تستمر التهدئة المعلنة في حلب، عاصمة الشمال السوري، من قبل روسيا والنظام السوري لليوم الرابع على التوالي، وتعود معها بعض مظاهر الحياة إلى المدينة. مخالفة لكل التوقعات، تحركت جموع الأهالي إلى شوارع المدينة وساحاتها للتظاهر وتأكيد مطالبهم بإسقاط النظام ورفض تهجيرهم من بيوتهم تحت مسمى «المعابر الإنسانية»، التي بدت خالية تمامًا على شاشات وسائل الإعلام الروسي والسوري. ويتحدث الناشط شهاب أبو بكر، لـ«الشرق الأوسط»، عن مدى تجاوب أهالي حلب مع المبادرة الروسية قائلا: «لم ينخدع الأهالي بتلك المبادرة، فهم يعلمون جيدًا أن الخروج من مدينتهم يعني تهجيرهم بلا عودة إليها». وتابع: «رغم أن الحياة أصبحت مستحيلة هنا بسبب الحصار والقصف المستمر، لكن الناس هنا تعلموا الدرس مما حدث في داريا وغيرها من المدن السورية فاتجهوا للتظاهر بالساحات بدلاً من التوجه لمعابر التهجير القسري». ومع استمرار فتح المعابر من قبل النظام وروسيا لليوم الثاني على التوالي وإحجام الأهالي عنها، تتصاعد وتيرة السجال الإعلامي بين منصات إعلامية مؤيدة للنظام وأخرى معارضة، حيث تتهم وسائل إعلام تابعة للنظام قوات المعارضة في حلب بمنع المدنيين من الخروج إلى المناطق الآمنة وخرق وقف إطلاق النار الذي يدعي النظام التزامه به في المناطق التي خصصها بوصفها «معابر إنسانية». في حين بثّت منصات إعلامية تابعة للمعارضة تسجيلات تظهر خلو مناطق المعابر من أي تواجد للمدنيين مع رصد اشتباكات متقطعة بين قوات المعارضة والنظام في تلك المناطق. وفي ظل استمرار امتناع المدنيين عن الخروج من المعابر «الإنسانية»، حيث لم يسجل عبور أي مدني إلى الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة قوات النظام، تسعى مبادرة مؤلفة من بعض اللجان الأهلية في مناطق سيطرة النظام، لإخراج دفعة من الجرحى والمرضى الذين يعانون أوضاع صحية صعبة، إلى خارج الأحياء الشرقية، حيث بدأت أعمال إزالة السواتر الترابية عن طريق «الكاستيلو» شمال المدينة، تمهيدًا لنقل الجرحى إلى مستشفيات الريف الغربي لحلب. من جهة أخرى، أحصى ناشطون في مدينة حلب أكثر من خمسة خروق لوقف إطلاق النار منذ صباح أمس الخميس في أحياء بستان القصر وسيف الدولة والشيخ سعيد ومساكن هنانو، في حين يعرب بعض الأهالي عن قلقهم من عودة المواجهات العسكرية والقصف بعد انتهاء الهدنة، بالتزامن مع إطلاق تهديدات من مصادر أمنية في حكومة النظام، تتوعد بتصعيد عمليات القصف على المدينة بشكل غير مسبوق. ويتابع أحمد غزال، أحد سكان حي الشعار، باهتمام، الأخبار على هاتفه المحمول، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، خلال لقاء معه: «نتلقى التهديدات يوميًا برسائل نصية تصلنا على جوالاتنا، انجوا بحياتكم.. اخرجوا من المدينة.. الجيش السوري قادم.. هذه نصوص رسائلهم، بالإضافة للمنشورات التحذيرية التي تلقيها الطائرات على المدينة. يريد النظام أن يخبرنا أننا أصبحنا أهدافًا مشروعة لمجرد أننا قررنا البقاء في منازلنا»، وأضاف قائلا: «لا نعرف جدّية النظام بهذه التهديدات لكننا نتوقع تصعيدًا خطيرًا في حلب بعد انتهاء فترة التهدئة». في سياق متصل، تؤكد تقارير محلية ودولية مخاوف أهالي مدينة حلب من تصعيد محتمل قد تشنه روسيا والنظام على أحياء حلب، وتطالب الحليفين بتمديد التهدئة في المدينة ريثما يتم التوصل إلى صيغة تفاهم ترضي جميع الأطراف. ولقد نشرت منظمة العفو الدولية، أول من أمس، الأربعاء، تقريرًا عن قصف قوات النظام وروسيا على حلب خلال الأسبوعين الماضيين، تكشف فيه تعرض 110 مواقع لقصف الطيران الروسي والسوري، حسب صور جوية حديثة لأحياء حلب المحاصرة، وتؤكد المنظمة في تقريرها أن القنابل المستخدمة في القصف على المدينة محظورة بموجب الاتفاقيات الدولية، وتهدف لتفريغ المدينة من الأهالي، وفق تعبيرها.
مشاركة :