إقالة أم استقالة ؟ سؤال يخيم على المشهد السياسي الجزائري عقب الخطوة المفاجئة، بإعلان عمار سعداني، أمس، رسميا استقالته من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، و جاء هذا الإعلان مباشرة بعد تلاوة التقرير الخاص بالسياسة العام للحزب الذي عقد أمس دورته العادية للجنة المركزية، وتم تكليف عضو المكتب السياسي جمال ولد عباس بإدارة شؤون الحزب مؤقتا حتى موعد إجراء الانتخابات التشريعية في شهر إبريل / نيسان 2017. غضب بوتفليقة على سعداني وإذا كان سعداني برر استقالته بـ أسباب صحية، إلا أن مصادر من داخل قيادة الحزب، نفت أن تكون المبررات الصحية هي السبب الحقيقي وراء استقالة سعداني، بل أرجعتها إلى غضب الرئيس بوتفليقة عليه بعد تصريحاته الأخيرة التي تضمنت اتهامات بالخيانة الوطنية لكل من، رئيس الحكومة وأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني السابق، عبد العزيز بلخادم، و مدير جهاز الاستعلامات وزير الأمن سابقا محمد مدين. وكشفت المصادر أن إقالة وليست استقالة عمار سعداني، ترجع أساسا إلى قناعة الرئيس بوتفليقة، بأن سعداني يعمل لصالح أجنحة محددة تسعى إلى تسريع خلافة بوتفليقة. ويبدو أن ما كشفت عنه المصادر السياسية الجزائرية، القيادية بالحزب الحاكم، هو الأقرب للحقيقة، في أجواء صاحبتها تصريحات تزكي ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وهو أطول رؤساء الجزائر حكماً منذ الاستقلال، حيث حكم الجزائر سبعة رؤساء جمهورية، تفاوتت فترة حكم كل منهم، لكن الرئيس بوتفليقة هو أكثر الرؤساء الذين عمروا في الحكم لفترة 15 سنة. وحطم بوتفليقة الرقم القياسي في رئاسة البلاد بحوالي 15 سنة بينما كان الرئيس هواري بومدين قضى 13 سنة في رئاسة وصل اليها بانقلاب عسكري وتركها حين غيبه الموت (1965-1978 ) ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة والمح الأمين العام الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، أن الحزب العتيد سيرشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية لسنة 2019.. وقال عباس عقب تزكيته في اجتماع الدورة الثالثة العادية للجنة المركزية للحزب، إن القاسم المشترك لمناضلي حزب جبهة التحرير، هو عبد العزيز بوتفليقة، والذي يجمعنا هو عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الذي ساندناه في الحملات الانتخابية لسنوات 1999 و2004 و 2009 و 2014 وان شاء الله في 2019 اذا أطال الله في عمره. بصمة بوتفليقة في الحياة السياسية وبوتفليقة الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ 79 في الثاني من مارس / اذار من أكثر الشخصيات الذين تركوا بصمة في الحياة السياسية الجزائرية، خصوصا وانه يحكم البلاد رغم متاعبه الصحية منذ 1999.ومنذ دخوله المستشفى العسكري في باريس أول مرة في 2005 للعلاج من قرحة في المعدة، أصبح اختفاؤه يثير التساؤلات ويتسبب في انتشار شائعات حول وفاته، كما حدث عند نقله للعلاج في المرة الأخيرة في شهر إبريل/ نيسان 2013 بسبب جلطة دماغية أبعدته عن الجزائر ثلاثة أشهر. وعاد إلى الجزائر على كرسي متحرك ليخضع لفترة نقاهة لم يعلن بعد خروجه منها، رغم ظهوره في التلفزيون الرسمي أثناء إنعقاد مجلس الوزراء أو عند توقيع ميزانية الدولة أو حين استقبال بعض زائريه. وحرص ولد عباس خلال الاجتماع الهام أمس للدورة العادية للجنة المركزية للحزب، على الـتأكيد بأن توحيد صفوف الحزب تعتبر من أولوياته، موجه نداءا لكل المناضلين، خاصة القدامى منهم، قائلا أن أبواب الحزب مفتوحة وهو على استعداد لاستماع كل الأطراف والمناضلين شرط الالتزام ببرنامج الحزب القاضي بدعم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وبرنامجه. التاريخ النضالي لـ جمال ولد عباس يذكر أن خليقة سعداني جمال ولد عباس 82 عاما، مناضل في جبهة التحرير الوطني منذ 1954 وحكمت عليه سلطات الاستعمار الفرنسي بالإعدام غيابيا، وأرسلته جبهة التحرير إلى ألمانيا حيث استفاد من منحة للطلبة ليدرس الطب وتخصص في أمراض الصدر والحساسية ومكافحة داء السل ، أما من الناحية السياسية فقد بدأ بالمجلس الشعبي الولائي لولاية سيدي بلعباس ثم برلمانيا في بداية الثمانينات ليتقلد منصب مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي من 1994 الى 1997. ومنذ اعتلاء الرئيس بوتفليقة للحكم منحه عدة مناصب وزارية لمدة 13 سنة أبرزها التضامن الوطني باعتباره قياديا في الهلال الأحمر الجزائري ثم وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات ليغادر الحكومة سنة 2012. ليعينه بعد ذلك في الثلث الرئاسي بمجلس الأمة. تغييرات جذرية في الحزب الحاكم وتؤكد الدوائر السياسية في الجزائر، أن جبهة التحرير الوطني، سوف تشهد تغييرات جذرية على مستوى القيادة، بالموازاة مع رحيل عمار سعداني، وأن التوجّه إلى التفكير في إنشاء “قيادة جماعية” لتسيير الحزب وتحضيرا للانتخابات التشريعية، وهو الخيار الملائم للفترة “الحرجة” التي يمر بها الأفالان حزب جبهة التحرير الوطني خصوصا وأن “الغريم” حزب التجمع الوطني الديمقراطي يتحرك بقوّة، وعلى هذا الأساس، فإن القيادة الجماعية ستكون مكوّنة من 20 شخصية ثقيلة في الحزب العتيد، وترفق بفتح “مصالحة” بين القيادات تمهيدا لعودة عبد الرحمن بلعياط وعبد الكريم عبادة للحزب عن طريق اللجنة المركزية.
مشاركة :