البانيا تسعى الى القضاء على زراعة الحشيشة في جبالها

  • 10/21/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كرويه (Albanie) (أ ف ب) - تحولت البانيا بفعل ظروفها المناخية والجغرافية المؤاتية اول منتج للحشيشة في اوروبا، غير أن السلطات المحلية تحاول التصدي لهذه الزراعة المنتشرة خصوصا في اوساط الريفيين "اليائسين" الذين يقبلون عليها طمعا بمردودها المادي. في جبال كرويه، يواظب ايلير على زراعة الحشيشة لمساعدته على "الصمود" في بلد يشكل معبرا للكوكايين المهرب من اميركا الجنوبية والهيرويين من افغانستان وتقف جباله الوعرة قلاعا منيعة في وجه محاولات قوات الامن القضاء على هذه الانشطة الممنوعة في البانيا التي تبعد سواحلها اقل من مئة كيلومتر عن ايطاليا والسوق الاوروبي. وفي ظل تحكم شبكات اجرامية بهذه التجارة، يبدي مزارعون تمسكا بانتاج الحشيشة التي يصفها دبلوماسي غربي بأنها "زراعة اليائسين". والحسابات بالنسبة لإيلير البالغ 50 عاما بسيطة: اذ ان قيمة كيلوغرامين من الحشيشة توازي ثمن طن من القمح اي حوالى 700 دولار. وقد زرع ايلير اولى نبتاته قبل عام على ضفاف نهر عند قطعة ارض صخرية خلف منزله يصعب رصدها من المروحيات الايطالية المؤازرة للشرطة الالبانية. ويقول هذا الرجل الذي اضطر بفعل الازمة الى ترك اليونان التي هاجر اليها، لوكالة فرانس برس "لا ارتكب جريمة، اليأس هو الذي دفعني لزرع الحشيشة". وتحت ضغط المجتمع الدولي القلق ازاء الثقل الكبير لتجارة المخدرات في اقتصاد هذا البلد المرشح للانضمام الى الاتحاد الاوروبي، تسعى السلطات الالبانية الى ثني القرويين عن هذه الزراعات عبر القيام بعمليات ضخمة لاتلاف المحاصيل ومصادرتها. - فرار متسرع - ومنذ كانون الثاني/يناير، اجرت الشرطة اكثر من 1252 عملية و"اتلفت اكثر من 2,3 مليون نبتة حشيشة"، بحسب المدير العام للامن العام التن كاتو. وتم توقيف حوالى 250 شخصا في حين لا يزال البحث جاريا عن حوالى مئة آخرين. وتمت تعبئة حوالى 8900 شرطي لهذه الحملة التي اسفرت عن مصادرة اكثر من تسعة اطنان من الحشيشة. وفي مواجهة هذه الحملة، ينكفئ المزارعون الى اراض "يصعب جدا الدخول اليها" وفق التن كاتو. كذلك يعمد هؤلاء الى زراعة نوع هولندي معدل وراثيا. ومع ان هذه الزراعة تتسم بتفاوت ايراداتها، الا انها تتميز بقصر مدة إزهارها اذ ان فترة الحصاد لا تبعد اكثر من شهرين عن الزرع. وبعد رصد الاراضي المزروعة بالحشيشة، يسير الشرطيون لساعات في اراض متعرجة ويستعينون بإشارات مطمورة داخل حقول وعرة. وتقودهم المضخات الموجودة في اسفل الجبل وانابيب الري الى موقع وجود النباتات. وقرب كرويه داخل حقل عند جبل اونور، رصد المزارعون تحرك عناصر الشرطة فهرولوا مسرعين من المكان بدليل تركهم خلفهم عبوة ماء مفتوحة وبعض الخبز والجبن. ويوضح قائد فرقة من عشرة شرطيين لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف اسمه أن هذه الارض "ليس مملوكة لأحد على الورق". وقد قامت الفرقة بانتزاع 250 نبتة حشيشة واحراقها على ان يحدد التحقيق "هوية الجهة المسؤولة" عن استغلال هذه الارض. ويوضح خافير البالغ 82 عاما وهو والد ايلير "نبيع محصولنا للجهات الراغبة بالحصول عليه وما اكثرها". وهو يعتزم القيام بحصاده المقبل خلال اسبوعين في حال عدم تدخل الشرطة لاتلاف محصوله. - ادراك للمشكلة - ويحقق التجار ارباحا طائلة لا مجال لمقارنتها مع ما يتقاضاه مزارعو الحشيشة الذين لا تتخطى ايراداتهم اليومية ما بين 2000 و5000 ليك الباني (16 الى 40 دولارا). وتباع الحشيشة بما بين 200 و300 يورو في البانيا للكيلوغرام الواحد، غير ان السعر يوازي عشرة اضعاف هذا المبلغ في ايطاليا او اليونان. وفي سنة 2014، سيطرت الشرطة على لازارات (جنوب) المعروفة بـ"مملكة الحشيشة". وبحسب تقرير ايطالي، ينتج سنويا 900 طن من الحشيشة بقيمة سوقية تقدر بـ 4,5 مليارات يورو، اي ثلث اجمالي الناتج المحلي. هذه المخدرات تهرب بشكل خاص الى ايطاليا بمشاركة مافيا منطقة بوليا المواجهة لألبانيا. والحجم الكبير لهذه التجارة يدل على تواطؤ جهات عدة. وحاليا، يواجه حوالى عشرين شرطيا اتهامات بالضلوع في هذه الانشطة كذلك يتقاذف المسؤولون السياسيون الاتهامات بالتواطؤ مع مهربي المخدرات. وبالنسبة لليمين، حولت الحكومة الاشتراكية البانيا الى "كولومبيا القارة الاوروبية". غير أن رئيس الوزراء ايدي راما يرد على هذه الاتهامات مذكرا بأن اليمين لم يتصد لمناطق زراعة المخدرات عندما كان في الحكم. كذلك وجه السفير الاميركي في تيرانا دونالد لو اخيرا انتقادات في اتجاهات عدة متحدثا عن "سياسيين استفادوا من صلاتهم مع المهربين" وآخرين "مدانين بالاتجار بالمخدرات" من المحاكم الاوروبية. غير ان حالة وعي بدأت تظهر ازاء هذه الافة. ويؤكد مساعد وزير الداخلية ستيفان سيبا لوكالة فرانس برس "اننا مصممون على ازالة البانيا عن خريطة تهريب المخدرات في اوروبا".

مشاركة :