون النظر في المشهد العام، وأن هذا البيان يمثل صوت العقل من منطقة الشغب والصخب. لم تكن هذه المنطقة صوتاً مقلقاً من قبل، لكن هناك من أراد أن تكون هكذا من قبل ويريد أن تصبح بهذه الصورة من بعد، النسيج الوطني لا يقبل المزايدات، والأمن نختلف من قبله، إنما نتفق عليه، وحين يخرج علماء القطيف والأحساء تحت شعار «لا... لرفع السلاح في وجه الدولة»، فهي «لاءٌ» لا تعيش بالنطق وحده، بل تموت إن لم تغذ بالتفاعل واستخدام المنابر المتاحة في ذات المساحة الصادر منها البيان. ما بعد البيان هو الأهم في خريطة العمل وفعالية محتوى البيان، والقادم من الأيام ينتظر عملاً دؤوباً وحاجة ملحة لإيجاد مدخل مضيء لنشر أسطر بالغة الدقة، وضاربة في العمق، وألا يتوقف أثره وتأثيره عند السطر الأخير منه، والاكتفاء بشجاعة التوقيع بالنيابة. علماء الدين ذو قدرة على قلب الطاولات المبعثرة أو غير المنتظمة وإعادتها لوضع طبيعي آمن وواضح ومنظور. علماء الدين يؤثِّرون متى ما أرادوا، وصوتهم مسموع إن كانت النية مدعومة بقوة تحولها لفعل وطني مؤثر، وهذا البيان للوعي، وبيان ضد الانجراف والاحتراب والتحزب الداخلي. هو بيان العقل في التوقيت الذي لم يعد يسمح فيه إلا بتفعيل العقل وتعطيل ما سواه، فشكراً لأنهم تحدثوا، ولكن مهمتهم القادمة هي الأدق والأصعب. alialqassmi@hotmail.com alialqassmi@
مشاركة :