الدوحة - قنا: يمثل لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وفخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس دفعة جديدة للعلاقات بين دولة قطر والجمهورية التركية، إذ تعد هذه القمة الأخوية هي الثالثة خلال العام الجاري، الأمر الذي يعكس متانة وقوة هذه العلاقات وتطورها. القمة الأولى لهذا العام كانت في 12 فبراير، حيث بحث سمو الأمير والرئيس التركي آخر تطورات الأحداث في المنطقة والمستجدات على الساحة الدولية وبصفة خاصة الأوضاع في سوريا، كما جرى خلال الاجتماع الذي عقد في قصر يلدز الرئاسي بمدينة إسطنبول استعراض علاقات التعاون الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتنميتها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين لاسيما في الاقتصاد والاستثمار وفي التعاون العسكري. وفي التاسع عشر من يونيو كانت القمة القطرية - التركية الثانية حين قام سموه بزيارة عمل قصيرة إلى تركيا التقى خلالها أخاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبحثا العلاقات الاستراتيجية القائمة بين البلدين الشقيقين، والسبل الكفيلة بتنميتها وتطويرها في شتى المجالات. وجرى خلال اللقاء، الذي عقد بقصر هوبر الرئاسي بمدينة إسطنبول، تبادل وجهات النظر تجاه مجمل القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها فلسطين وسوريا واليمن، وتطورات الأوضاع في ليبيا والعراق، إضافة إلى مناقشة جهود البلدين من أجل مكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة والعالم أجمع. لقاءات أخوية وما بين القمم الثلاث كانت اللقاءات الأخوية بين قطر وتركيا دائمة ومستمرة في المحافل الدولية والإسلامية الكبرى، حيث قام سمو الأمير المفدى بزيارة إلى إسطنبول في 12 أبريل الماضي رئيساً لوفد دولة قطر في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام". ونوه سمو الأمير، في كلمته، إلى أن هذه القمة تنعقد "والعديد من دولنا تواجه تحديات خطيرة تتطلب منا مضاعفة الجهود وتكثيف عملنا المشترك لمواجهتها وبذل الجهد للاستجابة لتطلعات شعوبنا" ومعربا عن ثقته في "أن رئاسة تركيا لهذه القمة ستمثل إضافة بناءة إلى مسار التعاون الإسلامي". وفي التاسع عشر من سبتمبر الماضي التقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أخاه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة حيث ناقشا تطورات الأحداث في المنطقة وتبادلا الآراء حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها الحادية والسبعين بنيويورك. وركز اللقاء الذي عقد بمقر إقامة الرئيس التركي بمدينة نيويورك على الأزمة السورية والمحنة العصيبة التي يمر بها الشعب السوري الشقيق في ظل تعثر الحلول الدولية في وضع حد لمعاناته، حيث أكد الطرفان أهمية بذل المجتمع الدولي المزيد من الجهود لرفع المعاناة اللاإنسانية ووقف الحصار والتهجير القسري الممنهج الذي يمارسه النظام في حق الشعب، وأهمية التوصل إلى حل سياسي شامل ودائم لإنهاء الأزمة في سوريا، وفق قراري مجلس الأمن "2254" و"2268" وبيان جنيف "1" كما استعرض سمو الأمير وفخامة الرئيس التركي العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها. الانقلاب الفاشل وكان لموقف حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى ودعمه للرئيس التركي عظيم الأثر في نفوس الشعب التركي كله، إذ حرص سموه على الاتصال بأخيه الرئيس التركي وهنأه على التفاف الشعب حول قيادته ضد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت في 16 يوليو الماضي. كما أعرب سموه، خلال الاتصال، عن إدانته واستنكاره الشديدين لهذه المحاولة الفاشلة ووقوف دولة قطر، قيادة وشعبا، وتضامنها مع الجمهورية التركية الشقيقة في كافة الإجراءات التي تتخذها لحماية الشرعية الدستورية وتطبيق القانون والحفاظ على أمنها واستقرارها وحماية مكتسبات شعبها. تواصل دائم وعلى مستوى الحكومتين، تميزت العلاقات بالتواصل الدائم والمستمر والحرص على الشراكة الفعالة، وشهد شهر أبريل الماضي التوقيع على اتفاقية تعاون في المجال العسكري وذلك خلال جلسة المباحثات الرسمية بين معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ودولة الدكتور أحمد داود أوغلو رئيس وزراء جمهورية تركيا الشقيقة. قمة العمل الإنساني وفي 23 مايو ترأس معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وفد دولة قطر في الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة العالمية للعمل الإنساني، وذلك بمركز إسطنبول للمؤتمرات كما قام معاليه بزيارة إلى أنقرة في الثامن من سبتمبر اجتمع خلالها مع دولة السيد بن علي يلدريم رئيس وزراء الجمهورية التركية الشقيقة، لاستعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها وآخر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية. كما أثمرت العلاقات الأخوية بين سمو الأمير والرئيس التركي العديد من اتفاقيات التبادل الدبلوماسي والاقتصادي والمالي، فقد دخلت اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول المتبادلة بين البلدين، الموقعة خلال اجتماع اللجنة الاستراتيجية العليا بالدوحة في شهر ديسمبر الماضي حيز التنفيذ في مايو من العام الجاري، وبموجب ذلك يتم إعفاء مواطني قطر وتركيا الذين يحملون جوازات سفر عادية من الحصول على تأشيرة دخول البلدين والبقاء مدة لا تتجاوز 90 يوما من تاريخ الدخول. كما حظي التنسيق الدبلوماسي بين البلدين باحترام المجتمع الدولي خاصة في الاجتماعات التي تتعلق بقضايا المنطقة على المستويات الثنائية أو الإقليمية أو الدولية. الأمنية والعسكرية وشهدت العلاقات الأمنية والعسكرية بين قطر وتركيا تطوراً كبيراً خلال العام الجاري متوجة بزيارات متبادلة لكبار المسؤولين في هذا المجال من البلدين. فقد حرصت القوات المسلحة القطرية على المشاركة في تمرين "افيس 2016" متعدد الجنسيات وذلك في 16 مايو الماضي، وهو التمرين الذي يهدف إلى تدريب القيادات على التخطيط والقيادة والسيطرة وأعمال الأركان بالإضافة للتنسيق بين القوات المسلحة القطرية التي تشارك بعناصر من مختلف الوحدات من ضباط وأفراد وبين والقوات التركية، بالإضافة للتنسيق المشترك مع باقي القوات المشاركة في التمرين. وفي 28 مايو منح مركز دراسات السياسات الاقتصادية الاستراتيجية "تاسام" بجمهورية تركيا، اللواء الركن سند علي النعيمي قائد مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للقوات المسلحة القطرية، جائزة الرؤية الاستراتيجية لعام 2016، كأول شخصية من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتم ترشيحها ومنحها هذه الجائزة وتحظى هذه الجائزة باهتمام كبير داخل تركيا، حيث يحرص رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء على الحضور وتسليم الجوائز. التبادل التجاري وتوضح الأرقام التي ذكرها سعادة السيد لطفي علوان وزير التنمية بجمهورية تركيا، أمام رجال الأعمال القطريين في شهر سبتمبر الماضي حجم التبادل التجاري القائم بين البلدين وما يعنيه هذا الحجم من الاستثمارات المتبادلة على صعيد الشراكة الكاملة بين قطر وتركيا، حيث ذكر الوزير "أن العلاقات التجارية بين البلدين تزداد عمقا عاما بعد عام، وأن ذلك يظهر عند النظر إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل الآن إلى مليار و300 مليون دولار"، وأن "استثمارات الشركات التركية العاملة في قطر يبلغ حجمها نحو 11.6 مليار دولار". وفي مجال البنوك أعلنت مجموعة بنك قطر الوطني (QNB)، في منتصف يونيو الماضي عن اكتمال عملية الاستحواذ على حصة نسبتها 81ر99 بالمائة في "فاينانس بنك" التركي الأمر الذي يمثل خطوة رئيسية ضمن استراتيجية المجموعة للتوسع الخارجي، ومن خلال إضافة السوق التركي كسوق رئيسي للمجموعة بعد الاستحواذ على أحد البنوك الرئيسية العاملة فيه، مما سيمكنها من زيادة الاستفادة من العلاقات الاقتصادية القوية ما بين تركيا ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وبين قطر وتركيا بشكل خاص، كما تعكس الخطوة أيضاً ثقة مجموعة بنك قطر الوطني (QNB) في قوة القطاع المالي والاقتصادي بتركيا. كما تطور التعاون الاقتصادي والتجاري إلى مجال الطاقة وتعزز ذلك التعاون بإعلان شركة قطر لتقنيات الطاقة الشمسية (عضو في مؤسسة قطر) توقيع مذكرة تفاهم مع الشركة التركية لتوليد الكهرباء من أجل تطوير قطاع الطاقة الشمسية في تركيا بهدف الوصول لإنتاج أكثر من 3 جيجاوات من محطات الطاقة الشمسية. هذا بالإضافة إلى عشرات العروض الفنية والفعاليات الثقافية والمعارض القطرية التي تشارك فيها فرق وفنانون من تركيا وتؤصل لفكرة الحفاظ على الهوية الإسلامية المشتركة بين قطر وتركيا في وجه المتغيرات الدولية والثقافية المتلاحقة.
مشاركة :