عادة ما يسترعي انتباه الإعلاميين ما يثار حول الدوري الإنكليزي لكرة القدم وخصوصاً التنافس حامي الوطيس بين الأندية. في الموسم الجاري، لم يخرج الـ «بريمير ليغ» عن هذا الجو، فقد أخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في ما يتعلق بالجزء الفني من اللعبة والملتصق أصلاً بأفكار المدربين واختلاف عقلياتهم التكتيكية. هذه هي المرة الأولى التي اتطرق فيها الى الشق الفني الذي يحظى على اهتمام واسع بين مدربي الدوري الممتاز. ما دفعني الى ذلك هو ما قام به تحديداً مدرب ليفربول، الألماني يورغن كلوب، هذا الموسم، إذ أثار الإعجاب والدهشة في آنٍ معاً. في الموسم الماضي، كنت اراقبه من بعيد، وحالياً اهتم بالتغييرات التي أجراها على فريق كاد مشجعوه أن يستسلموا لليأس. ضخّ كلوب دماء الحيوية في عروق اللاعبين، وأشعل فتيل التحدّي لدى المشجعين، فأصبح عشاق الـ «ريدز» ينتظرون كبار الدوري ليقولوا لهم «نعم لا يزال ليفربول كبير الكبار»، مرددين نشيد النادي «لن تسير وحيداً». ليس منطقياً القول إن كلوب سيحصل على لقب الـ «بريمير ليغ» هذا الموسم، لكن ليس من الطبيعي في المقابل أن ندّعي بأن الفريق لن ينافس على لقب البطولة. قد تكون امكانات «الحمر» أقل من امكانات المنافسين، لكن ليفربول يمتلك مدرباً منح كرة القدم وقتاً كثيراً في الدراسة والتحليل، فمنحته أسرارها التكتيكية، ولذلك تجد أن النقاد والمحللين لا يتجرأون في توقع خسارة ليفربول ضد أي خصم وفي أي ملعب. تجاوز الـ «ريدز» مع كلوب الحواجز النفسية المترتبة على انهيار المنظومة التكتيكية التي كانت إرثاً ثقيلاً تركه المدربون السابقون. لا نعلم السر الذي يجعل الأندية التي يشرف عليها كلوب تقدم كرة جميلة وفق امكانات محدودة، لكن يبدو أن هذا المدرب أكثر من مجرد رجل تكتيكي. فالعامل النفسي الذي يظهر في اصرار اللاعبين على الفوز يجعلنا نتجه نحو الاعجاب بما يفعله كلوب الذي لن «يسير وحيداً» لأن الجماهير تثق بأنه سيعيد لها قريباً ذاك المجد المفقود.