دفعت الحاجةُ إلى المال قيصرَ روسيا قبل اكثر من قرن من الزمان إلى بيع ألاسكا الى أمريكا لقاء مبلغ (7) ملايين دولار، وقبل عدة أشهر طالبت روسيا باستعادة السيطرة على ألاسكا - التي معظم سكانها من الروس - وفي عام 1925 جرى استفتاء بين سكان ولاية الموصل - احدى الولايات العثمانية قبل تأسيس الدولة العراقية - لتحديد رغبتهم في البقاء مع تركيا أو الانضمام الى العراق وأسفر عن تصويت أهالي الولاية - الذين كان الأكراد يشكلون %73 منهم - للأنضمام الى العراق وتم الحاق ولاية الموصل رسمياً بالعراق، ومع ذلك دلت القرائن والأدلة على إصرار تركيا على تبعية الموصل لها ، وهناك العديد من الأمثلة على التخلي عن الاتفاقيات الدولية والميل الى التراجع عن تلك الاتفاقيات التي تنتهك سيادة البلدان ، ويساور الحكومات والشعوب لاحقاً ميلٌ فطري وهواجس تتطلع باستمرار الى اعادة ما فقدته من أراض وبلدان وولايات ، ومع اقتراب عملية تحرير الموصل من تنظيم (داعش) نجد الأتراك وعلى امتداد الاعوام الماضية لم يخفوا رغبتهم - تلميحاً أو تصريحاً - لاسترجاع واستعادة الموصل كمدينة وولاية تركية عثمانية . ويبدو أن الأوضاع الحالية للتقسيم الجديد التي يدور فيها الحديث بقوة عن تغيير شكل اتفاقية (سايكس- بيكو) ورسم خارطة جديدة للمنطقة زينت لتركيا التحرك وبشكل محموم ومستميت لتحقيق رغبتها تلك وتوغلت عسكرياً لمسافة (٢٨٥) كم في محافظة نينوى وبالقرب من ناحية (بعشيقة) عسكرت قواتها ، وجهزت (٨٠٠٠) مقاتل متطوع من الحشد الوطني السني بقيادة محافظ نينوى السابق (أثيل النجيفي) ، و فتحت تركيا قنصلية لها في الموصل وذلك قبل احتلال (داعش) للموصل بأعوام، وعن طريق القنصلية سهل الاتراك أموراً كثيرة أمام الموصليين في زياراتهم الى تركيا، ويتبين ان فتح القنصلية لاقى ترحيباً لدى الطبقة المتنفذة في الموصل بحيث لم تتعرض طوال سنوات عملها الى أي اعتداء ارهابي، وبلغ النفوذ التركي في الموصل حداً كبيراً ، ومن ابلغ القرائن والادلة على تمسك تركيا بالموصل، امتناعها عن سحب قواتها القريبة منها على الرغم من المطالبات العراقية المتكررة بضرورة مغادرة الجنود الاتراك للعراق. والذين ما زالوا يتواجدون بالقرب من الموصل ودخلوا في اكثر من مناوشة مع مسلحي (داعش) قبل ايام ومن المؤكد انهم سوف يشاركون في عملية تحرير الموصل فقد قال (أثيل النجيفي) ان (القوات التركية ستلعب دوراً أساسياً في تحرير الموصل ، وجرى ذلك دون مطالبة أحدٌ لتركيا بلعب ذلك الدور . وتُشَجِّعُ الاجواءُ والظروفُ الراهنة الأتراك لإلحاق الموصل بتركيا من جديد بعد انفصالها عن الدولة العثمانية لما يزيد عن (90) عاماً، ولا نعدو الحقيقة اذا ذكرنا أن وجهاء الموصل والطبقة المتنفذة كانوا في استفتاء عام 1925 يُؤيدون بقاء الموصل مع تركيا ، لذا فان الاتراك في صرفهم لاكثر من (3) مليارات دولار شهرياً على الحشد الوطني السني واصرارهم على البقاء في نينوى والمشاركة حتماً في تحرير الموصل وضمها فيما بعد إلى تركيا ولا سيَّما بعد اكتشاف ثروات نفطية وغازية هائلةً فيها ، كما أن (البيشمركة) قوة رئيسة ستحرر الموصل، فقد كانت (البيشمركة) وما تزال القوة الوحيدة التي حررت اجزاء واسعة من محافظة نينوى من (داعش) ، وتأسيساً على ماتم ذكره نسطتيع القول ان هنالك خشية وعدم ثقة متبادلة بين المتصارعين على الموصل فالكرد يخشون ان يؤدي استيلاء الاتراك على الموصل وضمها إلى تركيا الى تبدد حلمهم في الاستقلال واقامة الدولة الكردية ولا يغيب ان استقلال كردستان مرفوض لدى الاتراك الأمر الذي سيعقد قضية تحرير الموصل كثيراً، ولاشك انه سيكون للمجتمع الدولي موقفه وكلمته في الصراع المرتقب على الموصل. عبدالله الهدلق المصدر موقع (كتابات) الإلكتروني عبد الغني علي يحي
مشاركة :