يرى خبراء أن انتشار الكنائس الانجيلية في أمريكا اللاتينية يتجسد بازدياد التصويت لليمين المحافظ، مشيرين إلى أن ذلك هو السبب الرئيسي لرفض اتفاق السلام في كولومبيا خلال الاستفتاء الذي جرى في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر. وقال أندرو شيسنت مدير الدراسات الكاثوليكية لجامعة فيرجينيا كومنولث يونيفرسيتي، في الولايات المتحدة لوكالة فرانس برس، إن التأثير الانجيلي المتزايد على السياسة الأمريكية اللاتينية هو واحد من العوامل التي تدفع المنطقة باتجاه اليمين. وتضم أمريكا اللاتينية 40% من الكاثوليك في العالم، لكن الكنائس الانجيلية البروتستانتية ما زالت تجتذب مزيدا من المؤمنين. وفي 2014، ذكر مركز «بيو للدراسات» في واشنطن، أن واحدا من كل عشرة أمريكيين لاتينيين ترعرع في كنيسة بروتستانتية لكن واحدا من كل خمسة يصف نفسه بأنه بروتستانتي. وقال شيسنت، إن الأمريكيين اللاتينيين يجذبهم الجانب الشخصي للعلاقة مع يسوع المسيح، وكذلك الأناشيد وطقوس طرد الأرواح الشريرة التي تمارسها الكنائس الانجيلية الخمسينية «حركة دينية بروتستانتية ظهرت في الولايات المتحدة» بنسبة 70% منها. وأضاف أن الأمر الذي حدث مع أنه لا يصدق، هو أن الكنائس الانجيلية تمكنت خلال مئة عام من أن تصبح أمريكية لاتينية بشكل أفضل مما فعلته الكنيسة الكاثوليكية خلال 500 عام. مسألة اخلاق يتجاوز تأثير هذه الكنائس المجال الروحي ليظهر على الساحة السياسية، وقال الخبير نفسه إنها ضد الاجهاض والزواج بين المثليين وتشريع الماريجوانا، وتؤيد العائلات النموذجية وتوزيع الأدوار بين الجنسين بصورة تقليدية. وتابع أن هذا البرنامج الذي يرتكز إلى القيم المحافظة لعب دورا حاسما في فوز رافضي اتفاق السلام مع المتمردين في كولومبيا في الاستفتاء الذي جرى في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، ويهدف هذا الاتفاق بين الحكومة الكولومبية ومتمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية «فارك» إلى إنهاء نزاع مستمر منذ 52 عاما. وعبر فرناندو جيرالدو الاستاذ والباحث في جامعة كولومبيا الشمالية، في بارانكيا عن الرأي نفسه، وقال إن قرار المسيحيين رفض اتفاق السلام مع متمردي فارك مرتبط بالجانب الأخلاقي. وقال شيسنت، إن المعارضة الانجيلية للاتفاق تنبع من الأفكار نفسها، وربما تفسر بالطريقة نفسها لرفض تشريع الزواج بين المثليين ولغةعقيدة الجنسين. وصرح القس ادغار كاستيانو رئيس الاتحاد الانجيلي لكولومبيا الذي يضم 266 كنيسة نحن مع السلام لكننا لسنا مع الاتفاق. وأوضح هذا القس، أن عشرة ملايين من سكان كولومبيا البالغ عددهم 487 مليونا انجيليون وهناك ستة ملايين ناخب منهم، وأضاف نقدر عدد الذين صوتوا بحوالى أربعة ملايين وبينهم بين 1,5 مليون ومليونين رفضوا الاتفاق. وكان الاتفاق مع المتمردين رفض في الاستفتاء بفارق طفيف يبلغ 55 ألفا و600 صوت لكن نسبة الامتناع عن التصويت كانت قياسية وبلغت 62%، وبعد هذا الرفض اجتمع الرئيس خوان مانويل سانتوس الكاثوليكي، مع المسؤولين المسيحيين لاعادة التفاوض مع المتمردين. تهديد للدولة العلمانية تأثير تصويت الانجيليين في الاستفتاء الكولومبي ليس إلا دليلا جديدا على نفوذ هذه القوة الدينية الجديدة في أمريكا اللاتينية حيث باتت نسبة اتباعها تتجاوز 30% من السكان في هندوراس وغواتيمالا ونيكاراغوا والسلفادور وبوروتوريكو، حسب معهد «بيو». وقال شيسنت، أن هناك مقعدا انجيليا في برلمان البرازيل الذي يضم ثمانين عضوا، وقد لعب دورا أساسيا في إقالة الرئيسة ديلما روسيف في نهاية آب/أغسطس. وفي الأرجنتين، حاول الرئيس الكاثوليكي ماوريسيو ماكري جذب الناخبين وتلقى دعم المبشر ريكاردو مونتانير. وأصوات الانجيليين كانت ضرورية في تشيلي أيضا حيث اتخذت الرئيسة ميشال باتشيليه خلال ولايتها الأولى (2006-2010) عدة اجراءات لمصلحة الانجيليين الذين يشكلون 17% من السكان، بينها إعلان الحادي والثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر يوما وطنيا للكنائس الانجيلية. وكان من أول المؤشرات على تزايد هذا النفوذ في أمريكا اللاتينية، فوز البرتو فوجيموري في البيرو حيث انتخب في 1990 بدعم من هذه الكنائس، وقد اختار نائبا ثانيا له القس كارلوس غارسيا. وحذر شيسنت من أن التحالفات الجديدة بين الانجيليين والكاثوليك المحافظين قد تشكل تهديدا للدولة العلمانية في المستقبل.
مشاركة :