قال خبراء قانونيون إن رفض دونالد ترامب أن يقول ما إذا كان سيقبل نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقرر إجراؤها الشهر المقبل، في حالة خسارته، شيء غير مسبوق ومرعب. وقال خبراء من مختلف ألوان الطيف السياسي إنه رغم أن عدم قبول مرشح الحزب الجمهوري بالهزيمة ليلة الانتخابات من شأنه أن يكون غير معلوم العواقب بالنسبة للديمقراطية الأميركية، فإنه لن يشكل فارقاً، من وجهة نظر قانونية، وفق تقرير نشرته صحيفة البريطانية، الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول 2016. وقال جيمس بوب، المحامي الدستوري المحافظ: "صراحة، طبقاً لنظامنا، فإن اعتراف المهزوم بهزيمته من عدمها ليست بالشيء المهم. إن تصويت المجمع الانتخابي حاسم". وكان دونالد ترامب قد رفض مرتين، في المناظرة الثالثة ليلة الأربعاء، أن يقول ما إذا كان سيقبل الهزيمة لو شعر بأن الانتخابات قد "زُوِّرت" ضده، وهو الأمر الذي بدا مقصوداً من أجل زرع الشك في نزاهة العملية الانتخابية. وكان مدير المناظرة، المذيع بـ"فوكس نيوز"، كريس والاس، قد ألحّ على ترامب قائلاً إن الانتقال السلمي للسلطة مبدأ لطالما حظي بالاحترام في الديمقراطية الأميركية. وقال والاس: "هناك تقليد في هذه البلاد. في الحقيقة، إن واحداً من مفاخر هذه البلاد هو الانتقال السلمي للسلطة. وبغضّ النظر عن قوة الحملة الانتخابية للمرشحين، فإن الخاسر يعترف بالهزيمة لصالح الطرف الفائز مع نهاية الانتخابات". وأجاب المرشح الجمهوري، مستجلباً صيحات الجمهور: "سأنظر في ذلك الأمر حين يأتي أوانه. إلى ذلك الوقت سوف أترككم على شوق". وأجابت مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون: "هذا شيء مروع. إنني أشعر بالهلع من أن مرشحاً لواحد من اثنين من أحزابنا الكبيرة قد يتخذ مثل هذا الموقف". أسئلة جديدة وأثار دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، أسئلة جديدة حول ذلك الأمر، قائلاً أولاً: "سوف أقبل النتيجة بشكل كامل لهذه الانتخابات الرئاسية العظيمة والتاريخية لو فزت". ثم أضاف: "طبعاً سوف أقبل نتيجة انتخابات واضحة، لكنني أحتفظ بحقي في الاعتراض أو رفع دعوى قضائية لو كانت النتيجة مشكوكاً فيها". ولا يبدو أن أقرب المقربين لترامب يشاركونه تحفظه. فقد أصر زميل ترامب في الانتخابات، مايك بينس، ومدير حملته كيليان كونواي، وابنة ترامب، إيفانكا ترامب، على أن الحملة سوف تقبل نتيجة الانتخابات. وطبقاً لنظام المجمع الانتخابي، فإن الأميركيين لا ينتخبون رئيسهم بشكل مباشر. بل يختارون قائمة من الناخبين يتعهدون بالتصويت لصالح مرشح بعينه، ويحتاج المرشح إلى 270 صوتاً في المجمع الانتخابي ليفوز بالانتخابات. ومع أن الفائز عادة ما يتوقع ليلة الانتخابات، إلا أن التصويت الرسمي للمجمع الانتخابي لا يحدث إلا بعد ذلك ببضعة أسابيع. ويحق لدونالد ترامب رفع دعوى قضائية، في تلك الأسابيع قبل تصويت المجمع الانتخابي، للاعتراض على نتيجة الانتخابات أو المطالبة بإعادة فرز الأصوات تحت شروط معينة، لكن فرصه في الفوز بالدعوى تكون ضئيلة ما لم يكن هامش الأصوات قليلاً. وقال ريك هاسن، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا إرفين، الذي يدير مدونة قانون الانتخابات: "يمكن لترامب أن يحاول اللجوء للقضاء، لكنه لو خسر بفارق كبير، فمن غير المرجح أن تقبل دعواه في المحكمة". وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن ترامب يتجه ناحية هزيمة ساحقة. وقال هيسن إن ما يقلقه أكثر من غيره أن تعليقات ترامب، التي وصفها بأنها "مروعة وغير مسبوقة" سوف تؤدي إلى العنف ليلة الانتخابات في حالة عدم فوزه. لم يحتط في كلامه وكتب هيسن على مدونته: "إن ترامب لم يحتط في كلامه. لم يقل مثلاً: طبعاً سوف أقبل النتيجة ما لم يكن الفارق ضئيلاً جداً وكانت هناك إمكانية للاعتراض عليها. لم يقل شيئاً من هذا القبيل. إن هذا يذكرنا بأسلوب موقع بريتبارت"، مشيراً إلى بريتبارت، وهو موقع يميني على شبكة الإنترنت أصبح مؤيداً متحمساً لحملة ترامب. وأضاف: "يجعلني هذا الأمر أقلق من حدوث عنف في الشوارع من قبل مؤيدي ترامب حال خسارته". حاول مؤيدو ترامب، بعد المناظرة، الدفاع عن تعليقاته بالإشارة إلى إعادة فرز الأصوات عام 2000، الذي تلا سباقاً متقارباً جداً بين جورج دبليو بوش وآل غور. لكن خبراء قانونيين رفضوا تلك المقارنة. وقال ريتشارد ريوبن، أستاذ القانون بجامعة ميزوري: "هذا ليس بوش مقابل غور. لقد كانت هناك أسئلة مشروعة حول التصويت بعد الإدلاء بالأصوات. مرت تلك القضية بعملية قانونية وقبل غور برضا قرار المحكمة العليا، على الرغم من كونه مشكلاً". وأضاف ريوبن: "إن هذه محاولة متعمدة لنزع الشرعية عن نتيجة أي قرار لا يؤدي لفوز ترامب، وهذا أمر غير مسبوق في السياسة الأميركية". إن عزوف ترامب عن قبول الهزيمة المحتملة يذكر بجهوده، التي استمرت شهوراً للادعاء بأن نتيجة الانتخابات غير صحيحة، حتى قبل الإدلاء بالأصوات. فقد أشار ترامب هذا الأسبوع إلى احتمالية احتساب أصوات ١,٨ مليون ميت لصالح منافسته، ودعا أنصاره لمراقبة لجان الاقتراع من أجل منع أي حالة تزوير. مثال سابق من الممكن، طبقاً للنظام الأميركي، أن تفوز بالتصويت الشعبي، وتخسر في المجمع الانتخابي، وهو ما حدث، كما ظهر لاحقاً، في انتخابات عام 2000. فقد خسر بوش التصويت الوطني الشعبي لصالح آل غور بنسبة0.51% لكنه فاز في المجمع الانتخابي بـ271 صوتاً مقابل 266 لغور. وبعد أن اعتراف آل غور بالهزيمة مبدئياً لبوش ليلة الانتخابات، وقبل دقائق من اعترافه الرسمي بالهزيمة، شرح غور أن الظروف قد تغيرت وأن يريد الآن أن يغير رأيه. قال له بوش حينها: "هل دعوتني لتسحب اعترافك؟". ورد عليه غور: "لا داعي للوقاحة". توقفت نتيجة الانتخابات على ولاية فلوريدا، حيث كان هامش الفوز ضئيلاً للغاية ما أدى إلى إعادة فرز الأصوات. سعى غور إلى إعادة فرز الأصوات في عدد من المقاطعات وسعى بوش لإيقافه. وفي النهاية عرضت القضية على المحكمة الأميركية العليا، التي صوتت (بواقع 5 أصوات مقابل 4) لإيقاف فرز الأصوات وأعطت بوش نتيجة أصوات فلوريدا. لم يوافق غور على قرار المحكمة لكنه أقر بالنتيجة مع ذلك. واقتبس غور، في خطاب الإقرار بنتيجة الانتخابات الذي ألقاه بعد أيام من تصويت المجمع الانتخابي، ما قاله ستيفن دوغلاس، الذي خسر انتخابات الرئاسة أمام إبراهام لنكولن: "إن المشاعر الحزبية يجب أن تخضع للوطنية. أنا معك سيدي الرئيس، وليباركك الرب". - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على النسخة الأصلية اضغط .
مشاركة :